دراسة: غياب الوعي والعلم وراء انتشار السرطان في إفريقيا
كشفت دراسة طبية حديثة أن قلة المعرفة بين سكان القارة السمراء لاسيما في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء ونقص المعدات الحديثة من بين أبرز التحديات التي يواجهها المتخصصون في تشخيص وعلاج مرض السرطان في أجزاء كثيرة من القارة الإفريقية (باستثناء شمال وجنوب القارة).
ورصدت الدراسة، التي أعدتها مؤسسات بحثية إفريقية ونشرتها صحف تنزانية بارزة، ارتفاع معدلات الإصابة بالمرض خلال السنوات الأخيرة، واستشهدت بقول ليليان جاسبر أخصائية أورام في مركز “كليمنجارو كريستيان الطبي”، في موشي عاصمة إقليم كليمنجارو بتنزانيا، بأنها تستقبل أعدادا أكبر من المرضى هذه الأيام مقارنة بالسنوات السابقة.
وقالت جاسبر: “رغم ارتفاع عدد المرضى، فإن قلة منهم يعرفون حقًا طبيعة مرض السرطان”، وهو ما دفعها إلى زيارة القرى النائية على أمل تثقيف المزيد من الناس حول أعراض أنواع مرض السرطان المختلفة، ومساعدتهم على اكتشافه مبكرا.
وأضافت: “نعرض على النساء تقنيات لفحص أثدائهن ونقدم الاستشارات في عياداتنا المتنقلة.. ونسعى دائما لتقديم التطعيمات للفتيات الصغيرات ضد سرطان عنق الرحم”.
من جانبه، قال الطبيب الألماني أوليفر هينكه، الذي ساعد في إنشاء جناح السرطان الجديد بمركز “كليمنجارو كريستيان الطبي” عام 2016، “إن العثور على أخصائي سرطان في أي مكان في إفريقيا قد يكون أمرًا صعبًا.. وإذا استثنينا دول شمال إفريقيا وجنوب إفريقيا، فإن بقية الدول الإفريقية ستعاني من إحساس عام بضعف التغطية من حيث المتخصصين والموظفين”.
وأوضح أن في تنزانيا على سبيل المثال؛ وهي دولة يزيد عدد سكانها على 60 مليون نسمة؛ يقل عدد الأطباء المتخصصين في مجال الأورام السرطانية عن 20 طبيبا، بالإضافة إلى ذلك، هناك 3 مستشفيات فقط تقدم علاجا للسرطان، اثنان منها فقط مجهزان بمُعدات العلاج الإشعاعي.
وأضاف هينكه أن “العيادات التي تقدم العلاج لمرضى السرطان في الأقاليم غالبا ما تكون مكتظة بالمرضى؛ لذلك يضطر العديد من مرضى السرطان إلى السفر لمدة يومين إلى العاصمة لتلقي العلاج”.
وأشار الطبيب الألماني إلى أنه علاوة على ما سبق؛ فإن علاج السرطان في تنزانيا بعيد كل البعد عن كونه خدمة مجانية؛ حيث يتمتع 8% فقط من التنزانيين بتأمين صحي مناسب يغطي تكاليف علاج السرطان، بينما يتعين على النسبة المتبقية (غالبية التنزانيين) سداد تكلفة العلاج من نفقتها الخاصة، أو اللجوء إلى جمع التبرعات أو المشاركة في برامج مساعدة مجانية للعلاج.
وتابع هينكه قائلا: “هناك أيضا قضية أخرى قد تساهم في ارتفاع معدل الوفيات بأمراض السرطان في جميع أنحاء إفريقيا؛ وهي الجينات الوراثية؛ حيث تشير الأدلة إلى أن سرطان البروستاتا يظهر في وقت مبكر لدى الرجال الأفارقة ويكون بشكل عام أكثر عدوانية.. فيما تعتبر الأشكال الأكثر عدوانية من سرطان الثدي أكثر شيوعا بين النساء الأفريقيات من النساء الألمانيات على سبيل المثال”.
وفي سياق متصل، توقعت منظمة الصحة العالمية أن تتضاعف حالات الإصابة بأمراض السرطان في جميع أنحاء العالم خلال الفترة بين عامي 2018 و2040.
وتشمل العوامل الكامنة وراء هذه التوقعات: نمو عدد سكان العالم، والزيادة المطردة في متوسط الأعمار المتوقع في جميع أنحاء العالم.
وأجرى فريق من العلماء – يعمل معظمهم في معهد باستير في تونس – دراسة حول اتجاهات السرطان في القارة الإفريقية.
وكشف بحثهم، الذي نُشر في عام 2021، أن الثراء المتزايد في جميع أنحاء إفريقيا يمثل أيضا عامل خطر للإصابة بالسرطان.
وأبرزت هذه الدراسة أن “أنماط الحياة جنبا إلى جنب مع مستويات الدخل المتغيرة، وعوامل التحضر، وأشكال مختلفة من التلوث، والمزيد من استهلاك التبغ والكحول، والأنظمة الغذائية الغنية باللحوم والسكريات والأطعمة المصنعة” كلها عوامل تساهم في زيادة مخاطر الإصابة بالمرض.
كما سلطت الدراسة الضوء على أن سرطان الرئة آخذ في الارتفاع في شمال وجنوب قارة إفريقيا.. وفي جنوب إفريقيا، تسبب هذا النوع من السرطان في عدد أكبر من الوفيات في عام 2018.