[ الصفحة الأولى ]تقارير وحوارات

لماذا توقف الحديث باللغة الهيروغليفية؟..بشير منصور يجيب

حوار: ميرنا القاضي

 

“طنش”، ” دوشه “، “كركر” “مقهور ” كلمات مازال المصريون يتحدثون بها الي الان في لهجتهم العامية، علماً بأنها كلمات هيروغليفية كان يستخدمها المصريين القدماء في مصر القديمة، فمعني كلمة “طنش” التي تعني عدم الإستجابة، وكلمة “مقهور”، ومعناها حزين، و”هوسة”، و”دوشة” ومعناهما ضجيج وصوت عالٍ و”كركر” تعني ضحك كثيراً.

وهناك مصطلحات شعبية مثل كلمة “شبشب” وأصلها سب سويب، ومعناها مقياس القدم، وتعني كلمة “مدمس” الفول المستوي في الفرن، ويعود أصلها لكلمة “متمس” في الهيروغليفية، ومعناها إنضاج الفول بواسطة دفنه في التراب، أصبحت هذه الكلمات المصرية القديمة وغيرها من الكلمات ضمن اللغة العامية التي يتوارثها الأجيال.

وعندما سألت الباحث الأثري بشير منصور كامل كبير الباحثين بدرجة مدير عام بوزارة السياحة، والآثار (منطقة آثار البحيرة) أو (الحاج بشير منصور ) بأسم صفحته علي الفيس بوك هذه الصفحه التي يوجود فيها عشرات الكلمات باللغة الهيروغليفية المبسطة الجميلة بطريقته التي لا تكاد تخلو من الترفيه والضحك.

سألته ما هي اللغة الهيروغليفية؟

قال بشير: “الهيروغليفية من خطوط اللغة المصرية القديمة ، واسمها الخط المقدس المعروف عنها رغم رقيها وجمالها ، إلا أنها كتبها حرفيون وليس الكتبة أمثال. الأيادي الناعمة و لو كتبه كتبة متخصصون ، لكان أجمل بكثير وأفضل من هذا،كما أن الهيروغليفية أظهرت مدي دقة و روعة و قدرة المصري القديم على التعامل مع الحجر مهما كانت صلابته فتعامل معها كماده لينه ، كتب فيها كل أفكاره ، و من مميزات اللغه المصريه القديمه أو الهيروغليفية انها لغه مختصره ،بأقل الكلمات يصل المفهوم.

و قد تغيرت علامات الكلمه الواحده من نص الي آخر أو من مكان إلى آخر طبقا للمساحة المتاحه للكتابه و من العجيب أن كل قطعه فنيه منحوته أو مصوره هي لغه هيروغليفيه يمكن قراءتها بسهوله لو أمعن المتخصص النظر إليها ، و من خلال اللغه الهيروغليفية (الخط الهيروغليفي) الذي استوحي المصري القديم كل علاماته من الطبيعه المحيطة به، من نجوم و حيوانات و نباتات و حشرات ، كما صور من خلالها جغرافية المكان و لم تعجز هذه اللغه عن إيصال مفاهيم الحالات الإنسانية من حب و حزن و رضا و قناعه و تدين حتى حالات الطقس من حراره و رطوبه و رياح و عواصف ، عبر عنها المصري القديم بكل دقه من خلال كلمات لغته الرشيقه حتى أن العين لا تمل من النظر إليها ..و لكي يسهل علينا الكاتب فهم أو مدلول كل كلمه وضع في نهايتها مخصص يوضح ما توحي إليه الكلمه (حركه، سكون، حب ، كره ، حرب، عباده ،سوائل ، احجار ، تقويم و تاريخ ، هندسه ، ضعف ، مرض ، و غيره ..)

و قال “بشير” من الجدير بالذكر أن هذه اللغة ذات مدلول ديني و سياسي و اقتصادي و اجتماعي ، حيث كانت التلاوات أو الكتابات في المقابر تختلف عن غيرها في المعابد فلكل مكان كتابات خاصه به أو تلاوات ، أما البرديات فقد سجلت الحاله الاجتماعية والاقتصادية، وقطاعات أخري مثل الطب والامراض، والعلاجات (بردية ايبرس)، اما في المعابد فقد أمعن الملوك في تسجيل انتصاراتهم ومدي قوتهم هذا بالإضافة إلي إظهار، ولائهم الالهة ومدي نفوذهم، وتاثيره في الممالك المحيطة به.

ولماذا توقف الحديث باللغة الهيروغليفية؟

أجاب : نتيجة لفترات الاحتلال التي تعرضت لها مصر و التي نهبت خيرات البلاد الي روما، واثينا، مما عرض البلاد لانهيار اقتصادي أدي الي انصراف الناس عن الثقافة والفن واتجاههم إلي الاهتمام بقوت يومهم ، كما أن توارث المهن ادي الي قتل الابداع بين الناس، إلا أن هذه اللغة مازالت موجودة في لغتنا المصرية الدارجة بنفس النطق والمعني تقريبا وبخاصة في الامثال الشعبية والأقوال المأثورة المتوارثة وفي لغة الفلاحين وأهالي الصعيد والصنايعية (النجارين ، البنائين ،الفلاحين ، أصحاب الورش ، الصيادين ..)، وعلي سبيل المثال أسماء كافة المجاري المائية (النهر، القناه، المطر، الحيار أو السد، الرياح، النوه ، مياة الراحة، البركة، الترعة ، الجنابية، الماء الجاري، البحيرة، الموج ، البقعة ، النبع، البئر، البيارة، المراية اي شاطئ الترعة، المياة العالية ، شحطة المياة اي قلتها، الغيث أو الغوص، مياة النخررة، مياة الصرف، ماء نعين أو معين، الملاية)، كل هذه مسميات للمجاري المائية في مصر يضاف إليها (ماء مايع يعني ماء مالح)، ومن الاقمشة (قماش الزفير، ظنطوط الطفل، قماش الشيت)، ومن الأسماك (البوري، الأروس، والصير )، ومن المخبوزات (العيش الطري، عيش الشمس، الكعك)، وغيره كثير.

وهل توقف العمل بها كان له تأثير سلبي علي انتشار الحضارة المصرية القديمة؟

مع توقف العمل بهذه اللغة أدي الي فقدان طبيعة الهوية المصرية وعمقها وانفصال الأجيال الحالية عن جذورها الاصيلة، كما أصبحت الشخصية المصرية مرتعا لكافة الثقافات الأجنبية التي أثرت سلبا علي مجتمعنا، وأصوله، وتقاليده العريقة التي هي فخر لكل من ينتمي إليها ولكل مصري أن يفتخر بحضارته وأصوله وهويته.

هل هناك أمل في عودة تدريسها بالمدارس المصرية؟

قد استيقظ الضمير المصري بفضل جهود المخلصين لهذة البلد في تدريس علامات اللغة المصرية القديمة بدءاً من الصف الرابع الابتدائي، وجهود إدارات النشر العلمي، والوعي الاثري علي مستوي الجمهورية بوزارة السياحة والآثار في عقد الندوات بكافة المدارس، والمؤسسات التعليمية على مستوى الجمهورية للتوعية بقيمة حضارتنا، ولغتنا، وتراثنا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى