في كوريا الجنوبية.. الآباء يستبدلون شراء الألعاب لأطفالهم بأسهم في شركات التكنولوجيا

في كوريا الجنوبية، بدأ اتجاه غير عادي يكتسب شعبية بين الآباء الذين قرروا استبدال ألعاب الأطفال بأصول مالية. أصبحت أسهم شركة تسلا، وصناديق الاستثمار المتداولة المرتبطة بمؤشر ستاندرد آند بورز 500،  وهو المؤشر الرئيسي لسوق الأسهم الأمريكيةوأسهم شركات التكنولوجيا المهيمنة مثل إنفيديا وأبل، هدايا شائعة للأطفال ، حتى من سن مبكرة.

وبحسب أرقام شركات الوساطة الرائدة في البلاد، هناك بالفعل أكثر من 1.2 مليون حساب استثماري مفتوح بأسماء قاصرين، وهو ما يوضح تحولاً ثقافياً عميقاً في كيفية ارتباط الأجيال الشابة بالمال.

استثمار مكثف في سامسونج إلكترونيكس وتسلا

أصبحت قصة لي، وهو موظف يبلغ من العمر 45 عامًا، والذي يمنح ابنه أسهمًا كل عام في يوم الطفل وعيد ميلاده، نموذجية. منذ عام 2017، أنفق هذا الأب ما يقرب من مليون وون (حوالي 710 دولارات أمريكية) في كل مناسبة على الأسهم ذات العائد المرتفع أو صناديق الاستثمار المتداولة. أيضاً ، تستثمر شي في صناديق الاستثمار المتداولة لابنتها البالغة من العمر ثلاث سنوات

وكما قال لصحيفة كورين تايمز، فإن نيته هي أن يقوم الصبي، الذي يدرس حاليًا في المدرسة الابتدائية ولا يزال يفضل بطاقات البوكيمون التي يتلقاها من والدته، بدمج مفاهيم مثل “ملكية الأسهم” و”النمو المركب” تدريجيًا. “لا أعرف مقدار ما يفهمه الآن، لكنني آمل أن يساعده ذلك عندما يكبر”.

استثمار مكثف في سامسونج إلكترونيكس وتسلا

إن هذا النوع من الهدايا، بعيداً عن كونه غريباً  ، فهو جزء من اتجاه أوسع يسعى إلى غرس العادات المالية السليمة منذ الطفولة. والمنطق هنا بسيط: فكلما تعرض الطفل لأدوات الاستثمار الحقيقية في وقت مبكر، كلما أصبحت لديه معرفة اقتصادية طبيعية أكثر.

وبموجب القانون الحالي، يمكن لكل والد التبرع بما يصل إلى 20 مليون وون (حوالي 14 ألف دولار) لطفل قاصر معفاة من الضرائب، بشرط أن يفعل ذلك خلال فترة عشر سنوات.

ويجعل هذا الترتيب الأسهم بمثابة أدوات جذابة للغاية لتراكم رأس المال في الأيدي الشابة.

الأصول المفضلة في هذه الحسابات هي أسهم التكنولوجيا العالمية والصناديق التي تتبع مؤشرات سوق الأسهم الأمريكية. على سبيل المثال، أصبحت شركة تسلا اسمًا مألوفًا في محافظ الاستثمار الخاصة بالأطفال.

ورغم أن الأطفال قد لا يفهمون بعد نطاق ما يعنيه امتلاك جزء من شركة رائدة في مجال السيارات الكهربائية، فإن هذه الاستراتيجية تستهدف الأمد البعيد أكثر من تحقيق الأرباح الفورية.

سماسرة البورصة حملات خاصة لجذب جمهور الأطفال الجديد

لقد بدأ هذا الإلمام المبكر باللغة المالية يجذب انتباه المراهقين. وكشف استطلاع أجرته شركة سامسونج للأوراق المالية بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و19 عاما أن 43% لديهم بالفعل حساب استثماري باسمهم وأن 58% يخططون للاستثمار في الأسهم في المستقبل القريب.

وأظهر استطلاع آخر أجراه معهد هانا للأبحاث المالية أن المنتجات المالية الأكثر شعبية بين طلاب المدارس الثانوية كانت على وجه التحديد تلك المرتبطة بسوق الأوراق المالية.

وقال هوانج سي وون، الباحث في معهد سوق رأس المال الكوري، إن هذه الظاهرة تنطوي على مخاطر منخفضة لأن المبالغ الأولية عادة ما تكون صغيرة ويتم توجيهها من قبل البالغين. وأوضح أن “الإمكانات التعليمية هائلة إذا ما صاحبتها فلسفة استثمارية جادة”.

حملات لرفع الوعي المالي للأطفال

وفي مواجهة هذا التحول، أطلق سماسرة البورصة حملات خاصة لجذب جمهور الأطفال الجديد. خلال يوم الطفل، عرضت شركات مثل Mirae Asset، وSamsung Securities، وKiwoom بطاقات هدايا، ومكافآت نقدية، وخصومات على العمولة لحسابات الأطفال عبر الإنترنت.

كما أطلقت شركة “كيووم”، التي تدير أكثر من نصف مليون من هذه الحسابات، قناة تعليمية على يوتيوب تهدف إلى شرح المفاهيم المالية الأساسية بطريقة سهلة الوصول.

ويؤدي كل هذا إلى إحداث تحول عميق في الطريقة التي تتم بها مناقشة الأموال داخل الأسر الكورية الجنوبية. ما كان في السابق مجرد ظرف من الأوراق النقدية أو لعبة قد يكون الآن مجرد جزء بسيط من سيارة تسلا أو مؤشر ستاندرد آند بورز 500.