“التراث والسياحة” العمانية تحتفل باليوم العالمي للمتاحف
تشارك سلطنة عُمان ممثلة بوزارة التراث والسياحة دول العالم غدًا احتفالها باليوم العالمي للمتاحف الذي يصادف الـ 18 من مايو من كل عام، تحت شعار “المتاحف: الاستدامة والرفاهية”.
وتعمل وزارة التراث والسياحة على تفعيل دور المتاحف في سلطنة عُمان في تعزيز المعرفة والعلوم لدى الباحثين والزوار، كونها روافد معرفية مهمة تسهم في تحقيق العديد من البرامج الاستراتيجية للخطة التنموية العاشرة ورؤية “عُمان 2040″، إضافة إلى كونها إحدى الوسائل الهادفة لحفظ التراث الثقافي وضمان استدامته والاستفادة منه في إيجاد فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، والإسهام في تعزيز المحتوى المحلي وتكريس دورها كإحدى الوجهات السياحية التي تسعى الوزارة عبر عدد من المشاريع إلى تطويرها وتحديثها، كما تحظى المتاحف بإقبال من الزوار إذ بلغ عدد زوار المتاحف الحكومية والخاصة وفق إحصاءات عام 2021 نحو 115 ألفًا و255 زائرًا.
ويأتي شعار “المتاحف: الاستدامة والرفاهية” الذي أطلقه المجلس الدولي للمتاحف لاستكشاف وإثبات إمكانات المتاحف بأنحاء العالم، وتأثيرها الإيجابي على المجتمعات، من خلال ثلاثة عناصر هي: قوة الاستدامة لتنفيذ أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وزيادة الوعي بالتحديات البيئية والابتكار في الرقمنة بهدف الاستفادة من التقنيات الحديثة والمتقدمة لتسهيل زيارة المتاحف ومعرفة معلوماتها، وبناء المجتمع من خلال التعليم وتوفير فرص التعلم وتحقيق المساواة بينهم.
وقالت رياء بنت محمد الكندية مدير عام المتاحف بوزارة التراث والسياحة: إن احتفال سلطنة عُمان تزامنًا مع احتفال دول العالم باليوم العالمي للمتاحف الذي أقره المجلس الدولي للمتاحف ICOM منذ عام 1977م، يهدف إلى زيادة الوعي بأهمية المتاحف في التبادل الثقافي وإثراء الثقافات وتنمية التفاهم المتبادل والتعاون بين الشعوب.
وأضافت أن المتاحف تسعى في هذا اليوم إلى تقديم فعاليات وأنشطة إبداعية تتعلق بموضوع الاحتفالية، والتفاعل مع الجمهور لإبراز أهمية دور المتاحف كمؤسسات تخدم المجتمع وتعمل على تنميته، مشيرة إلى أن شعار احتفال هذا العام يؤكد أن جميع المتاحف تقوم بدور في تشكيل وإيجاد مستقبل مستدام، ويمكن للمتاحف القيام بذلك عبر البرامج التعليمية والمعارض، فمنذ عام 2020م، يدعم اليوم العالمي للمتاحف مجموعة من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
الصحة العالمية والرفاهية
وبيّنت مدير عام المتاحف أنه في عام 2023م تقرر التركيز على مجموعة من الأهداف أبرزها “الصحة العالمية والرفاهية” لضمان حياة صحية، وتعزيز الرفاهية للجميع في جميع الأعمار، ولا سيما فيما يتعلق بالصحة العقلية والعزلة الاجتماعية، و”العمل المناخي” لاتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ وآثاره، واعتماد ممارسات منخفضة الكربون في دول المنطقة الشمالية، واستراتيجيات تخفيفه في دول المنطقة الجنوبية، و”الحياة على الأرض” لحماية واستعادة وتعزيز الاستخدام المستدام للنظم الإيكولوجية الأرضية، وإعلاء أصوات قادة الشعوب الأصلية وزيادة الوعي بشأن فقدان التنوع البيولوجي.
وبشأن تأثيرات وجهود وزارة التراث والسياحة خلال فترة جائحة كورونا وخطة التعافي منها وضحت أن الوزارة أعدت خطة لتسريع تعافي قطاع السياحة بعد الجائحة؛ من خلال تحفيز وتمكين السياحة المحلية عبر مشاريع خطة التعافي.
وأكدت أن مديرية المتاحف تعمل على عدد من المشاريع منها ترقية العرض المتحفي لمتحف أرض اللبان لتحقيق الاستدامة للموقع، وتنمية المجتمع المحلي لمواكبة التحديثات الكبيرة في مجال المتاحف، وإبراز هذا التراث بصورة أجمل وأكثر تفاعلًا من خلال تطوير المحتوى الداخلي لقاعات المتحف وإعداد التصاميم وأساليب العرض، وإدخال وسائل تفاعلية جديدة، وتعزيز وترقية المنظومة الأمنية.
كما تعمل الوزارة على تنفيذ مشروع إنشاء قاعات عرض متحفي في عدد من القلاع والحصون لتعظيم الاستفادة من المعالم التاريخية كوجهات سياحية لتعريف الزوار بما تحتويه من مكنونات تاريخية وأثرية، إضافة إلى دعم المتاحف وبيوت التراث الخاصة المتعثرة لتعزيز وجودها على الخارطة السياحية، وكوجهات سياحية جاذبة لضمان استدامة المقتنيات الأثرية والتاريخية في تلك المتاحف من المهددات، ولتعزيز سوق العمل وتفعيل دور المجتمعات المحلية.
متاحف جديدة
وحول أهمية إنشاء متاحف جديدة وتطوير القائمة قالت مدير عام المتاحف: إن الوزارة تقوم بتنفيذ خطة طموحة لبناء النسخة الحديثة من متحف التاريخ الطبيعي الذي تم افتتاحه عام 1985م وذلك بالتعاون مع عدد من المؤسسات الرائدة في هذا المجال، وبما يتواءم مع البرامج الاستراتيجية التي يتم تنفيذها خلال الخطة التنموية العاشرة، حيث يعرض المتحف التراث الجيولوجي والتنوع البيئي، كما سيشكل المتحف عند الانتهاء منه إضافة نوعية في المنطقة وفي منظومة المتاحف بسلطنة عُمان.
كما يأتي مشروع إنشاء متحف التاريخ البحري كأحد المشاريع التي تقوم المديرية حاليًا بتنفيذها ترجمةً للبرامج الاستراتيجية بالخطة التنموية العاشرة لرؤية “عُمان 2040″؛ للتعريف بالتاريخ البحري العُماني من خلال مجموعة من المقتنيات ووسائل التفسير المتحفية، تجسد خبرة العُمانيين ومنجزاتهم في الملاحة البحرية وعلاقات عُمان مع مختلف الدول والمناطق الحضارية على امتداد التاريخ.
ووضحت رياء بنت محمد الكندية مدير عام المتاحف بوزارة التراث والسياحة، أن إنشاء هذا المشروع شهد استضافة عدد من بيوت الخبرة العالمية المتخصصة والمعروفة بتجارب متحفية رائدة، وتم تنظيم عدد من حلقات العمل والاجتماعات واللقاءات مع الخبرات الوطنية.
كما يعد مشروع تأهيل متحف قلعة صُحار الذي تم افتتاحه عام 1992م أحد أبرز المشاريع التطويرية خلال هذه المرحلة، بهدف إبراز تاريخ مدينة صُحار ومعالمها التاريخية وعلاقاتها الحضارية بالعالم، وما اشتهرت به في مجال التجارة والريادة البحرية، وتقوم الوزارة حاليًا بإعداد مخطط لإعادة تأهيل وتطوير المتحف بعد الانتهاء من أعمال ترميم القلعة وتأهيل مرافقها المختلفة.
من جانبه قال معطي بن سالم المعطي المدير العام المساعد للمتاحف بوزارة التراث والسياحة: إن سلطنة عُمان التفتت منذ بداية عصر النهضة المباركة لأهمية النهوض بالمتاحف الذي نتج عنه وجود عدد من البعثات الأثرية في مختلف المواقع، للكشف عن أهم المعثورات الأثرية في سلطنة عُمان؛ بهدف عرضها لاحقًا في منظومة متحفية تتماشى مع التاريخ الثقافي العُماني وبما يضمن استدامتها وفق أفضل الممارسات.
وأضاف أن افتتاح متحف التاريخ الطبيعي عام 1985 خير دليل على هذه المساعي الجادة والجهود الطامحة للسعي منذ وقتٍ مبكر للاستفادة من التراث الثقافي والطبيعي كوجهة سياحية ومعرفية، ترفد العديد من الفرق العلمية والجامعات والمؤسسات البحثية.
وتزخر سلطنة عُمان بالعديد من المتاحف وما تحتويه من كنوز عظيمة، ومن أبرزها متحف “عُمان عبر الزمان” في ولاية منح بمحافظة الداخلية.
ويحكي المتحف تاريخ أرض عُمان منذ أكثر من 800 مليون سنة، وتاريخ الإنسان على هذه الأرض وفق ما أثبتته التقارير والأبحاث العلمية التي نُفِّذت خلال الفترات الزمنية المختلفة، وصولًا إلى عصر النهضة العُمانية المباركة.
المتحف الوطني
ويعد المتحف الوطني أحد أبرز الصروح الثقافية في سلطنة عُمان، والمخصص لإبراز مكنونات التراث الثقافي لعُمان، وأنشئ المتحف بموجب المرسوم السلطاني رقم (62 / 2013)، الصادر بتاريخ (١٦ من محرم سنة ١٤٣٥هـ)، الموافق (٢٠ من نوفمبر سنة ٢٠١٣م).
ويهدف المتحف إلى تحقيق رسالته التعليمية والثقافية والإنسانية، من خلال ترسيخ القيم العُمانية النبيلة، وتفعيل الانتماء، والارتقاء بالوعي العام لدى المواطن، والمقيم، والزائر، من أجل سلطنة عُمان، وتاريخها، وتراثها، وثقافتها، ويتجسد ذلك كله في توزع تجربة العرض المتحفي على (١٤) قاعة، تتضمن أكثر من (٧٠٠٠) من اللقى المميزة والمنتقاة بعناية، و(٣٣) منظومة عرض تفاعلي رقمية.
ويتضمن المتحف الوطني مركزًا للتعلم مجهزًا وفق أعلى المقاييس الدولية، ويحتوي على مرافق للحفظ والصون الوقائي، ومختبرات مجهزة بالكامل، وقاعة عرض صوتية ومرئية بتقنية (UHD)، بالإضافة إلى وجود منظومة المخازن المفتوحة.
كما يعد أول متحف بالشرق الأوسط يوظف منظومة “برايل” باللغة العربية، بالإضافة إلى وجود منظومة المخازن المفتوحة.
متحف أرض اللبان
أما متحف أرض اللبان الذي يقع بمتنزه البليد الأثري بمحافظة ظفار والذي افتُتِح رسميًّا في 23 يوليو 2007م، فيشمل حاليًا إطلالة شاملة على تاريخ عُمان العريق عبر العصور المختلفة، ويتكوّن من قاعتي عرض: القاعة البحرية وقاعة التاريخ.
وتتكون /قاعة التاريخ/ من ستة أقسام هي: جغرافية عُمان وتضاريسها، وعُمان في الأزمنة القديمة، وأرض اللبان، وإسلام أهل عُمان، وملامح من التاريخ العُماني، وقسم المعارض المؤقتة، فيما تضم /القاعة البحرية/ سبعة أقسام وهي: التراث البحري، والبحر، وبناء القوارب والسفن الشراعية، والإبحار، والتجارة، وواقع البحر الافتراضي، ونهضة عُمان الحديثة.
ويعرض المتحف عددًا من المكتشفات الأثرية ومجسمات السفن والقلاع والحصون والأفلاج والرسوم والصور واللوحات والمخطوطات والوسائط الإيضاحية المتعددة والأفلام.
كما يأتي افتتاح مركز فتح الخير بولاية صور في نوفمبر 2021م لإبراز مكونات وأهمية التراث الثقافي العُماني والموروث البحري بمدينة صور بوجه خاص، وتعزيز الوعي العام لدى الزائر والمقيم.
ويحتوي المركز على خمس قاعات للعرض واستقبال الزوار؛ حيث تعرض القاعة الأولى مقدمة عن ولاية صور، وتعرض القاعة الثانية التراث البحري، فيما تعرض القاعة الثالثة كل ما يخص سفينة فتح الخير (آخر غنجة في سلطنة عُمان)، فيما خُصِّصت القاعة الرابعة لعرض مقتنيات البيت الصوري والأزياء والتراث الثقافي غير المادي، فيما خُصِّصت القاعة الخامسة (قاعة السندباد) لتوفير بيئة تعليمية للأطفال وتنظيم ورش تعليمية لهم، بالإضافة إلى عرض بعض النماذج المصغرة للمقتنيات الموجودة داخل المتحف حيث يمكن للأطفال التفاعل معها وإعادة تركيبها، كما يوجد بالساحة الخارجية للمركز سفينة فتح الخير، إلى جانب قوارب عُمانية أخرى.
متحف التاريخ الطبيعي
ويعد متحف التاريخ الطبيعي أحد أهم المتاحف العُمانية، ويضم معروضات تمثل مختلف جوانب الحياة منذ ظهورها بأشكالها المختلفة على أرض عُمان.
ومن المعروضات النادرة بالمتحف بقايا لشجرة متحجرة عُثر عليها في منطقة الحقف يعود تاريخها إلى ما قبل 260 مليون سنة، إضافة إلى بقايا مرجان متحجر يعود تاريخه إلى نحو 270 مليون سنة عُثر عليه في وادي السحتن بولاية الرستاق، وبقايا لفك أسنان يعود لأحد أنواع القردة.
كما يحوي المتحف بعض جوانب الحياة لمختلف الزواحف، وأنواع الفراشات بألوانها الجميلة، وكذلك الكائنات الحية الأخرى التي تعيش في براري السلطنة، والكثير من بقايا الأشجار والعظام المتحجرة.
ويوجد بمتحف التاريخ الطبيعي قاعة الحوت التي تعرض هيكلًا عظميًّا لحوت العنبر بطول 14 مترًا، وهياكل عظمية وجماجم لبعض أنواع الحيتان، وتكمن أهمية هذه القاعة في إمكان التعرف على أنواع الحيتان الموجودة في قيعان البحر وأحجامها المختلفة.
المتحـف العُماني الفرنسي
أما المتحـف العُماني الفرنسي الذي يقع على مقربة من قصر العلم العامر بولاية مطرح في محافظة مسقط، فهو مقام في أحد المنازل الأثرية ويبلغ عمره أكثر من 170 سنة، إذ قام السلطان فيصل بن تركي بإهداء هذا البيت لأول قنصل فرنسي في مسقط؛ ليكون مقرًّا للقنصلية الفرنسية، وذلك في عام 1896م.
ويتكون المتحف من 7 قاعات، تضم بين جنباتها معروضات مختلفة، مثل: الوثائق التاريخية التي تخلّد العلاقات التجارية بين سلطنة عُمان وجمهورية فرنسا، ومجموعة قيمة من الطوابع البريدية، وأزياء ومجوهرات تقليدية للمدن الساحلية العُمانية كمسقط وصلالة وصور وولايات محافظتي شمال وجنوب الباطنة، إلى جانب أزياء فرنسية من مدينتي مرسيليا ولوريان اللتين كان لهما مع مسقط مبادلات تجارية عديدة.
كما يُعرَض في المتحف بعض الصور عن المشاهد اليومية في مسقط خلال الخمسينات من القرن الماضي، ومشاهد من الحياة اليومية في بريتاني الفرنسية خلال الفترة 1910 – 1912م، كما تنفّذ الوزارة في المرحلة الحالية ضمن خطتها لتطوير العرض المتحفي لعدد من المتاحف، عددًا من برامج الصيانة والتطوير للمتحف، وفق أفضل الممارسات العالمية.
من جانب آخر، يأتي متحف القوات المسلحة – الذي افتُتِح رسميًّا في 11 ديسمبر 1988م بقلعة بيت الفلج التي تم ترميمها وتجديدها في عهد النهضة العُمانية الحديثة – مطلًّا على تاريخ عُمان العسكري عبر مراحله المختلفة منذ فترة ما قبل الإسلام إلى عصر النهضة.
حيث تحتوي قاعات المتحف أسلحة وصورًا ووثائق تاريخية تنقل الزائر إلى تلك العصور؛ ليطّلع على قصص الانتصارات والأحداث العسكرية التي تحكيها كل قاعة من قاعات المتحف، كما سيلاحظ الزائر التطور الكبير الذي شهدته العسكرية العُمانية بعد عام 1970م.
كما يشتمل المتحف على معرض خارجي يحوي الكثير من المعدات الحربية التي استُخدِمت سابقًا في قوات السلطان المسلحة، مثل: المركبات والدبابات والطائرات والسفن.
جوانب عسكرية مضيئة
ويضم المتحف أيضًا مجموعة مهمة من المعروضات التي تحكي جوانب عسكرية مضيئة من التاريخ العُماني المجيد لمراحل مختلفة منذ ما قبل الإسلام وحتى التاريخ المعاصر من بينها الأسلحة التقليدية والأسلحة الحديثة وبعض الوثائق والمخطوطات، وملابس، وآليات، وأنظمة دفاعية، تعرض بالكلمة والصورة مسيرة القوات المسلحة العُمانية عبر التاريخ.