كتّاب وآراء

الأطفال ومواقع التواصل الاجتماعي

منذ أيام قليلة ارسل لي صديق فيديو يتضمن مقطعا من برنامج أسري يدعو فيه المذيع وسط أسر متواجدة في البرنامج إلى منع الأطفال حتى سن المراهقة من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وارجع ذلك إلى أسباب تربوية مؤكدا بأن هذا حماية لهم لما قد يتعرضون له عبر هذه المواقع. والواقع أن الأمر أصابني بدهشة شديدة كيف لنا أن نمنع أطفالنا من التعامل مع أدوات عصر ينتمون اليه؟، كيف يمكن أن نعتبر أن المنع لهذه المواقع هى تربية لهم؟ .. والمبهر أن هذا المنع يأتي في ظل جائحة كورونا وبعد أن اصبحت هذه الوسائل الحديثة السبيل للتعليم والتثقيف والترفيه والمشاركة وتبادل الحوار … والتي لولاها لتوقف التعليم تماما.

والسؤال الذي يطرح نفسه هل هذه المواقع هى الخطأ أم نمط التعامل معها هو الخطأ؟… الإجابة ببساطة أن المخاطر الناجمة للتعامل مع هذه المواقع ينتج من سوء الاستخدام أو الافراط فيه، أو من جهل أولياء الأمور من سبل توعية أطفالهم وارشادهم للاستخدام الآمن. ويشير تقرير اليونيسف للعام 2017 – أى قبل جائحة كورونا – إلى أن ثلث مستخدمي الإنترنت في العالم من الأطفال، وأن أكثر من 175,000 طفل يستخدمون الإنترنت للمرة الأولى كل يوم، مستفيدين من فرص كبيرة، ولكن معرضين أنفسهم لمخاطر جسيمة، وأوضحت اليونيسف بأن هناك مسئولية كبيرة على الجميع لتوفير انترنت آمن لأطفالنا.

اذا المنع ليس الحل إنما التهيئة والتمكين وتوفير البيئة الآمنة هو السبيل السليم، ويتأتي ذلك من خلال: تضافر دولي واقليمي ووطني لتوفير مبادئ السلامة الرقمية التي تتيح إمكانية توفير انترنت آمن لأطفالنا قادر على وقف وتتبع عمليات الاتجار وسوء الاستغلال والتنمر عبر تلك المواقع، مع توعية الأباء والمتعاملين مع الأطفال في كيفية التعامل مع الأطفال عند التعرض لأى محتوى غير مناسب، والأهم هو تمكين وتهيئة أطفالنا جميعا من كيفية التعامل الواعي مع تلك المواقع وكيفية التصرف عند مواجهة أى موقف خطر ، أو بمعنى آخر ادخال مقرر التربية الإعلامية ضمن مقررات التعليم العام ليكون الطفل قادرا على التمييز بين ما هو حقيقي وما هو مزيف، ومن الحفاظ على خصوصيته وتأمين بياناته، وأخيرا أن يكون متسلحا بمهارات رقمية تتيح له إمكانية البحث والتحليل والمشاركة والتفاعل والاندماج في هذا العالم الرقمي والاستفادة من امكانياته اللامتناهية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى