سفر وطيران

دراسه بحثيه عن تأثير انخفاض العائد السياحي على الأمن القومي

اعداد الدكتورة ميادة سيف

تعد السياحة أحد المصادر الرئيسية للعملة الأجنبية في مصر، وتشكل جزءًا كبيرًا من الناتج المحلي الإجمالي وعلى الرغم من الجهود المستمرة لتحسين القطاع السياحي، شهدت السنوات الأخيرة انخفاضًا ملحوظًا في العائدات السياحية بسبب الأزمات الصحية العالمية، مثل جائحة كورونا، بالإضافة إلى الأحداث السياسية الدوليه هذا الانخفاض كان له تأثيرات كبيرة على الاقتصاد الوطني، وخصوصًا في مجالات مثل العملة الأجنبية، واحتياطيات الدولة من النقد الاجنبي ، والميزان التجاري، مما يهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي حيث تعتبر السياحة مصدرًا رئيسيًا للنقد الأجنبي في مصر، حيث تساهم بنسبة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري.

بلغ إجمالي العائدات السياحية في عام 2019 حوالي 13 مليار دولار، ولكن هذا الرقم انخفض بشكل كبير في السنوات الاخيره فيُظهر هذا التراجع في الإيرادات السياحية ليؤثر تأثيرًا سلبيًا على الاقتصاد الوطني الذي يعتمد بشكل كبير على هذا القطاع لتوفير العملة الصعبة التي يمكن من خلالها دعم الاستيراد وتحقيق التوازن في الميزان التجاري (1) إضافة إلى ذلك.

يؤثر التراجع في السياحة على القطاعات المرتبطة بها مثل الفندقة والنقل والمطاعم فقد سجلت معدلات الإشغال في الفنادق المصرية أدنى مستوياتها في السنوات الأخيرة، مما أثر سلبًا على الإيرادات وأدى إلى فقدان العديد من الوظائف المترتبة على صناعة السياحة كما أن الشركات السياحية التي كانت تعتمد على توافد السياح لتنظيم الرحلات والبرامج السياحية واجهت صعوبات بالغة نتجت عنها خسائر مالية كبيرة وإغلاقات واسعة

و من هنا تعد السياحه المصرية لها ادوار استراتيجيه و هي :

* تُعد السياحة مُساهمًا رئيسيًا في الاقتصادالمصري، وتُمثل مصدرًا هامًا للعملة الأجنبية التي تُساعد في تمويل الواردات وتغطية العجز في ميزان المدفوعات
* توفر السياحة فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لعدد كبير من المصريين، خاصةً في قطاعات الفندقة، والنقل، والمطاعم، والتجارة
* تساهم السياحة في تنمية المناطق السياحية وتطوير البنية التحتية فيها، مما يُساهم في تحسين مستوى معيشة السكان المحليين
إذاً، تدهور السياحة ليس مجرد خسارة للإيرادات المباشرة ولكن تمتد تأثيراته لتشمل القطاعات الاقتصادية المختلفة مما يزيد الضغط على الحكومة لتوفير الاحتياجات الأساسية.

أهمية الورقة البحثية:
تتمثل أهمية هذه الورقة البحثية في تحليل تأثيرات انخفاض العائد السياحي على الأمن القومي المصري فتتناول الورقة دور السياحة المصرية في توفير العملة الصعبة، وتأثير التراجع في إيرادات السياحة على القطاعات الاقتصادية المرتبطة بها مثل الفندقة والنقل
كما تدرس الورقة التأثيرات الاجتماعية الناجمة عن فقدان الوظائف في هذا القطاع، بالإضافة إلى التأثيرات السياسية والدبلوماسية التي قد تنشأ نتيجة تراجع السياحةوبالتالي، تسعى هذه الورقة إلى تقديم رؤى استراتيجية لمواجهة هذا التحدي.
1 -تحليل تأثير انخفاض العائد السياحي على الاقتصاد المصري و تأثير تراجع السياحة على الإيرادات الوطنية، خاصة فيما يتعلق بالعملة الأجنبية، واستيراد السلع الأساسية
2 – مناقشة التأثيرات الاجتماعية الناتجة عن تدهور قطاع السياحة و كيفية تأثير فقدان الوظائف على الاستقرار الاجتماعي وظهور التوترات الاجتماعية
3 – دراسة التأثير السياسي والدبلوماسي و كيفية تأثير انخفاض السياحة على مكانة مصر الدولية، والفرص المتاحة لها في جذب الاستثمارات الأجنبية
4 -تقديم اقتراح للحد من التأثيرات السلبية لهذا التراجع على مختلف الأصعدة.

مشكلة الورقة البحثية:
تتمثل المشكلة الأساسية لهذه الورقة في تأثير انخفاض العائد السياحي على الأمن القومي المصري من جوانب اقتصادية، اجتماعية، وسياسية فالتراجع في إيرادات السياحة ينعكس سلبًا على الاقتصاد الوطني، حيث يقلل من احتياطيات النقد الأجنبي، ويؤثر على استيراد السلع الأساسية كما يؤدي هذا التراجع إلى تدهور مستوى المعيشة وزيادة معدلات البطالة في المناطق التي تعتمد بشكل رئيسي على السياحة، ما يعزز من التوترات الاجتماعية من ناحية أخرى، تتأثر مكانة مصر الدولية، وتصبح أكثر عرضة للضغوط السياسية والاقتصادية.

تأثير التراجع في العائد السياحي على الاستقرار الاجتماعي
ينتج عن انخفاض العائد السياحي تدهور في المستوى المعيشي لكثير من العاملين في هذا القطاع، مما يعزز حالة عدم الاستقرار الاجتماعي فنسبة كبيرة من العاملين في مصر يعتمدون على السياحة كمصدر رئيسي لدخلهم، ومع التراجع الملحوظ في أعداد السياح، وجد كثير من هؤلاء العاملين أنفسهم بدون عمل هذا الفقد في الوظائف يزيد من معدلات البطالة والفقر ويؤدي إلى عدم استقرار اجتماعي قد يتطور إلى توترات واحتجاجات.

تظهر الحالة بوضوح في المناطق السياحية الرئيسية مثل شرم الشيخ والغردقة والأقصر و اسوان و مرسي علم و سيوه و الواحات البحرية التي كانت تعتمد بالكامل تقريبًا على السياحة و عدم وجود بدائل وظيفة لهذه العمالة يجعل الأمر أكثر تعقيدًا ويزيد من مستويات القلق الاجتماعي.

في السياق نفسه، يؤدي فقدان الدخل الذي يوفره قطاع السياحة إلى تقليل القوة الشرائية للمواطنين مما يؤثر على الاقتصاد بشكل عام ويزيد من التوترات الاجتماعية عندما يكون هناك تراجع في الإنفاق السياحي، يجد التجار وأصحاب المتاجر والمطاعم في هذه المناطق أنفسهم في مواجهة خسائر مالية قد تؤدي إلى إغلاق أعمالهم و ايضا شركات الليموزين و اماكن الغوص و الرحلات السفاري و المراكب السياحيه و الفلوكه و الحنطور و المزارات و كل العاملين علي خدمه هذا القطاع.

يجب في فترات الانخفاض يتم توفير برامج تدريبية لتحويلهم إلى قطاعات أخرى يمكن أن تستوعب هذه العمالة هذا يمكن أن يساهم في تقليل معدلات البطالة والفقر ويعيد حالة الاستقرار الاجتماعي
تأثير تراجع العائد السياحي على الميزان التجاري والاحتياطيات النقدية.

تشكل العملات الأجنبية المتحصلة من السياحة جزءًا كبيرًا من احتياطيات النقد الأجنبي المصري وفي حال تراجع هذه العائدات، فإن ذلك يُعَقِّب قدرة الدولة على استيراد السلع الأساسية والضرورية مثل الوقود والمواد الغذائية والتصنيعية وهذا يُنذِر بأزمة اقتصادية قد تُضعِف مناعتها ضد الصدمات الاقتصادية الخارجية(2)
التراجع في الاحتياطيات النقدية يعني أن الحكومة قد تلجأ إلى حلول قصيرة الأمد، مثل الاقتراض من الخارج، مما يزيد من ديون الدولة ويضعف ميزانيتها هذا التأثير يكون مزدوجًا؛ حيث يقلل من القدرة على الإنفاق على المشاريع التنموية والبنية التحتية، مما يؤثر على الاقتصاد بصورة عامة، ويزيد من الأعباء المالية في المستقبل.

لذلك، فإن التأثير على الميزان التجاري والاحتياطيات النقدية من شأنه أن يضعف من مقدرة الدولة على التصدي للأزمات بالإضافة إلى إضعاف خططها التنموية المستقبلية(3).

التأثير السياسي لانخفاض العائد السياحي
يمكن أن يكون لتراجع السياحة في مصر تأثير كبير على مكانتها السياسية والدبلوماسية على الساحة الدولية فالسياحة تقوي العلاقات مع الدول الأخرى وتبني صورة إيجابية عن البلاد حين يتراجع عدد السياح، خصوصًا من الدول الغربية، يمكن أن يفسر ذلك على أنه مؤشر على عدم الاستقرار أو عدم الأمان، مما يؤثر على التصنيف العالمي للدولة ويقلل من فرصها في جذب الاستثمارات الأجنبية
فالفاعلية الدبلوماسية تتطلب مصداقية واستقرار اقتصادي واجتماعي، وفي حالة تراجع العائدات السياحية، يمكن أن تتراجع هذه الجوانب مما يزيد من صعوبة تحقيق الأهداف السياسية والدبلوماسية على المستوى الدولي على سبيل المثال، يمكن أن تجد مصر نفسها في وضع صعب عند التفاوض على معاهدات تجارية أو اتفاقيات أمنية مع دول أخرى، إذا كانت تلك الدول تنظر إليها كدولة تعاني من عدم الاستقرار المالي (4)
الاستنتاجات.

من الورقه البحثيه عن تأثيرات انخفاض العائد السياحي، تبين أن لهذا التراجع تأثيرات ضخمة على الاقتصاد المصريفالأزمات الصحية العالمية ادت جائحة كورونا (كوفيد-19) إلى تراجع حاد في حركة السياحة العالمية، وأثرت بشكل كبير على قطاع السياحة في مصر.

اما الأحداث السياسية الاقليمية فاثرت الاضطرابات السياسية التي شهدهتا الدول العربيه في السنوات الماضية على ثقة السياح في الأوضاع الأمنية في المنطقه، وأدت إلى تراجع أعدادهم، وايضا التنافسية حيث تواجه مصر منافسة شديدة من وجهات سياحية أخرى في المنطقة، خاصةً في مجال السياحة الترفيهية مثل الرياض و الامارات.

و ايضا فقدان الوظائف حيث يُؤدي انخفاض العائد السياحي إلى تراجع النشاط الاقتصادي في القطاع السياحي والقطاعات المرتبطة به، مما يُؤدي إلى فقدان الوظائف التي ترتبت علي القطاع السياحي
و ايضا انخفاض الاستثمارات حيث يؤدي تراجع عائدات السياحة إلى انخفاض الاستثمارات في القطاع السياحي، مما يُؤثر على تطويره وتحديثه.

وبالتالي يؤثر بشكل مباشر علي الدخل من العمله الصعبه و انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي حيث تمثل السياحة مصدرًا هامًا للعملة الأجنبية، ولذلك فإن انخفاض عائداتها يُؤدي إلى انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي، مما يُضعف قدرة الدولة على تمويل الواردات وتغطية العجز في ميزان المدفوعات
و تتسبب في تراجع قيمة العملة المحلية فقد يُؤدي انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي إلى تراجع قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، مما يُزيد من تكلفة الواردات ويُؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني
و تدهور المستوى المعيشي بسبب فقدان الوظائف في القطاع السياحي إلى تدهور المستوى المعيشي للعاملين فيه، خاصةً في المناطق التي تعتمد بشكل كبير على السياحة
و تفاقم مشكلة البطالة بسبب انخفاض توفير فرص عمل لشريحة كبيرة من الشباب، ولذلك فإن انخفاض عائداتها يُؤدي إلى تفاقم مشكلة البطالة
وتراجع صورة مصر الدولية خاصةً إذا ارتبط ذلك بعدم الاستقرار الأمني أو السياسي
وضعف الموقف التفاوضي فقد يُؤدي الاعتماد على المساعدات المالية من الدول الأجنبية إلى ضعف الموقف التفاوضي لمصر في القضايا الإقليمية والدولية
و تراجع دور مصر الإقليمي حيث تُؤثر قوة مصر الاقتصادية على دورها الإقليمي، ولذلك فإن انخفاض العائد السياحي قد يُؤدي إلى تراجع دورها الإقليمي.

التوصيات:
1* تطوير البنية التحتية السياحية: يجب تحسين البنية التحتية للمناطق السياحية لتلبية احتياجات السياح المتزايدة وتوفير تجربة سياحية متميزة
2* إعادة التفكير في استراتيجية التسويق السياحي: ينبغي على مصر تحسين استراتيجيات التسويق لجذب سياح من أسواق جديدة ومتنوعة
3* التوسع في تنويع الاقتصاد: يجب العمل على تقليل الاعتماد على السياحة كمصدر رئيسي للدخل القومي عن طريق تنمية قطاعات أخرى مثل الصناعة والتكنولوجيا
4* إعادة تأهيل العاملين في القطاع السياحي: يجب توفير برامج تدريب للعاملين في القطاع السياحي لتأهيلهم للعمل في قطاعات أخرى

5* التعاون الدولي: تعزيز التعاون الدولي في مجال السياحة، وجذب الاستثمارات الأجنبية إلى القطاع
6* تحسين مناخ الاستثمار: تحسين مناخ الاستثمار وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية إلى القطاع السياحي
7* الترويج للسياحة الداخلية: تشجيع السياحة الداخلية وتوفير حوافز للمصريين لقضاء عطلاتهم داخل البلاد
الخاتمة:
إن انخفاض العائد السياحي يشكل تهديدًا كبيرًا للأمن القومي المصري، سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية لذلك، ينبغي على الحكومة والمجتمع المصري العمل بشكل استراتيجي من أجل تحسين القطاع السياحي وجذب السياح من جديد، فضلاً عن البحث عن حلول اقتصادية بديلة لتحسين الظروف الاجتماعية وضمان الاستقرار السياسي.

المصادر :
https://ecsscomeg/35477/
(1) المركز المصري للفكر و الدراسات الاستراتيجيه
https://arabiccnncom/middle-east/article/2024/01/26/egypt- foreign-exchange-umrah
)2(عربيه سي ان ان
https://ecsscomeg/38748/
(3) المركز المصري للفكر و الدراسات الاستراتيجيه
https://wwwresearchgatenet/publication/317645204_alabad_alsyasyt_llsyaht_mnzwry_allaqat_aldwlyt_walaqtsad_alsyasy_fy_tfsyr_azmat_alsyaht_fy_msr
(4)ريسارشجيت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى