أسامة أبو المجد: السيارات الكهربائية المستقبل
فاطمة خليفة
لدينا 19 مصنع لإنتاج السيارات بطاقة إنتاجية 240 ألف سيارة
انشاء أكبر مصنع لإنتاج ضفائر الكهرباء بالشرق الأوسط
تاريخ مصر ومحاولاتها مع صناعة السيارات لم تنتهي، ودائما ما كانت تسعى للنجاح في تحقيق حلم صناعة سيارة مصرية، وهو أمر يحتاج الكثير من الجهود والقرارات الحاسمة، والخطوات الجريئة، فهل اقترب تحقيق هذا الحلم؟.
المستشار أسامة أبو المجد رئيس رابطة تجار السيارات فتح قلبه لـ “أخبار السياحة”، ليجيب من خلال الحوار التالي على كافة الأسئلة التى تشغل بال المواطن المصري والمتعلقة بسوق السيارات ومستقبل صناعة سيارة مصرية وتفاصيل استراتيجية الصناعة الجديدة.
<< لماذا لم تستطيع مصر إلى الآن أن تصنيع سيارات؟.
في البداية اعتقد أن هذا السؤال خاطىء ويحتاج إلى إعادة صياغة، لأنه لا يوجد دولة في العالم تصنع سيارة بالمعنى الحرفي للكلمة أو خالصة 100%، على سبيل المثال لديك ألمانيا لا تصنع المرسيدس 100%، ولكن يطلق عليها ذلك لأنها دولة ذات إنتاج جيد في صناعة السيارات، كونها تمتلك نسبة مكونات تصل إلى 60% ، وبالتالي جميع دول العالم بلا استثناء تقوم بتجميع السيارات بنسب مكونات مختلفة وليس تصنيع كامل، ولفظ الصناعة هو لفظ غير دقيق ولكننا نطلقه مجازاً على تجميع وإنتاج السيارات، وعلى سبيل المثال السيارة “المرسيدس” يدخل ضمن مكوناتها مواد صينية وألمانية وغيرها، وكذلك السيارة “التويوتا” اليابانية ليست كل مكوناتها يابانية 100% بل يدخل فيها مكون صيني وماليزي وسلوفاكي وغيرهم، وكذلك جميع الماركات والذي يختلف فقط هو التجميع حسب الدولة، وبالتالي مصر تقوم بتجميع السيارات مثلها مثل باقي الدول ولكن بمكونات أقل ونتمنى في المستقبل القريب أن تصل نسبة المكونات إلى 60% وهي النسبة القانونية للحصول على صفة بلد المنشأ.
<< لماذا لم تصل مصر برغم تاريخها مع صناعة السيارات إلى هذه النسبة القوية؟.
لأننا منذ وقت طويل وإلى الآن نعمل بسياسة الانكماش في قطاع السيارات، ولم نقوم بالانفتاح في هذا المجال بشكل كافي، فعلى سبيل المثال قامت دولة المغرب بانتاج حقيقي من خلال التعاقد مع أمهات الشركات بصناعة السيارات في العالم واستطاعت أن تصل إلى تحقيق حجم كبير من التصنيع، ونحن في مصر لدينا بالفعل 19 مصنع لإنتاج السيارات وهو حجم بالفعل كبير وليس بالبسيط ولكنه لا يتناسب مع حجم مصر كدولة كبيرة تستطيع أن تحقق ريادة في مجال تصنيع السيارات.
<<لماذا لم تتخذ الدولة خطوات فعلية لرفع كفاءة الإنتاج؟.
الدولة تهتم في هذه الفترة بملف صناعة السيارات بشكل كبير، وكان هناك بالعام الماضي مبادرة مقدمة من فخامة الرئيس شخصياً والذي يولي هذا الأمر اهتمام كبير، وسيكون هناك تقدم كبير جداً في الفترة القادمة في ملف صناعة السيارات، وأكبر دليل على ذلك ما رأيناه مؤخراً من تدشين لمجلس أعلى لصناعة السيارت مرجعيته الرئيسية رئيس مجلس الوزراء، وهذا يمثل حدث كبير جداً سينقل صناعة السيارات في مصر نقلة كبيرة من حيث التصنيع وحجم الإنتاج، وتأتي في إطار الجهود التي يقوم بها رئيس مجلس الوزاء زيارته الأخيرة إلى شرق بورسعيد مع عدد من شركات السيارات لعمل منطقة صناعية ضخمة جداً على مساحة مليون متر مربع وإنشاء ثلاث مصانع للسيارات بطاقة إنتاجية 240 ألف سيارة وكذلك إنشاء أكبر مصنع لإنتاج ضفائر الكهرباء للسيارات بالشرق الأوسط، والذي تم تدشينه بالفعل.
أزمة صناعة السيارات
<<هل أزمة الرقائق الإلكترونية لها تأثير على صناعة السيارات بمصر؟
هنا يجب التفرقة بين الحديث عن أزمة صناعة السيارات بشكل خاص في مصر وأزمة صناعة السيارات بشكل عام على مستوى العالم، فإذا كنا نتحدث عن أزمة الرقائق فهذه أزمة عالمية بالفعل تؤثر على صناعة السيارات في كل العالم وهذا أمر حذرنا منه منذ أكثر من عام عن وجود أزمة عالمية مؤثرة تتمثل في أن أكبر مصنعين لإنتاج الرقائق وهما مصنع “تي أس أم سي” بتايوان ومصنع “سامسونج” قد قاموا بتغيير خطوطهم الإنتاجية من إنتاج الشرائح الإلكترونية إلى خطوط إنتاج الهواتف المحمولة، حيث أنهما كانا ينتجان 80% من الشرائح الإلكترونية، وبناء على ذلك حدثت مشكلة عالمية في صناعة السيارات وهذا عائق عالمي وليس محلي، وهذا يعني أن هناك معوقات عالمية وهناك معوقات خاصة بمصر ذكرناها في البداية.
<<هناك العديد من الدول أعلنت عن نجاحها في تصنيع السيارات مؤخراً منها على سبيل المثال السعودية وتركيا؟
الأمر ليس متعلق بتركيا فقط ولا بالسعودية فهناك ألمانيا وفرنسا والعديد من الدول يقوم بذلك، ولكن كما أوضحت في البداية أن هذا النجاح يختلف حسب نسبة المكونات التي تمتلكها الدولة المنتجة ولا يعني به صناعة كاملة، فعلى سبيل المثال تركيا قامت بإنتاج السيارة “التويوتا” فهل هذا يعني أن “التويوتا” صناعة تركية خالصة؟ الواقع أن هذه سيارة يابانية ولكن قامت تركيا بتجميعها وإنتاجها، وأؤكد مرة أخرى أن الجميع يقوم بتجميع مكونات السيارة ولا يصنعها صناعة كاملة والأقوى هو من يمتلك أعلى نسبة من المكونات، ولذلك نحن نسعى لزيادة المكون المصري فكلما كانت نسبة المكون المصري كبير كلما كان الإنتاج المصري أقوى، والشائع أن مصر تمتلك نسبة مكون حوالي 40% نظراً لاحتساب بعض المواد ولكن بتحليل هذه النسبة واقعياً سنجد أن النسبة الواقعية لا تتخطى الـ 20%، ولكن تنوقع أن تزيد النسبة في الفترة القادمة في ظل الاستراتيجية الجديدة، وعندما تصل نسبة المكون المصري إلى الـ60% سنكون أمام صناعة حقيقية لأن تلك النسبة هي نسبة المنشأ القانونية التي حددتها كبرى الهيئات العالمية للتصنيع السيارات.
صناعة السيارات
<< إذن ما هي الآليات التي يمكن اتباعها للوصول إلى هذة النسبة؟
بدايةً علينا استقطاب الشركات الكبرى التي تمثل أمهات صناعة السيارات في العالم، خاصة أننا أمام فرصة تاريخية لن تتكرر تتمثل في هروب الشركات المصنعة الكبرى من أوروبا بسبب أزمة الطاقة التي تجتاح أوروبا، في الوقت الذي تمتلك فيه مصر أكبر حقول لإنتاج الغاز الطبيعي، وبالتالي نحن نمتلك فائض ما يفتقر إليه العالم ويبحث عنه وبالتالي يمكننا الاستفادة منه في هذا المجال، وبناء على ذلك علينا في الوقت الحالي جذب المصانع العالمية التي تحتاج إلى الطاقة مثل مصنع “فولكسفاجن” الذي يمتلك 12 علامة تجارية عالمية وهذا المصنع في الوقت الحالي يبحث عن بيئة تؤمن له الطاقة، ذلك أن روسيا تقوم بضغط كبير جداً على مصانع الاتحاد الأوروبي التي كانت تستورد الغاز عن طريق أوكرانيا، وهذه المصانع تبحث عن بدائل وموارد للطاقة؛ لذلك أنا أرى أن المناخ الآن مناسب لاستقطاب شركات تصنيع السيارت العالمية.
<< ماذا عن مستقبل السيارات في ظل التغير المناخي والاتجاه للحفاظ على البيئة؟
السيارات الكهربائية هي المستقبل الحقيقي للسيارات، والعالم أجمعه سيتجه إلى السيارات الكهربائية شئنا أم أبينا، لأنها تحافظ على البيئة التي يسعى العالم الآن للبحث عن صناعات تكون صديقة للبيئة، وهذا ما أكده مؤتمر المناخ الأخير الذي راعه الرئيس بنفسه وحضره أكثر من 130 دولة.
<<وهل تستطيع مصر الإنتاج والمنافسة في مستقبل سيارات الكهرباء؟
بالفعل مصر تستطيع المنافسة ولديها المناخ المناسب وتمتلك المقومات والإمكانيات الإنتاجية والعمالة المتخصصة التي تستطيع أن تنتج سيارات كهربائية جيدة، وهناك الكثير من المصانع التي كانت لها تجارب ناجحة في مصر مثل التي كانت تنتج علامة المرسيدس وغيرها من العلامات العالمية، خاصة أن مصر في الوقت الحالي يتوفر بها جميع المقومات التي يبحث عنها العالم من طاقة وبدائل للطاقة، ونحن نستطيع المنافسة ولكن هذا يتوقف على حجم الإنتاج والشركة المتعاونة من الخارج والعلامة التجارية التي سيتم إنتاجها.
احلال السيارات
<<وماذا عن مصير السيارات الحالية؟
هذه السيارات بالفعل بدأت تتآكل في معظم دول العالم، وهناك دول أعلنت بالفعل أنه بحلول عام 2030 لن يكون لديها سيارات تعمل بالوقود، وهذا الاتجاه أكده مؤتمر المناخ الذي استضافته مصر بأن العالم سيتوقف عن التعامل بهذه السيارات، ولربما يأخذ تطبيقه بعض الوقت ولكنه توجه عالمي واقع لا محالة.
<<هل بالفعل أسعار السيارات ستنخفض مع بداية العام الجديد كما يروج البعض؟
البعض يتوقع ذلك نظراً لتعويله على مبادرة العاملين في الخارج، ولكنني أرى أن هذا لن يكون بالتأثير المتوقع والمرجو وذلك لعدة أمور من أهمها أن القرار صدر قبل تحرير سعر الصرف وبالتالي التخفيض الذي كان يمكن أن توفره المبادرة ذهب به الارتفاع الناتج عن سعر الصرف.