بعد تداوله.. حكاية أول مطبوعات «دليل عمد القرى» في مصر| صور
مر تاريخ العمد والمشايخ بمصر بمراحل وتطورات كثيرة، منذ عهد عباس الأول وسعيد باشا، والخديو إسماعيل، حتى عصر فاروق الأول وانتهاء عصر الملكية، وهي التطورات التي سطرها المؤرخون فى دراساتهم الجامعية، والتى تناولت عمد كل محافظة في حقب زمنية مختلفة، وكذلك السينما والدراما، والأغاني.
وننشر قصة الدليل المصري ، بعد تداول صفحات التواصل الاجتماعي ، وبعض المواقع الاليكترونية صفحات قديمة من الدليل المصري ، الذي ذكر فيه العمد والمشايخ ثلاثينيات القرن الماضي ، كما ننشر حكاية أول دليل يكتبه صحفى مصري نقابى عن العمد عام ١٩٤٦م .
البداية كانت من السير جون سكوت وسلك القضاء بعد احتلال مصر حيث اقترح اقتراحًا غريبًا بعد مرور 6 سنوات على توليه شأن القضاء من قبل الاحتلال الإنجليزي الذي سيطر على كافة مقاليد مؤسسات الدولة، حيث اقترح اختصاص العمد والمشايخ بالنظر في القضايا المدنية الشخصية التي لا تزيد على 100 قرش، مما جعل الصحف المصرية آنذاك تحذر من استبداد سلطة العمد وازدياد نسبة الجهل والأمية لدى العمد والمشايخ، الذين لا يعرفون القراءة ولا الكتابة، دون أن تقوم الحكومة وسلطة الاحتلال الإنجليزي بالإصغاء لتحذيرات الصحف.
وقالت صحيفة الحقوق التي كانت تختص بمنشورات لجان المراقبات القضائية في عام 1896م إن مشروع السير جون سكوت “مفيد للبلاد؛ لما فيه من تخفيف أثقال الانتقال على الأهالي للمحاكم الجزئية ومعهم الشهود”، لافتة إلى أن المشروع صعب التنفيذ؛ “بسبب قلة العمد الذين يفهمون القانون حيث معظمهم لا يعرفون القراءة ولا الكتابة”.وأضافت أن وزارة الحقانية (العدل حاليًا) لم تقم بنشر تقرير السير جون سكوت كي تتم مناقشته، لافتة إلى أن أغلب عمد البلاد من كبار العائلات ولهم أقارب، “فمن يضمن عدم انحراف العمود ومحاباته في التقاضي للقريب والصديق.
وطالبت الصحف المصرية، التي نشرت تقريرًا طبيًا عن حالة السير جون سكوت، الذي كان عليه الرحيل من مصر لعدم احتماله مناخها، بأن تتألف محكمة العمد من 3 عمد لثلاثة بلدان متجاورة تنعقد كل أسبوع مرة في بلد معين، وتنظر كل جلسة في قضايا البلد المنعقدة ويرأسها عمدتها؛ “حيث لهذا الاشتراك فائدة كبرى في تبادل الخبرات ومنع الاستبداد مع بقاء الغاية الأصلية، وهي عدم انتقال الأهالي من بلادهم”.، وفي 28 من شهر إبريل عام 1896م، ورغم هجوم الصحف المصرية على القانون، أصدر الخديو عباس حلمي الثاني الموافقة على قانون قضاء العمد بناء على اقتراحات السير جون سكوت، حيث قال القرار: “بناء على ما عرضه علينا ناظر الحقانية وموافقة رأي مجلس النظار، وبعد أن أخذ موافقة مجلس شوري القوانين (البرلمان حاليًا) أمرنا بما هو آت: أن يختص عمد البلاد الذين تعينهم وزارة الحقانية بالحكم في المنازعات المتعلقة بالديون والمنقولات التي لا تتجاوز قيمتها 100 قرش صاغ”
وأن ألا ينظر العمد في قضايا العقارات على اختلاف أنواعها، وكذلك المنازعات التي تزيد على دين 100 قرش صاغ، وأن تسجل الأحكام في دفتر خاص بها تشمل أسماء الخصوم واليوم الذي صدرت فيه ومنطوق الحكم، كما أعطى القانون الحق للعمدة في أن يصدر حكمًا غيابيًا إن لم يقم المتهم بالحضور في الجلسة بعد إعلانه للحضور، وأن يقوم العمدة بتعيين أحد المشايخ لتنفيذ الحكم”، وألزم القانون العمد الذين يتجاوزون حدود سلطانهم بأن يحرموا من تأدية وظائفهم بمعرفة ناظر الحقانية، مع إلزام نظارة الحقانية ووزارة الداخلية بتنفيذ قرارت خديوي مصر الخاصة بقانون قضاء العمد، بناء على الأمر الصادر في 16 مارس سنة 1895م المشتمل على لائحة تعيين العمد والمشايخ وبيان وظائفهم، وبعد نشر القانون ظهرت عيوب سلطة قضاء العمد ليردد المصريون بغضب شديد بسبب ظلم العمد لهم مقولة “البلد بلدنا والورق ورقنا”.
