بـ2 مليار دولار.. “طيران الإمارات” تجدد أسطولها من طراز “إيه 380”
على خلاف أي شركة خطوط جوية أخرى في العالم، اتخذت “طيران الإمارات” من طائرات “إيرباص” من طراز “إيه 380 جامبو” أساساً لأسطولها.
لا تزال شركة الطيران، ومقرها في دبي، تُشغِّل ما يزيد عن 100 من الطائرات العملاقة ذات الطابقين، فيما تخلى منافسوها تماماً عن الطائرة الضخمة، أو يستخدمونها في عدد قليل من الرحلات. بل إن “إيرباص” نفسها خفضت إنتاج هذا الطراز في 2019، بعد تراجع المبيعات لأكثر من عقد.
في ظل عدم وجود طائرات جديدة من نفس الطراز، ستبدأ “طيران الإمارات” برنامج تجديد ضخم للطائرة العملاقة بتكلفة ملياري دولار، سعياً لتمديد عمرها الافتراضي حتى مطلع أربعينيات القرن الجاري. في حظيرة واسعة قرب مطار دبي الرئيسي، فككت الشركة طائرتين من طراز “إيه 380” تماماً، وزوَّدتهما بكل ما هو جديد، من المقصورات إلى أعمدة الدرَج.
أُزيلت الزخارف الذهبية والألواح الخشبية التي سادت الإصدار الأول من الطائرة، فيما اختارت الشركة ألواناً أزهى، وسجاداً جديداً، وإضاءة مريحة، فضلاً عن رسومات تصور عناصر الطبيعة المحلية. إلا أن مشرب درجة رجال الأعمال الشهير، حيث يمكن للركاب تجاذب أطراف الحديث خلال الرحلات والاستمتاع بالشراب، سيبقى كما هو. يمثل تجديد المقصورات وحدها نصف الاستثمار، الذي أُطلق عليه اسم “مشروع فونيكس” (Phoenix Project).
بالنسبة إلى “طيران الإمارات”، فإن التحديث ليس مجرد تجديد روتيني شائع في أساطيل الخطوط الجوية، حيث تنظر أكبر شركة طيران دولي في العالم إلى طراز “إيه 380” على أنه تمثيل لطموحها في نقل أكبر عدد ممكن من الناس عبر مركزها في دبي. فالطائرات الأخرى الموجودة في حظائر الشركة، إما أصغر مما يلزم لأداء المهمة نفسها، مثل طراز “إيه 350-900” المرتقب طرحه العام المقبل، أو متأخرة سنوات عن موعد تسليمها الأصلي، مثل طائرة “بوينغ” طراز “777 إكس”، ما يعني أنه يجب على “طيران الإمارات” التمسك بطراز “إيه 380” لفترة أطول مما سبق توقعه.
مع أخذ حجم الطائرات في الحسبان- يأتي طراز “إيه 380” التقليدي بنحو 550 مقعداً موزعةً على طابقين- فإن التجديد الشامل يُخلّف كميات كبيرة من المواد القابلة لإعادة التدوير. تقول “طيران الإمارات” إن طائرة واحدة فقط أخرجت أكثر من 250 كيلوغراماً (595 رطلاً) من جلود المقاعد، وما يزيد عن 600 كيلوغرام من الأقمشة الأخرى، والتي قررت شركة الطيران استخدامها في صنع مجموعة محدودة الإصدار من الأحذية، والأحزمة، وحقائب الظهر، مزوّدة بقطع من الطائرة، مثل أحزمة المقاعد أو الأغطية المصنوعة من جلد الخراف التي توضع على مقاعد الطيارين.
تسلمت “طيران الإمارات” آخر طائرة من طراز “إيه 380” في 2021، ولا يزال كامل الأسطول جديداً نسبياً، بمتوسط 10 أعوام. قدّرت الشركة في البداية أن تستغرق عملية التجديد، التي تشمل نصف أسطولها من طراز “إيه 380″، نحو عامين إجمالاً، لكن ارتفاع الطلب على السفر زاد الحاجة إلى زيادة عدد الطائرات، ما يعني أن تسرّع الشركة وتيرة عملية الصيانة الشاملة. حتى اليوم، جُددت 16 طائرة وعادت للعمل، فيما يجري تجديد طائرتين في الفترة الحالية.
يُجرى معظم التحديثات داخلياً. وخططت شركة الطيران، التي تملكها الدولة، عمليات التجديد لتكون بجهود ذاتية في الأغلب؛ إذ سيتناقص عدد الطائرات من طراز “إيه 380” المستخدمة في الرحلات بشكل متزايد خلال العقد المقبل.
طالما ضغط رئيس “طيران الإمارات”، تيم كلارك، على “إيرباص” لتواصل إنتاج طراز “إيه 380″، أو دراسة صُنع محركات جديدة على الأقل لزيادة كفاءتها، لكن هذا لم يحدث، وأوقفت “إيرباص” في نهاية المطاف إنتاج أكثر طائراتها فخامة.
قال كلارك، خلال معرض دبي للطيران في الأسبوع الماضي: “سنواصل تشغيلها لأطول فترة ممكنة”، أما عن جهوده الرامية لمواصلة الإنتاج، فقال: “كنت ألح في هذا الشأن، ويظنونني جننت في كل مرة، لكن هذا ما وصلنا إليه”.
رغم أن الطائرة حققت نجاحاً كبيراً لدى المسافرين الذين يقدرون تصميمها الفسيح، ومقصورتها الهادئة، وجاذبيتها الكبيرة، عانت معظم شركات الطيران من أجل استيعابها، فطراز “إيه 380” رباعي المحركات- كحال طراز “747 جامبو” الذي توقف تصنيعه أيضاً- يستهلك كمية كيروسين أكبر من الطرازات ثنائية المحرك الشائعة في الفترة الحالية، ويتسع بعضها لنفس عدد الركاب تقريباً.
هناك عدد من الطائرات طراز “إيه 380” في مقبرة الطائرات بالفعل، حيث تُفكّك ويعاد تدوير أجزائها. ويمكن للمعجبين شراء سلاسل مفاتيح مقطوعة من السطح الخارجي للطائرة المصنوع من الألمنيوم، ما يعكس القيمة العاطفية لأكبر طائرة ركاب صُنعت على الإطلاق في العالم.
تطرق “طيران الإمارات” باباً مشابهاً من الحنين إلى الماضي، عبر مجموعتها من المنتجات المعاد تدويرها، فبخلاف الأحذية، والأحزمة، وحقائب الظهر، ستوجد حقائب لأدوات الزينة، وحقائب سفر مزودة بعجلات، وملصقات للأمتعة، كلها مصنوعة من مخلفات طراز “إيه 380”. بينما يجري صنعها يدوياً، كل قطعة على حدة، في الموقع القائم بالمنشأة الهندسية، ستُطرح للبيع بأعداد محدودة في العام المقبل، مع ميزة خيار النقش بالليزر حسب الطلب.
وعن هذا قال كلارك: “نفكك بعض الطائرات القديمة ونخزن قطعها، سنصنع من بعضها حقائب سفر، وحقائب جميلة، ومنتجات مشابهة. إلا إذا أقنعنا (إيرباص) بإنتاج طائرة أخرى”.