حكاية أول طيار مصري يفاجئ العالم بمغامرات فوق السحاب| صور
كانت مصر أول دولة عربية وإفريقية، تعرف الطيران سواء بالمنطاد الذي ذكره المؤرخ الجبرتي، أو الطائرات الشراعية وغيرها من الطائرات، ويظل الطيار المصري محمد صدقي أول رجل في العالم يقود مغامرات وسط الأعاصير الثلجية، والوديان الخطرة، حيث كان أول شخص يخوض وادي نهر الألبا الممر الوحيد بين جبال الأرتن من ألمانيا حتى تشكوسلوفاكيا .
يروي محمد صدقي أول طيار مصري وعربي في مذكراته رحلته مع التدريب على الطيران في ألمانيا ونجاته من الموت المحقق أكثر من مرة، قائلا:”يوم العودة ١٣ ديسمبر ١٩٢٩م، كانت قوة الرياح تصل لنحو ٦٢ كيلو متر في الساعة على سطح الأرض، وكانت الرياح ضد اتجاه طائرتي وكان علو السحاب على الأرض ٣٠٠ متر ، ووصلت إلي درسدن بالطائرة بعد ساعتين من التحليق، وكانت الغيوم منخفضة تكسو البلدة وتدفن الأثر، حيث جبل الغيوم كالطبقات، وهذا المنظر يرهب الطيار”.
ويضيف صدقي:”هبطت مطار درسدن وأمضيت اليوم في مكتب الأرصاد أراقب تحسن الجو؛ ولأن الطقس لم يتحسن قررت البحث عن طريق يوصلني إلى براج أو فيينا بالنمسا أو فينسيا ولكن لم أجد، لذا فكرت في وادي نهر الألبا بين ممر الجبال، وصارحت زملائي فقالوا لي إن فكرتي هي الجنون بعينه، فالوادي أضيق من أن تسلكه طائرة دون الاصطدام بجبل من جباله المرتقعة؛ لذا فكرت أن استقل القطار الذي يسير بين الجبال، لأدرس التعرجات”.
ويوضح محمد صدقي أن الوادي كان غنيا بصخوره العالية، وكانت الجبال تخترق السحاب، وكان المنظر مهيبًا، حيث التعريجات حادة وكثيرة، وكان القطار يسير بسرعة قليلة حين يسلكه، وقد كان منظر الوادي موحشًا قاسيًا”.
وصمم محمد صدقي على خوض التجربة القاسية، بعد أن حفظ صخور الوادي، وقد كان الجو يزداد سوءا، فلم يكن أمامه سوي أحد أمرين أما انتظار تحسن الجو، وهو انتظار يطول، وأما الوادي وقد اختاره، حيث عزم أمره وتوكل على الله.
وفي يوم ١٦ ديسمبر عام ١٩٢٩م قاد طائرته ووصل إلي مدخل الوادي، وكانت كل صخره تذكره بتعرجات الوادي، وكانت درجة الحرارة ٨ تحت الصفر، ورغم ذلك كان يتصبب عرقا، وقد وصل إلى برج المراقبة بعد ساعة وعشر دقائق من قيادته للطائرة بجنون، وكانت الرحلة أصعب رحلاته، وقد خرج حيا يُرزق من التجربة التي كان تأثيره عليه عظيما، وبعد يوم قرر مواصلة الرحلة خاصة بعد استمرار هطول الثلج بغزارة في مدينة براج.
وكانت الأعاصير متقطعة، وكانت الأعاصير تعدم الرؤية، وانتظرت مرور إعصار أبي، إلا إنه قرر أن يستقل طائرته ويواصل الرحلة، فحرك محرك الطائرة حيث تطاير الثلج من أمامها، وارتفع بطائرته ليفاجأ بإعصار الغيوم، واستجمع قوته مرتحلا نحو فينيا، وقد خاض في رحلته ثلاثة أعاصير ثلجية، وقد قام إعصار رابع بحبس محمد صدقي بين عدة جبال متقاربة وضيقة على نطاق الرؤية، مما أجبره على الهبوط، ويتذكر محمد صدقي، رحلاته الآخرى، حيث قاد طائرة من برنديزي بإيطاليا كي يصل نحو وطنه مصر، ولم يلبث الجو أن تجهم، وظهرت طبقة كثيفة من السحاب، وانتشر الضباب حول طائرته، فانخفض بطائرته، ولم يكد يصل حتى فوجئ إنه فوق بحر هائج، ورأي مركبا تغالب الأمواج، ورأي جزيرة عن بعد ومراكب حربية، فتيقن أنها جزيرة مالطة، واتجه إليها، ولما هبط اجتمع حوله الناس وأمسكوا به، ولم يسمحوا له بالإقلاع إلا بعد أن تيقنوا أن البوصلة التي معه مضطربة في تقديراتها
فوجئ محمد صدقي أنه مر على بركان بارد، وأن فوهة البركان مازالت تقذف الدخان ، واستمر صدقي في رحلاته ومغامراته في الجو حتى وصل لوطنه مصر، فكانت عودته حدثًا كبيرًا، حيث شعرت مصر أنها أصبحت في صف الدول التي تحلق في الجو.
وبعد رحلة الطيار المصري بسنوات بسيطة، انتشرت مدارس الطيران المصرية، وكانت لطيفة النادي أول فتاة تحلق في الجو عام ١٩٣٤م، وكانت لطيفة النادي سفيرة رسمية للمرأة المصرية، وقد خاضت رحلات كثيرة، إلا إنها قررت الاعتزال فجأة، وقد صرحت للصحف إنها تريد أن تعيش مرتاحة البال، وقد روت الكثير من الحوادث التي رأتها في عالم الطائرات.
وفي يونيو 1932م، تم تأسيس مطار ألماظة، وهو أول مطار مصري، حيث كان مطار هليوبوليس هو الوحيد بالقاهرة والذي استخدمته طائرات الاحتلال البريطاني في الحرب العالمية الأولى، وقد نشرت الوقائع في 23 مايو سنة 1935م بعد إنشاء مطار ألماظة بثلاثة سنوات قوانين الملاحة الجوية التي صدق عليها الملك فؤاد الأول، حيث نصت القوانين أنه لا يجوز لأي طائرة أن تطير فوق الأراضي المصرية إلا بإذن، وتشمل كلمة طائرة كل البالونات والمناطيد والمحلقات الأخرى المتنوعة بالإضافة لقوانين أخري حوتها الوقائع الحكومية.
وأضحى الطيار المصري وليد مراد حديث العالم بعدما نجح فيما فشل فيه العديد من زملائه عبر الهبوط بطائرته في قلب مطار هيثرو رغم العواصف.
الجدير بالذكر أن العالم أشاد بالطيار المصري وليد مراد من مصر للطيران ، وسلط الإعلام البريطاني الضوء على وليد مراد بعد تمكنه من الهبوط بمهارة وانسيابية في مطار هيثرو بلندن رغم تأرجح طائرته بفعل العاصفة “يونيس” التي ضربت بريطانيا ، وأكد الأعلام الدولي أن ما فعله الطيار المصري فشل فيه أخرون و مافعله يدل على حنكته وخبرته الفائقة.