[ الصفحة الأولى ]تقارير وحوارات

بعد السيول والزلازل.. هل الإسكندرية مهددة بالغرق؟، الدكتورة سارة فؤاد تجيب

نجوى سليم

شهدت الكرة الأرضية خلال الفترة الماضية عدد من الهزات الأرضية المتتالية وكان أغلبها تتركز فى اليونان، وشعر بها سكان عدد من الدول المجاورة وكانت مصر لها نصيب من ذلك، ناهيك عن موجة الطقس السيئ والتى تتعرض لها مدينة الإسكندرية في هذا التوقيت من العام ، وكل هذه الأشياء تندرج تحت مسمى التغيرات المناخية الجديدة التى تشهدها جميع دول العالم.

“أخبار السياحة“، ألتقت بالدكتورة سارة فؤاد أستاذ الهندسة المعمارية بجامعة ميونيخ بألمانيا، صاحبة بحث علمي ربط بين التخطيط الحضري و التغير المناخي، وذلك للحديث حول ما تشهده الكرة الأرضية وهل هناك احتمالية لغرق الدلتا كما اذيع منذ فترة طويلة ومازال حديث الناس فى وقت الأزمات، وهل يوجد حلول إذا حدثت كارثة التسونامي، قضايا و رؤي عديدة نطرحها في هذا الحوار.

 

*فى البداية ما هي علاقة الهندسة المعمارية بقضية تغير المناخ؟

يرتبط غرق المدن بالعديد من الدراسات ولا يصنف فقط ضمن علوم البيئة أو الجيولوجيا أو المناخ بشكل عام، ونحن ندرس تأثير التخطيط الحضري على تغير المناخ وتأثير المد العمراني على مشكلة التغير المناخي والبيئة، وبالفعل من خلال الدراسة التي تم إجراؤها تبين أن المد والتطور العمراني، خاصة في مدينة الإسكندرية، أدى إلى تآكل السواحل واحتمال تعرض المدن الساحلية مثل الإسكندرية للغرب في وقت قريب جدًا.

*ما هو تعريف التسونامي؟

تسونامي هي سلسلة من الموجات التي تحدث في جسم مائي بسبب إزاحة كمية كبيرة من الماء، وعادة تكون في محيط أو بحيرة واسعة، فبعض الظواهر الطبيعية مثل الزلازل والانفجارات البركانية والانفجارات تحت الماء بما في ذلك التفجيرات والانهيارات الأرضية وانقسام الأنهار الجليدية وتأثيرات النيزك والاضطرابات الأخرى سواء تلك التي تحدث فوق أو تحت الماء في حدوث تسونامي.

*هل يتكرر سيناريو ليبيا في الإسكندرية؟

من المتوقع أن تكون الكارثة أسوأ بكثير في الاسكندرية عن ليبيا بسبب عدم وجود قنوات مائية، وكذلك لأن مستوى المدينة أقل من سطح الأرض، وهذا يساعدها على الغرق بسرعة، ما حدث في ليبيا هو وجود عواصف قوية قادمة من البحر الأبيض المتوسط أثرت على مدينة درنة أكثر من باقي مدن ليبيا، ويرجع ذلك إلى أن المدينة تقع على أحد الأودية، بالرغم من انها تحتوي على قنوات مائية كان من المفترض أن تمتص كمية كبيرة من الأمطار، لكن هذه القنوات لم يتم دراستها بشكل جيد عند نشأتها ولذلك لم تستطع استيعاب كمية المياه فضلاً عن انهيار السدود بسبب عدم صيانتها فأصبح الأمر أكثر تعقيداً وحدث الكارثة.

 

*كيف يمكن لقنوات المياه التخفيف من حدة الكارثة؟

القنوات المائية هي محور الدراسة العلمية التي تم أجراها في جامعة ميونيخ بألمانيا، حيث توضح الدراسة الآثار السلبية لردم القنوات المياه وانعكاساتها السلبية على قدرة المدن الساحلية فى التخفيف من الظواهر المناخية المتزايدة، والإسكندرية كانت قادرة على البقاء لآلاف السنين واستطاعت مقاومة الزلازل وارتفاع مستوى سطح البحر والعواصف العاتية، والسبب في ذلك هي قناة المحمودية التي تم إنشاؤها منذ أكثر من 200 عام، وهي مسار مائي مهم للغاية لأنها كانت تربط بين نهر النيل والبحر، مما يخلق توازنا وينظم حركة المياه، أي أن القناة تمتص كميات هائلة منها وتنقلها إلى البحر والنهر. ولكن الآن، تم ردم هذه القناة، وتم إنشاء محور مروري بطول 21 كيلومتراً.

ولذلك إذا حدثت السيول او فيضانات، زلازل قوي، وهذا متوقع، فلن تجد مسار يمكن أن تمر من خلاله ويحدث التوازن. ولذلك فقدت الإسكندرية أهم ممر مائي لها وأصبحت من أقل المدن قدرة على مواجهة السيول مع إرتفاع مستوى سطح البحر، ولذلك من المتوقع أن يكون السيناريو الليبي أسوأ في الإسكندرية، لأن مدينة درنة كان بها ممرات مائية لم يتم التخطيط لها بشكل صحيح، مثل قناة المحمودية التي تم ردمها في الاسكندرية، ولكنها كانت تستوعب بشكل أو بآخر كميات أمطار ولكن مع انهيار السدود التي كانت تحتاج صيانة حدثت الكارثة.

*أين تقع المناطق الأكثر تضرراً في حال حدوث هذه الفيضانات؟

هذه المناطق تقع في غرب المدينة مثل حي الأنفوشي والجمرك، ومناطق ترعة المحمودية، وفي شرق المحافظة في منطقة أبو قير، أما بالنسبة لبقية المحافظة، فمن المتوقع أنه في حالة ارتفاع مستوى سطح البحر، يمكن أن تغرق المناطق الواقعة على طول الكورنيش، إلى حدود خط الترام بالعرض، جميع هذه المناطق السكنية على طول الكورنيش سوف تكون داخل مياه البحر، سيصبح الكورنيش الجديد بعد شريط الترام تقريباً.

 

*وماذا عن ظاهرة تأكل الشواطئ؟

ظاهرة تأكل السواحل موجودة في بالإسكندرية وتتم سنويا بمقدرا 25 مترا، أي أنه في كل عام هناك شواطئ تختفي في الإسكندرية، وهذا بسبب ارتفاع منسوب المياه وعدم وجود منفذ لمياه البحر، فضلاً عن الدور المحوري الذي كانت تلعبه قنوات المياه التي تم ردم أجزاء كبيرة منها ، والتي كانت تقوم بعملية تدفق المياه المحملة من طمي النيل إلى البحر والتي بدورها تعمل على نقل الرواسب على الساحل مما يشكل حصنا طبيعيا لتأكل الشواطئ المستمرة وبدون هذه القنوات المائية، أصبحت سواحل الإسكندرية مستهلكة بشكل متزايد لأنها كانت تقوم بعمل حواجز طبيعية تحول دون ارتفاع منسوب مياه البحر وزيادة العواصف كل هذا يزيد من المخاطر المرتبطة بالظاهرة المناخية الخطيرة.

*متى يمكن أن تحدث هذه الكارثة؟

تشير الدراسات الحالية إلى أنه بحلول عام 2050 ستحدث الكارثة بالتأكيد، ومع زيادة حدة هذه الظواهر كما نشاهد حدوث زلازل وأمطار غزيرة فإنها تتغير كل عام، وما حدث من تغيرات في التخطيط العمراني بالإسكندرية يمكن أن يعجل بالكارثة قبل هذا التاريخ كما أن تقرير التقييم السادس للجنة الدولية للتغيرات المناخية في الأمم المتحدة يشير أن تغير المناخ سيؤدي إلى تفاقم حدوث العواصف والفيضانات الساحلية في حوض شرق البحر الأبيض المتوسط في العقود القليلة المقبلة

*هل يوجد حلول للخروج من الأزمة؟

بالطبع يوجد حلول ولكن لتقليل من الكارثة، مدينه الإسكندرية تهبط 3 ملئ سنوياً وكذلك الشواطئ تتأكل بمعني وجود تأكل أفقي ورأسي ولذلك نقترح حلولاً تصميمية لتنشيط الممرات المائية في المدينة من أجل استعادة دورها في التخفيف من التحديات المناخية، وربط السكان بالهوية البحرية للمدينة التاريخية، وتحسين الممرات المائية، كما يجب إزالة كافة الأبنية التي تحيط بالكورنيش لكي نعطي متنفس للمياه بالبحر في حاله زيارة مياه البحر وخروجها، لان كل هذه المباني سوف تغرق في جميع الأحوال مع ضرورة وجود مصدات خرسانية وهي التي تقوم بها الحكومة حالياً و يصاحبها مصدات من الطبيعة علي شكل أشجار وليكن شجر النخيل والأهم من ذلك هو الوعي، وهولندا أكثر دولة متوقع لها الغرق، ولذلك تستعد من الآن وتقوم بالعديد من الدراسات والتجارب العملية على شواطئها، كما تقوم بتخصيص 3 جامعات لدراسة إيجاد حلول لتغير المناخ، لكن في مصر لا يوجد وعي بهذا الأمر ولا أقسام في الجامعات، فضلاً عن عدم وجود مجتمع مدني يوضح حقيقة الأمر للسكان وكيفية التعامل معه في حال حدوثه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى