في ذكرى ميلاده..نور الشريف “دليل” الشباب الذي لا ينطفئ وهجه
بالرغم من مرور ثمان سنوات على الرحيل، لكن يظل غياب النجم الراحل نور الشريف مؤثرًا لدى جمهوره ومحبيه، يبقى هو النجم صاحب التأثير الأكبر لقطاع كبير من الشباب الذين لا يزالون يتفاعلون مع أعماله بنشر مقاطع منها عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي أو بتداول مقاطع من محاضرات سابقة له عن فن التمثيل وأدوات الممثل.
والواقع أنه بين هذا وذاك، يتأكد يومًا بعد الآخر أن نور الشريف الذي تمر ذكرى ميلاده السابعة والسبعون اليوم الجمعة “28 أبريل” واحدًا من أصحاب التأثير القليلين مع الشباب وهي حالة نادرة لم تحدث مع نجوم كثر رحلوا قبلوا بسنوات طويلة أو آخرين لا يزالون أحياء على قيد الحياة.
التأثير الذي ترك الراحل بوفاته لا يمكن حصره في فكرة دعمه للشباب فقط سواء على مستوى الوجوه الجديدة التي صعدت معه في أعماله الدرامية التلفزيونية أو حتى على صعيد شركته الإنتاجية التي كان يدعم بها مشروعات شباب معهد السينما، ولكن التأثير الأعظم يبقى في تجربته الفنية كاملة ومنهجه الذي أتخذه على عاتقه طيلة رحلته الفنية.
نور الشريف اسم شعاره هو الصدق الذي لازمه منذ بداية الرحلة، ففي الوقت الذي كان يبحث فيه أبناء جيله عن الظهور مع نجمات كبار مما نسميهم بـ “نجمات الزمن الجميل” ليقترن اسمه بجوارهم فيحقق شهرة زائفة مثل البعض، كان هو يبحث عن “الكاركتر” فهو بالنسبة له ليس مجرد دور يلعبه على الشاشة أو مجرد عمل معلب في أرشيفه لكنه حياة يعيشها مع الشخصية حتى يمنحها “نبضًا خاصًا” فكم من شخصيات كتبت بعناية من صناعها لكنها لا تنبض.
بالعودة للتأثير الذي تركه الراحل، فإن نور الشريف نجح في تأسيس علاقة استثنائية مع آباء هذا الجيل “هؤلاء الشباب المتأثرون بحديثه عن الفن”، يعود ذلك لمقاربته لكثير من النماذج الواقعية والتي مثلت قطاعات كبيرة من فئات المجتمع المصري في حقبة الثمانينات، ما بين قراءات قدمها بأعماله ترصد نتائج فترة الانفتاح مثل أفلام: أهل القمة، زمن حاتم زهران أو تلك التي تمثل مرحلة السينما الواقعية والتي كانت شراكة بينه وبين المخرج الراحل عاطف الطيب واستحوذ بها على عقل وقلب “الآباء” في تلك المرحلة، ومن هذه الأعمال: سواق الأتوبيس، كتيبة الإعدام، دماء على الأسفلت، قلب الليل، ليلة ساخنة.
هنا أصبح تأثير نور الشريف متوارثا من جيل لآخر، وزاد هذا التأثير بعد أن حفر اسمه كواحد من نجوم دراما الماراثون الرمضاني في كل عام، ليشكل مرحلة أخرى من التأثير بأدواره التي لعبها بشخصيات مختلفة وقدم فيها دور الأب في مواقع وأزمنة وعصور مختلفة، وما بين أيضًا الدراما الاجتماعية والتاريخية والدينية.
بجانب الصدق الذي كان شعارًا في رحلة الراحل، هناك عامل آخر زاد من قوة تأثير نور الشريف في أجيال عدة يتمثل في “الشغف”، هذا الشغف الذي قاده ليكون مختلفًا دائمًا فلم يكن يقدم أدواره بكونها “كاركترات” يلعبها بل بكونها تجربة لمرحلة تكشف عن وعيه الثقافي والاجتماعي والتاريخي والسياسي، لذلك يشعر المشاهد بشغفه في جميع تفاصيله وحركة جسده وأدائه حتى في صمته.
ويتوازى مع الشغف والصدق، أهم ما كان يؤكد عليه الراحل في رحلته ، “الإخلاص والولاء” لهذه المهنة، حتى وإن كان ذلك لن يربحه أموالًا، فحب الراحل للمهنة وعشقه لها جعله يستثمر فيها بإنتاجه عددا من الأعمال التي لربما لم تحقق له المكسب المستحق والمنتظر لكنها كانت تمثل ثروة كبيرة له يحب أن يتركها لتلاميذه وجمهوره.
لا يمكن أن تتوازى تجربة نور الشريف مع أي نجم آخر، ولن يحصد أحد ذلك التأثير العظيم الذي كان وسيظل متوارثًا لأجيال مضت وأخرى قادمة سيكون هو بالنسبة لها “الدليل” وما أعظم أن يكون اسم نور الشريف هو الدليل.