شركات الطيران تعود للربحية بعد سنوات من نزيف المليارات
قبل عام، كانت العديد من شركات الطيران تعاني من نقص في السيولة حيث كانت ردة فعل بعض البلدان بطيئة في إزالتها لقيود السفر المتعلقة بفيروس كورونا. أما الآن، ومع فتح الحدود بالكامل، تحقق بعض شركات النقل هذه أرباحًا كبيرة.
وقالت مجموعة الخطوط الجوية الدولية الموحدة المالكة للخطوط الجوية البريطانية يوم الجمعة إنها بدأت بتحقيق الأرباح العام الماضي للمرة الأولى منذ بدء الوباء. وسجلت شركة الخطوط الجوية السنغافورية في وقت سابق من هذا الشهر أرباحًا صافية قياسية للأشهر التسعة المنتهية في ديسمبر، وسجلت خطوط كانتاس الأسترالية هذا الأسبوع أرباحًا قياسية قبل الضريبة عن آخر نصف عام لها.
وقال آلان جويس الرئيس التنفيذي لشركة كانتاس: “هذا تحول كبير بالنظر إلى الخسائر الهائلة التي كنا نواجهها قبل 12 شهرًا فقط”.
وقال محللون إن النتائج مدفوعة بمزيج من الطلب المكبوت من المستهلكين الراغبين بالسفر بعد أن أعاقتهم القيود المتعلقة بفيروس كورونا، بالإضافة إلى إجراءات خفض التكاليف التي اتخذتها بعض شركات الطيران خلال فترة الوباء، كما حصلت شركات الطيران في العديد من البلدان أيضًا على دفعة كبيرة من الأموال الحكومية.
وكان أحد أهم العوامل في العودة إلى الربحية هو عدم ممانعة المستهلكين في دفع أسعار تذاكر سفر عالية الكلفة. إذ لا تزال شركات الطيران تكافح لتعيين موظفين وزيادة حركة الطائرات، مما يحد من المعروض من المقاعد والرحلات ويرفع الأسعار.
كما أن شركات الصيانة المكتظة، وشركات تأجير الطائرات، ونقص قطع الغيار وتأخير الطائرات الجديدة من كل من شركتي إيرباص وبوينغ، هي عوامل تعيق شركات الطيران.
وقال كاميرون ماكدونالد، رئيس الأبحاث في شركة الاستثمار E&P في أستراليا: “لم تكن هناك قدرة كافية لسد الطلب”. “الطريقة الوحيدة التي تمكّن من التحكم في هذا الطلب هي التسعير، وسنرى أسعارًا عالية جدًا جدًا للرحلات الجوية.”
العديد من هذه المشكلات، مثل نقص العمالة، كانت تلعب دورًا في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا الصيف الماضي، حيث أبلغت العديد من شركات الطيران عن أرباح لكنها قررت تقليص جداول الرحلات في محاولة للتركيز على الموثوقية. وفي أماكن مثل لندن وأمستردام وفرانكفورت، فرضت المطارات قيودًا إلزامية على أعداد الركاب اليومية للحد من التعطيل والإلغاء.
وحصدت شركة دلتا إيرلاينز إيرادات أعلى في العام الماضي مما كانت عليه في عام 2019 بسبب الطلب القوي، في حين قالت شركة أميركان إيرلاينز غروب إن إيراداتها في الربع الرابع كانت الأعلى في تاريخ الشركة.
قال روبرت إيسوم، الرئيس التنفيذي لشركة أمريكان إيرلاينز، للمستثمرين الشهر الماضي: “من الجدير بالذكر أننا حققنا هذه الإيرادات القياسية مع انخفاض سعة الطيران بنسبة 6.1% عما حققناه في الربع الأخير من عام 2019”.
في أوروبا، قالت مجموعة الخطوط الجوية الدولية IAG، التي تمتلك أيضًا شركات طيران من بينها “إير لينغس” (Aer Lingus) في أيرلندا و”أيبيريا” (Iberia) ومقرها مدريد، يوم الجمعة إن إيراداتها ارتفعت بنسبة 173% العام الماضي مع ارتفاع أرباح التشغيل بمقدار 4.2 مليار يورو، أو حوالي 4.45 مليار دولار.
وقالت الشركة يوم الخميس إنها ستشتري الحصة المتبقية البالغة 80% من شركة طيران أوروبا Air Europa مقابل 400 مليون يورو، وقال لويس غاليغو، الرئيس التنفيذي لشركة IAG يوم الجمعة: “هذا هو أول عام كامل نعود فيه إلى الربحية منذ بداية الوباء”، مضيفًا أن الشركة تتوقع قفزة أخرى في الأرباح هذا العام.
وأصبحت مقاعد الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال ممتلئة أكثر مما كانت عليه قبل انتشار جائحة كورونا، على الرغم من الانتعاش المتأخر في شركات السفر، وفقًا لما ذكره بنجامين سميث، الرئيس التنفيذي لمجموعة “إير فرانس” Air France-KLM Group.
أما في آسيا والمحيط الهادئ، فتخلفت شركات الطيران عن هذا الانتعاش، وكان أحد الأسباب هو إبقاء الصين حدودها مغلقة في الغالب حتى وقت قريب بعد أن رفعت قيود كورونا الصارمة. ومن الأمثلة الأخرى اعتماد بعض شركات الطيران على المسارات الدولية، مقارنة بأماكن مثل الولايات المتحدة، حيث تم تعزيز شركات الطيران بالسفر المحلي الذي لم يتأثر بإغلاق الحدود الدولية.
وبلغ حجم حركة المسافرين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ العام الماضي 52% فقط من مستويات ما قبل كوفيد، مقارنة بـ 72% على مستوى العالم، وفقًا لمجلس المطارات الدولي، الذي يمثل المطارات العالمية. وتتوقع المجموعة ارتفاع حركة الطيران في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مع توقع انتعاش لعام كامل والعودة إلى مستويات 2019 بحلول نهاية عام 2024.
وتعززت شركة كانتاس بالسوق المحلي الأسترالي القوي والمربح – فالمسافات الكبيرة بين المدن الكبرى تجعل السفر الجوي خيارًا مفضلًا للكثيرين. بعض من تحولها الأخير ينبع من برنامج خفض التكاليف الذي تضمن تسريح آلاف العمال، والاستعانة بمصادر خارجية للمناولة الأرضية وتأجيل تسليم طائرات جديدة. وخلال الوباء، تلقت كانتاس أيضًا دعمًا من الحكومة الأسترالية.
وقال الاتحاد الدولي للنقل الجوي في ديسمبر / كانون الأول إنه على الرغم من الأرباح الأخيرة لبعض شركات النقل، فمن المتوقع أن تتكبد شركات الطيران في آسيا بشكل عام خسارة بقيمة 6.6 مليار دولار في عام 2023. تشمل هذه الأرقام شركات الطيران الصينية التي كان من المتوقع أن يتضرر أداؤها بسبب سياسات الصين الخاصة بفايروس كورونا.
وعلى الرغم من أن حدود الصين مفتوحة الآن، إلا أن الطلب المكبوت على السفر الجوي الدولي من الصين قد يستغرق بعض الوقت حتى يتعافى. وسجلت شركة طيران هونغ كونغ الرائدة، كاثي باسيفيك إيرويز ليمتد، سلسلة من الخسائر منذ بداية الوباء ولا تتوقع انتعاشًا كاملاً حتى نهاية عام 2024.
وقال آندي كرونين، الرئيس التنفيذي لشركة أفولون الأيرلندية لتأجير الطائرات Avolon Holdings Ltd، أحد أكبر المؤجرين في العالم، الشهر الماضي إنه يتوقع أن يؤدي تخفيف القيود في الصين، التي تمثل حوالي 40% من إجمالي حركة المرور في آسيا، إلى انتعاش السفر الجوي بالكامل إلى مستويات 2019 بحلول منتصف هذا العام.