شجرة الدوم.. علاج البسطاء ورمز العمر الطويل
البحر الأحمر- يحيى عبدالغني
هناك من الأشجار ما يستحق أن تنسج حوله الأساطير والحكايات والقصص الطريفة, خاصة إذا كانت تلك الأشجار قد ارتبطت لسنوات طوال بحياة الإنسان, وأصبحت رمزًا لعنوان شخص أو عائلة , فكثيرًا من الأشجار , خاصة في الريف المصري تسمى باسم صاحبها , أو من يملك منزلا أو أرضًا بجوارها.
وتعد شجرة الدوم واحدة من تلك الأشجار التي تمثل حكاية وتاريخًا في المجتمع المصري , فكما يقول عنها على محمد على ـ موجه بالتربية والتعليم وباحث في التراث الشعبي ـ , إنها شجرة مدارية , حمل النيل بذورها لمصر من قلب القارة الإفريقية .
وأضاف: يقال إن الفراعنة جلبوها من دنقلة شمال السودان , حيث لايزال يطلق على تلك المنطقة “بلدة الدوام” حتى الآن , وقد استخدم المصرى القديم أخشابها الصلبة في صناعة الأثاث , وتسقيف المنازل , وتصنيع النوارج التي تدرس القمح , بسبب أنها تعد أخشابًا صلبة مقاومة للتسوس , كما تستخدم ثمارها البنية المستديرة التي تحوي البذور داخل غلاف خشبي كروي , ومن الخارج غلاف فليني كنوع من الفاكهة ذات نكهة سكرية لذيذة الطعم والمذاق .
وتابع ” كان المصرى القديم يستخدمها إلى جانب تناولها كنوع من العلاج , حيث كان ينقعها فى الماء لفترة , ثم يستخدم ” منقوعها ” في علاج ضغط الدم المرتفع , وتحفيز الهرمونات لدى الرجال والنساء لزيادة الخصوبة , وعلاج البواسير , فضلا عن تقوية المفاصل والعظام , وعلاج البشرة , كما تم استخدمها في صناعة الدهانات والصبغات والألوان , كما أننا لا نزل نستخدمها بصفة رئيسية حتى الآن في علاج الضغط .
وكشف ” على ” عن أن ثمار الدوم وجدت في مقابر المصريين منذ خمسة ألاف عام , ويعد من أشهرها ما وجد في سلال مقبرة توت عنخ أمون , مشيرا إلى أن هناك مثل شعبى يقول أن ” غارس الدوم غالبا لا يأكل منه ” لأنه يثمر بعد ثلاثة عقود , أى ثلاثون عاما , فهي شجرة معمرة , حيث يصل عمرها إلى أكثر من مائة عام .
وأوضح أن شجرة الدوم كانت في الماضي تنتشر في الأرياف , يستظل بها الناس , ويأكلون ثمارها , ويبعونها مع الجميز والمطاطة فى الأفراح والموالد , وأمام المدارس والمصالح , حيث يفترشون الأرض بها .
وأضاف : غالبا ما كان لكل عائلة ” دومة ” خاصة تسمى باسم العائلة أو الشخص فيقال ” دومة فلان ” , ولطالما ما افترش تحتها الكثيرون الأرض ليتسامرون ويستظلون بظلها .
وتابع: ” أكل الدوم يسمى (النحت) لكون من يأكلها ينحت بأسنانه الغلاف الفليني ويترك البذور المستديرة “النواة” التي كان الأطفال يلعبون بها الكرة, وألعاب أخري يسمونها لعبة (المُقل) , حيث تسمي البذرة (مُقلة) وهي شجرة مصرية أصيلة أوشكت علي الانقراض, كما سبق وانقرض السنط والجميز , كما انقرص كل شيء وجميل .