تاريخ وحضارة

خبيئة إسنا الأثرية تكشف الأسرار..!

عامر الحفني

تعودة مدينة إسنا لأصلها المصري القديم سينوت، وهى من المدن الفرعونية القديمة، أما الاسم الروماني تعنى لاتوبوليس، وكذلك ظهر مسمى سيان أو سبان، إلا أن العرب أطلقوا عليها إسنا نظرا لأن لفظ سبان عندهم قبيح، وقد وصفها الرحالة كلهم حين مرورهم لإفريقيا منهم ليون الإفريقي الذى قال عنها إنها مدينة حسنة جميلة.

وتتميز إسنا بأنها بلد العلماء والقضاة والمدارس وكذلك الفنون، والعراقة، والأصالة.

شق نهر النيل مدينة إسنا لنصفين فكون النهر القري الشرقية والغربية بالمدينة، وهى كثيرة الخيرات كما وصفها ابن بطوطة فى رحلاته، وبحكم الموقـع الإستراتيجي والاقتـصادي المتميز لمدينة إسنا صارت مدينة اقتصادية، فهى محط ارتحال القوافل نحو إفريقيا من خلال درب الأربعين، كما تتصل بالواحات الخارجة وبالصحراء الشرقية، ولأنها بلد المدارس والعلم والاقتصاد، مما جعل أحد الشعراء يصفها بأنها مثل بغداد بالعراق (إسنا غدت تحكى العراق).

ولقيت مدينة إسنا بصعيد مصر، اهتمامًا خاصًا فى العصر الفاطمي، وتقول الدكتورة أم هاشم جابر محمود فى بحث مشترك مع الدكتور عبدالرحمن موسي حسين، إن مدينة إسنا تعرضت للتدمير والحرق بعد أن شهدت المدينة الاستراتيجية والتى كانت قريبة من حركة التجارة آنذاك درب الأربعين قلاقا كثيرة، قادها العلوين المنتمون لذرية على ابن أبي طالب كرم الله وجهه ضد الدولة الطولونية، حيث عاشت المدينة العريقة فترات من الفوضي، حتى جاء العصر الفاطمي، فشهدت المدينة حركة عمرانية كبيرة.

ويقول البحث المشترك النشاط الاقتصادي في مدينة إسنا منذ بداية العصر الفاطمي حتى نهاية العصر العثماني والمنشور فى مجلة المعهد العالى للدراسات النوعية، إن الملوك اهتموا اهتماما كبيرا بإقامة المنشآت التجارية، مثل القيسارية التى تتواجد خلف المعبد الفرعوني، ومخازن البضاعة وغيرها، ولأنها صارت طرقا للحج أيضا فقد صارت أكثر حركة وتجتذب العالم أجمع، مما جعل تعدد النقود وفئاتها ليسهل عملية التبادل التجاري منذ العصر الفاطمى حتى العصر العثمانى، والقيسارية بناء كبير به فندق وممرات تصل إلى المخازن التي تخزن السلع التجارية، ومسقوفة، فوقيا وبها عدة دكاكين، وبها مساكن تؤجر لطوائف معينة من التجار.

تأثرت أسواق إسنا لهجمات القبائل والفوضي وتعارك القبائل مع بعضها البعض ومما زاد في تدهور أسواق مدينة إسنا تدهور ميناء عيذاب، لتصبح جدة هى الميناء الرئيسي عن طريق البحر الأحمر، وقد قام السلطان برسباي فى العصر المملوكى بشن حملة على عيذاب وتخريبها كما يقول ليون الأفريقي، هذا بالإضافة لثورة العربان على المماليك، لتعيش مدينة إسنا فى أزمة اقتصادية.

وفى بعض الفترات تعرضت إسنا لنكبة فى العصر المملوكى حين تم تغيير طريق الحج منها لناحية قوص وسيناء، أما فى رسالة دكتوراه مطبوعة للدكتور خالد حامد السيد، عن إسنا فى القرن الثامن عشر، أكد أن إسنا شهدت الديوان الأسنواي فى العصر العثماني وهو ديوان يجمع موارد للخزينة وضرائب من عوائد رسوم الميناء والمراكب والغلال والبضائع وغيرها.

وأعلنت لبعثة الأثرية المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار والعاملة بمدينة إسنا، عن الكشف عن خبيئة تضم عدد من العملات من عقود تاريخية مختلفة من العصر الإسلامي، بالإضافة إلى أجزاء من قوالب سك العملة ووزنها.

وأكد الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس للآثار، أهمية هذا الكشف والذي ربما يشير إلى وجود دار سك ووزن للعملة في مدينة إسنا، وهو ما سوف تعمل البعثة خلال الفترة المقبلة على محاولة الكشف عنه.

وأضاف محمد عبد البديع رئيس الإدارة المركزية لآثار مصر العليا، أن البعثة الأثرية بدأت عملها بالموقع العام الماضي في الجزء الواقع خلف معبد إسنا مباشرة، إلى أن عثرت البعثة على هذا العدد الهائل من العملات والتي تضم عملة ذهبية تعود إلى عصر العزيز بالله بن المعز لدين الله الفاطمي وحوالي 286 عملة فضية لسلاطين وملوك المماليك حيث تعود إلى عصور 19 ملك وسلطان في العصر المملوكي لفترات تاريخية مختلفة كما تضم عملة أجنبية تعود إلى عصر الملك ليفون الثاني ملك إرمينيا والذى يعاصر الفترة المملوكية، بالإضافة إلى مجموعة من العملات البرونزية والنحاسية من العصر العثماني.

فيما أوضح فتحي ياسين مدير عام آثار مصر العليا أنه يأتي من بين العملات المكتشفة دينار فاطمي من الذهب يعود لعصر العزيز بالله، ودرهم نجم الدين أيبك ودرهم الملك العادل بدر الدين سلامش المصنوعان من الفضة، بالإضافة إلى نصف درهم للملك المنصور سيف الدين قلاون، ونصف درهم من الفضة للملك المنصور سيف الدين قلاون، وعدد من الدراهم المصنوعة من الفضة منهم درهمين للملك العادل زين الدين كتبغا، ودرهم الملك المنصور سيف الدين أبو بكر، ودرهم الملك الكامل سيف الدين شعبان. كما تضم درهم تذكاري بمناسبة تتويج الملك تيفون الثاني، ومجموعة من العملات البرونزية والنحاسية من العصر العثماني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى