تاريخ وحضارة

“رشيد” أغلى حجر في العالم ومفتاح الحضارة المصرية القديمة

عمر عبدالستار

يؤكد الأثريون، أن مفتاح الحضارة المصرية القديمة، هو حجر ولكنه أغلى وأنفس أحجار العالم فهو الذى أماط وكشف اللثام عن سر حضارتنا الفرعونية، ولولا العثور عليه لظلت حضارتنا كالباب المغلق بدون مفتاح.

ويقول الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار فى تصريح لبوابة الأهرام، إنه يظن الكثيرون أن الحملة الفرنسية التي جاءت إلي مصر ومكثت فيها ثلاث سنوات، هي التي اكتشفت اللغة الهيروغليفية بواسطة حجر رشيد.

والحقيقة أن العالم شامبليون مكتشف اللغة الهيروغليفية لم يكن من علماء الحملة  إذن فمن هو شامبليون، مؤكدًا أنه تم العثور حجر رشيد في مدينة رشيد فى مثل هذا اليوم 19 يوليو عام 1799، حيث عثر عليه أحد الضباط الفرنسيين التابعين للحملة الفرنسية اسمه بوشارد، وهو يحفر أحد الخنادق فى قلعة رشيد التى تبعد عن الإسكندرية 70 كم شرق وهو حجر من البازلت الأسود ارتفاعه 113 سم وسمكه 27.5 سم عرضه 75.5 سم، مهشم من الجوانب.

وتم نقل الحجر للمجمع العلمي المصري الذي كان نابليون قد أسسه، ويتكون من مجموعة من كبار العلماء الفرنسيين الذي جاءوا مع الحملة، وحجر رشيد مكتوب بثلاث لغات، كان الحجر عبارة عن منشور ملكي كتبه بطليموس الخامس في عهد البطالمة.

والمنشور مكتوب بثلاث لغات وهي اللغة اليونانية القديمة واللغة الهيروغليفية واللغة الديموطيقية.

واللغة الديموطيقية هي اللغة الشعبية التي كان يتكلم بها عامة شعب مصر، في الوقت الذي كانت فيه اللغة الهيروغليفية يتكلم بها كبار الكهنة والطبقة الحاكمة.

ونقشت على واجهة حجر رشيد سطور كثيرة، بقي منها 14 سطرا كتبت بالخط الهيروغليفي في أعلاه، و32 سطرا كتبت بالخط الديموطقية في وسطه، و54 سطرا كتبت باللغة اليونانية في أسفله.

وحاول قراءة هذه الخطوط عدد من الباحثين، منذ عام 1802م، وكان أكثرهم مثابرة أربعة علماء، كما كان أكثرهم توفيقا وحظا واستمرارا هو جان فرنسوا شامبليون وانتهت دراساتهم المتفرقة عام 1821، إلى أن نقوش الحجر تضمنت قرارا أصدره المصريون المجتمعون في منف في عام 196ق. م، وشكروا فيه الملك البطلمي ” بطليموس الخامس ” على إعفاء معابدهم من تكاليف فرضها أسلافه عليها.

ومن التحليل نرى أن الكاتب المصري كاتب الحجر تعمد أن يجعل كتابته الهيروغليفية المقدسة كتابة المصريين في أعلى الحجر، وسجل كتابته الديموطقية الشعبية في وسطه، وجعل الكتابة الإغريقية لغة  البطالمه فى  الأسفل  وذلك مما قد يعني أن عجز المصريين المادي إزاء حكامهم البطالمة الأجانب لم يمنعهم من أن يتلمسوا كل سبيل يعبر عن قوميتهم الدفينة  وينتـــــقم لكرامتهم المغلوبة على أمرها وذلك على الرغم من أن الحجر قد أقيم في منطقة غلب عليها النفوذ الإغريقي سواء أكان ذلك في رشيد نفسها أم كان قد نقل إليها من منطقة سايس.

ويضيف مجدي شاكر، كذلك نجد في  ثناء الكهنة المصريين على الملك الأجنبي لم يمنعهم من أن يلمزوه في سياق النص بعبارات ضمنية، كانت منها عبارة تقول: (إن الملك ثبت للمعابد ومصر تقاليدها وفقا للقانون)، وكأنهم بعبارتهم هذه التي ضمنوها عامدين في سياق شكر الملك لم يروا فيما أثابهم به هذا البطلمي غير تسليم بما يأمر به التقليد أو العرف الواجب والقانون.

وظل حجر رشيد مع علماء الحملة حتي جاء موعد الرحيل عن مصر عام1801م، وكانت الاتفاقية تقضي بخروج جنود الحملة مصر ونقلهم إلي فرنسا علي سفن الأسطول الإنجليزي الذي يحاصر شواطئ الاسكندرية.

وفي أثناء خروج الفرنسيين من مصر، أصر قائد الأسطول الإنجليزي نلسون أن يسلم الفرنسيين كل ما في حوزتهم من اكتشافات أثرية عثروا عليها في مصر إلي الإنجليز ومنها حجر رشيد، و تم لهم ذلك بالفعل، وأخذ الإنجليز حجر رشيد، ووضعوه في المتحف البريطاني عام 1802م والذي مازال قابعاً فيه حتي الآن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى