مسجد سيدي طلحة التلمساني.. درة للتراث الإسلامي في كفر الشيخ

في قلب دلتا النيل، حيث تلتقي الأرض الخصبة بأصداء التاريخ، تبرز محافظة كفر الشيخ كواحدة من أعرق بقاع مصر التي تحتضن مساجد إسلامية أثرية تروي سير الصالحين.
في مدينة كفر الشيخ، يقف مسجد سيدي طلحة التلمساني شامخاً كثاني أكبر مساجد المحافظة وأكثرها شعبية، بعد مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي؛ حيث يحتضن المسجد ضريح الشيخ طلحة وابنه سعيد وحفيده علي، ويمتد نسبه إلى خاله سيدي أحمد البدوي بطنطا.
ترك العارف بالله سيدي طلحة أبو سعيد التلمساني بصمة خالدة حملت اسمه؛ حتى إن محافظة كفر الشيخ كانت تسمى بـ”كفرة الشيخ طلحة”، أي المكان الذي استقر فيه الشيخ التلمساني القادم من المغرب العربي، بحسب الشيخ عبد القادر سليم، مدير عام الدعوة بأوقاف كفر الشيخ، ليتحول هذا المكان مع مرور الزمن إلى «كفر الشيخ»، عاصمة المحافظة التي انفصلت عن الغربية إداريًا.
مسجد سيدي طلحة ثاني أعظم مساجد كفرالشيخ
بأربع مآذن شاهقة يتميز المسجد بموقعه الاستراتيجي غرب المدينة، على بعد 800 متر من مزلقان السكة الحديد، وكيلومتر واحد من ديوان المحافظة، وأمام المسجد ميدان واسع تم تطويره حديثاً، تحيط به أسواق حيوية مثل سوق سيدي مبارك ومحلات تجارية نابضة بالحياة.
سيدي طلحة.. نسب شريف يمتد إلى الإمام الحسين
وينحدر العارف بالله سيدي طلحة بن سيدي مدين بن سيدي شعيب التلمساني من سلالة مباركة تمتد إلى الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، ابن عم النبي محمد صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته فاطمة الزهراء.
وُلد الشيخ طلحة عام 564هـ في تلمسان بدولة المغرب، وتتلمذ على يد أجداده لمدة 7 سنوات، متعمقاً في علوم الشريعة والفقه والحديث، متبعاً طريقة الشيخ أحمد الرفاعي.
وانتقل الشيخ طلحة إلى مصر، واستقر في «دميلقون» -كفر الشيخ حالياً- حيث قال: «ها هنا مقامي»، فالتف حوله المريدون وأقاموا مصلى تحول مع الزمن إلى هذا الصرح العظيم.
تطوير المسجد.. من التاريخ إلى الحداثة
في عام 1993، شهد المسجد تجديداً شاملاً تضمن إعادة بنائه وتوسعته، مع إضافة مئذنتين جديدتين وقبة، وتطوير الميدان المحيط به، كما أُلحقت به مكتبة كبيرة وقاعة للزوار، ليصبح قبلة للمصلين والدارسين.
ويؤكد الشيخ معين رمضان يونس، وكيل وزارة الأوقاف بكفر الشيخ، أن المسجد يحتفل بمعظم المناسبات الدينية بحضور المسؤولين والأهالي، ويعد ثاني أكبر مساجد المحافظة بعد مسجد الدسوقي؛ حيث دفن الشيخ طلحة فيه عام 631هـ، بعد حياة حافلة امتدت 67 عاماً.
احتفالات وكرامات
وسنوياً، تستضيف المدينة احتفالاً دينياً كبيراً في الخريف بمولد سيدي طلحة، يحضره آلاف الزوار والمسؤولين، وزار المسجد في السابق الشيخ محمد متولي الشعراوي، وألقى دروساً بثت عبر التلفزيون المصري، ليضيف المسجد إلى شهرته شهرة.