ماذا قالت السيدة خديجة للرسول..والإفتاء تنصح به المتزوجات
رسالة خاصة قالتها السيدة خديجة رضي الله عنها إلى نبي الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، حين استقبلته بعد تلقيه الوحي. وكانت السيدة خديجة هى نعم الزوجة، ونعم المعين، ونعم الناصح.
نزول الوحي
عندما عاد النبي صلى الله عليه وسلم، من الغار بعد تلقيه الوحي؛ الذي وصفه الله تعالى بأنه قول ثقيل: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾[المزمل: 5]، وقد ارتعدت فرائصه صلى الله عليه وسلم، فكان من تمام العناية الإلهية أن الله تعالى رزق رسوله الأكرم بهذه الزوجة المباركة، التي وجد عندها رسول الله ما يبعث أسباب الطمأنينة في قلبه الشريف، ولم لا! وقد وجد عند السيدة خديجة، النفس الهادئة، والعقل الحازم الرشيد، والقلب الكبير، والصدر الدافئ.
استقبال كريم
استقبلت السيدة خديجة رضي الله عنها، وهي الزوجة الكريمة زوجها الأمين سيدنا محمد صلوات الله عليه وسلامه، الذي يرجف فؤاده بثبات وثقة؛ لأنها بحكمتها ونقاء فطرتها تدرك أن هذا الرجل كريم الخلال لا يُتَصوَّر أن يُصاب بأذًى.
كلمات خديجة للرسول
لقد قالت السيدة خديجة، إلى النبي الكريم، كلمات هي في الحقيقة حبات لؤلؤ من قلبٍ طاهر، قالت خديجة كما ورد في صحيح البخاري: “كلا والله، ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلَّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق”.
إن خديجة رضوان الله عليها، في هذه الكلمات النورانية تقرر واقعًا، وتتحدث عن أفعاله صلى الله عليه وسلم وبذله للمعروف، وأنه وصَّالٌ للرحم، وأنه لا يرى محتاجًا إلا ويقف بجانبه ليخفف همه ويزيل كربه، وهو كذلك صاحب المروءة الذي يكرم ضيوفه ويبذل لهم ما بوسعه، ثم هو الرجل الذي يقف إلى جوار الناس عند حصول المصائب والكوارث.
رباطة الجأش
وتفسر دار الإفتاء، هذا الاستقبال بأنه رباطة الجأش التي تحتاج إليها النساء المسلمات المؤمنات؛ لكي يستطعن مواجهة الصعاب، وتحمل مشاق الحياة، والصبر على تقلب أحوالها، وهي كذلك الثقة التي امتلأ بها قلب زوجةٍ تعرف زوجها ونبله وكريم صفاته.
ثم انطلقت خديجة بعد ذلك إلى ابن عمها ورقة بن نوفل لتسأله، وهذا تصرف عاقل؛ إذ الذهاب إلى أهل العلم وسؤالهم هو سلوك العقلاء.
خديجة مثال للمرأة الصالحة
تقول دار الإفتاء: إن السيدة خديجة رضي الله عنها، في مجمل الأمر مثالٌ للمرأة الصالحة التي لا تجد فرصة لتقديم الخير إلا وتبادر، وقد عاشت مع سيدنا رسول الله سنوات الدعوة الأولى بما حوت من إيذاء وصعوبات، مدافعة عنه مؤمنة به، تؤازره بكل ما أوتيت من قوة المرأة الصالحة ومالها ونفسها ووجاهتها؛ رغبة فيما عند الله وحرصًا على زوجها الذي آمنت به وصدقته.
لقد ظلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيًّا لخديجة حتى بعد مماتها وقد بشَّرها ببيت في الجنة من قصب -أي من لؤلؤ- لا صخب فيه ولا نصَب -أي لا أصوات مرتفعة ولا تعب ولا مشقة- فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: «ما غِرْتُ على امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم، ما غِرْتُ على خديجة، هلكت قبل أن يتزوجني، لِمَا كنت أسمعه يذكرها، وَأَمَرَهٌ الله أن يبشرها ببيت من قصب-في الجنة-، وإن كان ليذبح الشاة فيهدي في خلائلها منها ما يسعهن»[فتح الباري لابن حجر (7/ 136)].
وتنصح دار الإفتاء النساء في زماننا بقراءة سيرة أم المؤمنين خديجة وأخذ الدروس والفوائد منها، والسير على خطاها.