ويقول الباحث التاريخي أحمد الجارد ، إن هناك عمد قري كان لهم دورهم التعليمي والتثقيفي فى مصر ، ودورهم أيضا فى مناهضة الاحتلال البريطاني ، مؤكدا ان قانون العمد والمشايخ مر بتطورات كثيرة ، بعد قانون جون سكوت الذي صدق عليه الخديوي عباس الثاني ، بغرض كسب العمد والمشايخ فى صف سلطة الاحتلال والخديوي ، مؤكدا أن دليل القطرين المصري والسوداني كان يصدره ماكس فيشر ، وهو دليل إعلانى يرصد فيه العمد والمشايخ ، والتليفونات والمحلات التجارية ، والمحاكم ، وأشهر الشخصيات ، وقد كان يقوم ماكس فيشر بدور كبير فى التجول بكافة المحافظات المصرية والسودانية ، وقد كانت تشرف شركة إعلانية على إصدار الدليل فى مطبوعة ويتم توزيعه .
وأضاف الجارد ، أن فكرة الدليل وتوزيعه ، بدأت من بدايات القرن العشرين ونهايات القرن التاسع عشر ، وقد نفذها محامون ، وصحفيون شوام فى مصر وكذلك أجانب مثل ماكس فيشر الذي استمر يداوم على إصدار دليل القطر المصري كل عام ، حيث تحول دليله كمصدر مهم للباحثين ، مضيفا أن أول دليل تم صدوره فى سلسلة بدأ من عام ١٩١٧م ، وقد انتهت فكرة الدليل فى الخمسينيات، وأصبحت قاصرة فقط على دليل تصدره المصالح الحكومية مثل مصلحة التليفونات ، أو دليل يرصده الرحالة فى كتب مستقلة عن رحلاتهم في كتب متخصصة بطبعات محدودة .
كان أول دليل عن العمد يصدر من خلال صحفي ينتمي لنقابة الصحفيين المصريين بعد تأسيسها بسنوات بسيطة ، هو دليل ١٩٤٦م الذي أصدره الصحفى مصطفى فهمى الحكيم بصحيفة المقطم، وقد طبع الحكيم دليل العمد في مطبعة وادي الملوك طبعة أولي ، وقد أصدر الحكيم دليل العمد بعد أن نشر كتابه الأول عن أسرار الجن والذي أصدره في ثلاثينيات القرن الماضي ، حيث يعتبر دليل العمد هو الكتاب الثاني له ، وقد اعتمد الحكيم على صلته بصحيفته المقطم بأصحاب السلطة آنذاك حيث قام برحلة بكافة مراكز وقرى مصر لتدوين دليل العمد .
وابتكر الصحفي مصطفى فهمى الحكيم في كتابه “دليل العمد ” خلافا لدليل ماكس فيشر ، حيث جعله مستقلا بالعمد والمشايخ فقط ورجال البوليس ، ووضع مقدمة تاريخية عن كل مركز وقرية .