منارة الإسكندرية.. حكاية لها تاريخ

تقع منارة الإسكندرية، التي تعد إحدى عجائب الدنيا السبع، موقعها، على جزيرة فاروس الواقعة تجاه مدينة الإسكندرية وهي متصلة بالشاطئ.
تاريخ إنشائها
قيل إن من أمر بإنشائها بطليموس الأول (سوتر الأول) عام 297 قبل الميلاد، حيث اعتمد المهندس عند بنائه للمنارة على إدخال العنصر الجمالي.
وهناك قول آخر أن المهندس سوستراتوس من كنيدوس قام ببناء منارة الإسكندرية خلال عصر الملك بطليموس الثاني (285 – 246) ق.م، وقد عرف هذا المهندس عموماً “بأبي المنارات” كما أذن له الملك البطلمي بنقش اسمه على هذا الصرح كنوع من الاعتراف له بالفضل، وفيما يتعلق بهذا النقش فقد كان هذا المهندس على علم تام بأساليب الولاة آنذاك فخشي أن يحولوا المبنى إلى نصب تذكاري للملك، ولذلك بمجرد انتهائه من هذا النقش قام بتغطيته وإخفائه بطبقة جصية وفوقها قام بنقش عبارات يمدح فيها الملك فيلادلفوس وسرعان ما تلاشى هذا الجزء من الجص بفعل مياه البحر والعمليات الجوية وظهر النقش الأصلي.
وصف المنارة
هي منارة ضخمة يبلغ ارتفاعها حوالي 120 متراً وتتكون من أربعة أقسام، القسم الأول عبارة عن قاعدة مربعة الشكل تحتوي على ما يقارب 300 غرفة مخصصة للعاملين وعائلاتهم، أما بالنسبة للقسم الثاني فهو عبارة عن شكل ثماني الأضلاع، والقسم الثالث يأخذ الشكل الدائري، كما يأتي في قمة المنارة مصباح كبير على ثلاثة أعمدة ويعلوه تمثال لإله البحار في المعتقدات القديمة “بوسيدون”، حيث تم بناء المبنى من الحجر الجيري ودخل البرونز في تزيين الأعمدة.
سبب بناء منارة الإسكندرية
جاءت فكرة بناء منارة الإسكندرية لتحديد الساحل المكون من الطمي من ناحية، ومن ناحية أخرى لإرشاد البحارة ليرسوا بعيداً عن حواجز الأحجار الجيرية التي تبطن الشاطئ، إضافةً إلى أنها كانت محور الدفاع البحري حيث كانت تمثل قلعة ومنارة للمدينة فهي تطل على الميناء الشرقي، وهو الأكثر أهمية حيث كان يرسو الأسطول الملكي، كما كان يمتد الجزء البارز من القصر في اتجاه هذا الميناء (الشرقي).
معلومات مهمة عن المنارة
– بنيت المنارة من الأحجار المنحوتة والتي استخرجت من محاجر المكس وعملت لها حلي بديعة من المرمر والرخام والبرونز وقد كان فيها أعمدة كثيرة جرانيتية قد استخرجت خصيصاً من محاجر أسوان.
– أقيمت المنارة على قاعدة واسعة مربعة وكان مدخلها من الجهة الجنوبية ويؤدي إلى درج.
– شيدت المنارة على الطراز البابلي على هيئة ثمانية أبراج فوق بعضها وكل برج أصغر حجماً من الذي أسفله.
– كان ارتفاع الطابق الأرضي 60 متراً، وهو مربع الشكل وفيه عدة نوافذ عريضة ومزخرفة وفيه أيضاً 300 حجرة حيث كانت توضع الآلات وكان يقيم العمال وفي نهاية هذا الطابق سطح يحتوي أربعة تماثيل ضخمة من البرونز في جوانبه.
– الطابق الثاني مثمن الأضلاع ويبلغ ارتفاعه حوالي 30 متراً.
– الطابق الثالث مستدير الشكل وبداخله سلم حلزوني ويتوسطه آلة رافعة تستخدم في نقل الوقود إلى أعلى المنارة.
– المرآة: كانت هذه المرآة الضخمة التي توجد في المنارة تعتبر من أروع وأعظم معالمها.
– المجمرة: كانت توجد مجمرة عظيمة في قمة المنارة وكان يخرج عمود من النار منها يظل مشتعلاً طوال الليل ويتحول إلى عمود دخان أثناء النهار.
– الزجاج: طبقاً لما يقوله ويرويه العرب الأوائل فإن المنارة كانت مبنية من أساس من الزجاج.
– بقيت المنارة تؤدي وظيفتها حتى الفتح العربي في عام 641 م وفي سنة 673هـ زار بيبرس الإسكندرية للمرة الرابعة وكان أعلى المنارة قد تهدم وكان قد تصدع بناؤها فأمر بترميمها وتجديدها، كما أقام مسجداً بأعلاها.
– وقع مصباح المنارة في عام 700 هجري، وكان سبب سقوطه هجوم أحد رجال الأباطرة آنذاك على المنارة.
– حدث زلزال عنيف في الإسكندرية عام 702 هــ، حيث سبب تهدماً في كثير من آثار الإسكندرية بما في ذلك المنارة والسور والأبراج، ثم كتب السلطان إلى والي الإسكندرية يأمره بترميم ما تهدم منها.
– في عام 880 هــ قام ابن طولون بترميم المنارة حيث أنشأ قبة خشبية في أعلاها.
– رممت كذلك في عام 980 هــ حيث تمت زيادة بعض الإضافات للجزء المثمن ولكنها أيضاً لم تستطع أن تقاوم.
– في حوالي عام 1100 هــ حلت بها كارثة إضافية فسقط الجزء المثمن على إثر زلزال عنيف حيث لم يبق منها سوى الطابق الأول المربع الشكل، ثم أصبح هذا الطابق بمثابة نقطة مراقبة وتم تشييد مسجد فوق هذا الطابق.
– ولاحقاً لكل تلك الأحداث التي ساهمت في تدمير المنارة، أتى الزلزال الذي حدث في القرن الرابع عشر وأدى إلى سقوط الأحجار المختلفة عن المنارة، كما تأثرت باقي أجزاء المنارة أيضاً.
– في عام 1480 م أقام السلطان “أبو النصر قايتباي” قلعة جديدة في المكان الذي كانت تقوم فيه المنارة القديمة، وفي ذلك الوقت كانت قد تهدمت كُلياً وكانت القلعة التي أقامها قايتباي على أساس المنارة ليست إلا برجاً ضخماً أتم بناءه في سنين حكمه وما زالت حتى اليوم تحتفظ بشكل قاعدة المنارة المربعة وتحرس مدخلي الميناءين (الشرقي والغربي).
وبذلك تكون منارة الإسكندرية قد اختفت ولم يبق للعالم إلا صورة مصغرة منها وجدت بمنطقة أبو صير في مريوط.