[ الصفحة الأولى ]كتّاب وآراء

معتز صدقي يكتب: من صابون الصحراء إلى صناعة السياحة

في يوم وصولي إلى الفندق بمنطقة زعبيل بدبي لحضور معرض السياحة السنوي ATM، وبينما كنت لا أزال أرتب حاجياتي بعد رحلة السفر، فوجئت بهدية صغيرة تنتظرني في الغرفة.

هدية ملفوفة ببساطة شديدة لكنها أنيقة: قطعة من صابون حليب الإبل من مصنع “The Camel Soap Factory”، وهو علامة محلية إماراتية تهتم بتقديم منتجات طبيعية مصنوعة يدويًا.

الصابونة كانت غير معطرة، مغلفة بكيس قماشي ريفي الطابع، يحمل في طياته لمسة من البساطة والفخامة في آن واحد. المرفقات التي جاءت معها كانت بطاقة تعريفية أنيقة تسرد كيف كانت الإبل رمزًا للحياة والتجارة والثقافة عبر آلاف السنين في شبه الجزيرة العربية، وكيف أصبح حليب الإبل اليوم مادة خام لصناعة منتجات راقية تجسد التراث بروح عصرية.

الطريف أن تقديم الهدية لم يكن بالأسلوب الرسمي المعتاد، بل بنكهة محلية خفيفة الظل، كأن لسان حالهم يقول: “أهلاً بك في الصحراء… وهذه لمسة طبيعية خالصة لتتأقلم مع الأجواء”.

بصراحة، أدركت حينها مدى قوة التفاصيل الصغيرة في صناعة انطباعات لا تُنسى ؛ هدية بسيطة، ولكن محمّلة بالمعاني، تجعل الزائر يشعر بانغماسه الفوري في نسيج الثقافة المحلية.

من هنا، بدأ ذهني يتجه لتساؤل مهم، كيف يمكننا في صناعة السياحة والضيافة أن ندمج المنتجات المحلية بأسلوب مبتكر يجعلها ليست مجرد هدية، بل تجربة ثقافية متكاملة؟.

هنا تأتي أهمية ما أسميه الاقتصاد العاطفي للسياحة، المنتج المحلي حين يتم تقديمه بطريقة مدروسة، يصبح أكثر من مجرد تذكار؛ يصبح سفيرًا للهوية، قصة تُحكى، وذاكرة حية من الرحلة.

اختيار المنتجات بحرفية مثل صابون حليب الإبل، الذي لا يحمل فقط جودة صناعية، بل رسالة ثقافية وفخر تراثي.

طريقة التقديم

يجب أن تكون القصة المصاحبة للمنتج مكتوبة بلغة تحرك المشاعر، وليست مجرد شرح تقني.

التغليف والتفاصيل البصرية

البساطة الأنيقة التي تحترم روح التراث بدون مبالغة، وتعزز شعور الضيف بالخصوصية.

دمج التجربة داخل رحلة الضيف

أن يصبح المنتج جزءًا من قصة إقامته، أو تجربة زيارة، وليس مجرد هدية جانبية، في عالم تتنافس فيه الفنادق وشركات السياحة على تقديم أحدث التقنيات وأفخم الخدمات، تظل
اللمسة المحلية حين تُقدَّم بذكاء وعاطفة
أقوى وسيلة لزرع أثر طويل الأمد في قلب المسافر.

إذا أردنا أن نصنع سياحة ترتقي من كونها مجرد تنقل بين الأماكن، إلى كونها رحلات ذات مغزى وتجارب أصيلة، فعلينا أن نولي المنتجات المحلية اهتمامًا مضاعفًا، ليس كسلعة تُباع، بل كرسالة تروى، وحلقة وصل بين الماضي والحاضر والمستقبل. فقط عندها…تصبح السياحة أعمق من مجرد زيارة تصبح رحلة في الذاكرة والهوية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى