[ الصفحة الأولى ]تقارير وحوارات

خاص.. «أخبار السياحة» داخل أهم مواقع وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”

فلوريدا – محمــد ماهـر:

NASA هي اختصاراً لـ National Aeronautics and Space Administration أو الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء، تتبع الحكومة الفيدرالية الأمريكية وتضم أكثر من 18 ألف عامل بين علماء وباحثين ومهندسين وتقنين وفنيين ورواد فضاء يعملون بنحو 20 مقر إداري ومنشأة بحثية وقواعد لإطلاق الصواريخ في كافة أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية.

ويقع المقر الإداري الرئيسي لناسا في العاصمة الأمريكية واشنطن، وغرفة التحكم الأرضية الأهم في هيوستن بولاية تكساس، بينما يقع أهم موقع تابع لها لإطلاق الصواريخ الفضائية هنا في كيب كانافرال على ساحل الأطلنطي غرب ولاية فلوريدا أو كما يطلق عليه ساحل الأقمار الصناعية.

كما أن «أخبار السياحة» تأخذك في جولة خاصة جداً داخل أهم موقع لناسا حيث يعد القاعدة الأولى لإطلاق الصواريخ الفضائية، أو كما يطلق عليه ميناء أمريكا الفضائي، ومن هنا انطلقت الرحلة المأهولة الأولى للقمر، كما من المقرر أن تنطلق هنا أيضاً أول رحلة للإنسان لغزو الكوكب الأحمر بحلول 2025 كما تخطط ناسا.


مركز كيندي:
يعد مركز كيندي للفضاء أهم مقصد للسياحة الفضائية ليس في الولايات المتحدة فحسب بل في العالم كله وهو يستقبل ملايين السياح سنويا من كافة أنحاء العالم، كما أنه الموقع الأول لناسا من حيث الأهمية من بين الـ20 مقر ومنشأة التي تديرها الوكالة الفضائية بطول الولايات المتحدة وعرضها.

وفي مركز كيندي فأن العمل بالمختبرات البحثية بقاعدة إطلاق الصورايخ الفضائية الأولى يسير جنبا إلى جنب مع العمل بالمنشئات السياحية التابعة لنفس المركز، كما أن مركز كيندي يقع في أقصى الجنوب الشرقي للولايات المتحدة، بالتحديد على الساحل الشرقي لولاية فلوريدا المطل على المحيط الأطلنطي، ويمتد على مسافة 144 ألف فدان ويضم 700 منشأة، ويتقاسم مع قاعدة كاب كانافرال للقوات الجوية الأمريكية، جزيرة ميريت المحاذية لساحل فلوريدا على الأطلنطي، يبعد نحو 3ساعات من مطار تامبا الدولي، إذا كنت قادما من رحلة دولية، ونحو الساعة من مطار ملبورن المخصص لاستقبال الرحلات الداخلية، الوسيلة الوحيدة للوصول إلى المركز هي سيارتك الخاصة فلا توجد وسائل نقل عام هنا، أنت في فلوريدا حيث عدد السيارات الخاصة أكبر من البشر، يمكنك تأجير سيارة بسهولة من المطار أو إستخدام أوبر.


ويكتسب المركز شهرة واسعة في الأوساط العلمية والسياحية المهتمة بالفضاء، لأنه فضلاً عن اضطلاعه بالعديد من المهام العلمية فانه يعد الموقع الرئيسي لناسا في إطلاق الرحلات البشرية للفضاء منذ تأسيسه في يوليو1962 على يد الرئيس الأمريكي جون كيندي، حيث انطلقت منه كل رحلات أبوللو لاستكشاف القمر، كما انطلقت منه رحلة أبوللو11 التاريخية ورحلة الإنسان الأول إلى القمر في 1969، كما من المقرر أن يشهد إطلاق الرحلة المأهولة الأولى للكوكب الأحمر بحلول 2025، وقد تحول المركز في 2010 إلى أول ميناء فضائي تجاري حيث يقوم بإرسال الأقمار الصناعية لمدارتها حول الأرض لحساب الشركات التجارية.

ويشمل المركز العديد من القاعات المخصصة لعرض المقتنيات الأصلية العائدة من الفضاء والتي سبق وشاركت في مهمات بحثية خارج الأرض، كما يعرض العديد من عينات التربة والصخور التي أرسلت من جانب المستكشفون الآليون من المريخ والقمر.

كما يضم المركز إحدى نسخ مكوك الفضاء اتلانتيس بعد خروجه من الخدمة في 2011، والذي سبق وشارك في العديد من المهمات خارج الأرض ويعرضه من الداخل والخارج في قاعة خاصة، ويضم العديد من المسارح والسينمات ذات تقنية الـ3D لعرض مواد تسجيلية عن الفضاء.

حديقة الصواريخ:
A Mercury-Redstone وGemini و Apollo هي أول رحلات ناسا التي حملت إنسانا إلى الفضاء، وتحتفظ ناسا بهياكل مشابهة وبعض الهياكل الأصلية لتلك الصواريخ في حديقة الصواريخ الوحيدة في العالم والتي تقول ناسا إنها تحتفظ بها لتخليد ذكرى العلماء والمهندسين الذين حولوا الحلم الأمريكي بالسفر إلى الفضاء إلى حقيقة بعدما استيقظ الأمريكان على خبر إطلاق الاتحاد السوفيتي أول مركبة فضائية في أكتوبر1957، سبوتنيك 1، والتي عرفت فيما بعد بصدمة سبوتنيك.

قاعة القمــر:
بمجرد دخولك القاعة الرئيسية ستفاجيء بصاروخ كامل لمعلق في سماء القاعة وبالنظر إلى ضخامته من المؤكد أنه يعد أهم المعروضات بتلك القاعة، بعد قليل عرفنا أن هذا العملاق فوق رؤوسنا يمثل نسخة أصلية من الصاروخ Saturn V أو ساتورم 5، وهو واحد من ثلاثة نسخ أصلية مازالت الولايات المتحدة تحتفظ وكان يعد من أضخم الصواريخ الفضائية التي أطلقتها ناسا، وقد أطلقت الوكالة الفضائية الأمريكية نحو 13 صاروخاً من هذا النوع خلال الفترة من 1967 إلى 1972، وعلى جانبي القاعة عرضت أحد النماذج الأولية لمركبة قمرية، فضلاً عن بعض السيارات القمرية التي سارت يوما فوق القمر ومجسم كامل يظهر كيف كان رواد الفضاء يقضون ساعاتهم على القمر.

كما يقودك البهو الرئيسي بعد ذلك إلى قاعة جانبيه بها مقتنيات عادت سالمة من القمر واصطفت داخل إطار زجاجي عدد من الصخور القمرية مختلفة الأشكال والإحجام.
وفي الجهة الأخرى من القاعة عرضت السترات الأصلية لعدد من رواد الفضاء التي ارتداها المستكشفون الأوائل للقمر.


أبوللو 8  (كريسماس على القمر)
المحطة الثالثة، وهي غرفة التحكم الأصلية لرحلة أبوللو 8 أو ما تعرف برحلة قضاء ليلة الكريسماس على القمر، برجاء الجلوس فالرحلة ستنطلق في غضون دقائق، فاجئنا هذا الصوت بمجرد دخول القاعة حيث تراصت مجموعة من الشاشات وألواح المفاتيح يشير مظهرها إلى أنها عتيقة الطراز بجوار بعضها البعض في مشهد يذكرك بغرف التحكم في المفاعلات النووية، جلسنا في المقاعد الخلفية أمام تلك الشاشات الغابرة ننتظر انطلاق الرحلة، فوجئنا بالشاشات تعج بالحركة وصوت يأتي من كل مكان بتساؤل
أبوللو 8 هل تسمعني؟
فأجابه صوت آخر يبدو عليه التوتر
– نعم أسمعك بوضوح
– الانطلاق خلال دقيقة مستعد؟
– مستعد
– وفقنا الله
– وفقنا الله
– وبدأ العد التنازلي 8..7..6..5..4..3..2..1..0 إنطلاق.

فإذا بصوت إنفجار عظيم، هذا إنفجار حقيقي لا شك، الأرض تهتز تحت أقدامنا بالفعل، المقاعد ترتج بعنف، تسمع صوت تهشم زجاج بمكان ما، أحدهم يطلق صرخة مكتومة، بعض الأطفال تبدأ في البكاء حتى يأتينا صوتا عبر مكبر صوت متوتر لا نتبين ماذا يقول بالضبط بسبب الضجيج المحيط.

الضجيج يخف تدريجياً، فتتبين ماذا يقول أحدهم حيث يعلن إستقرار الصاروخ ونجاح عملية الإطلاق تنهال على مسامعنا أصوات التهنئة وتعم الفرحة القاعة بعد قليل يعلو صوت آخر
– أبوللو 8 هل تسمعني؟
– أسمعك بوضوح
– لقد اجتزت لتوك الغلاف الجوي للأرض
– نعم أشعر بذلك، تهانينا
– رحلة أمنة للقمر وكريسماس سعيد، الاتصال القادم سيكون بعد،
هذه كانت معايشة حقيقية للحظات إطلاق رحلة أبوللو 8 التاريخية، علمنا بعد ذلك أن تلك التسجيلات التي سمعناها لتونا هي تسجيلات حقيقية تحتفظ بها ناسا لعملية الإطلاق وتلك الشاشات ولوحات المفاتيح هي لغرفة التحكم الأصلية بعد خروجها من الخدمة.

واستمر عرض بعض الأفلام التسجيلية عن الرحلة والتي تقول ناسا عنها أنها أول خطوة عملية مهدت لهبوط الإنسان الأول على القمر بعد ذلك، ففي 21 ديسمبر 1968 انطلقت أبولو 8 بواسطة الصاروخ ساتورن 5 حاملة ثلاثة رواد فضاء، وبعد أربعة ايام، دخلت أبولو8 في مدار حول القمر وأصبح الرواد الثلاثة، بورمان ولوفل واندرس وهم أول بشر على الإطلاق يحلقون حول القمر وأول بشر يشاهدون الجانب المظلم من القمر والذي لا يظهر أبداً من الأرض، وخلال الرحلة قام الرواد بالدوران عشر مرات حول القمر، لالتقاط الصور وتسجيل الملاحظات والتي قيل إنها كانت السبب لاختيار موقع هبوط أول إنسان فوق سطح القمر بعد ذلك بعد 6 أشهر، عادت أبوللو 8 سالمة إلى الأرض حيث هبطت فوق سطح المحيط الهادي ويوصف نجاحها بأنه وراء فتح الباب أمام رحلات أبوللو المتعاقبة لهبوط الإنسان على القمر.

كما إلتقطت أبوللو 8 الصورة الشهيرة لكوكب الأرض من مدار القمر والتي عرفت بشروق الأرض وهي تمثل أحد إيقونات الفضاء قاطبة.

قاعة المريخ:
مرحبا بك في المريخ أول ما تقع عليه عيناك بدخولك قاعة المريخ، القاعة نفسها كلها باللون الأحمر الهادئ مثل لون المريخ وتقريباً كل شيء بها أحمر أو قريب من البرتقالي حتى الأرضية أما الأسقف فهي كالفضاء يغطيها السواد لكن تتلائلا بها النجوم وهي غير مسطحة بشكل يعطيك إحساس انك على المريخ بالفعل، القاعة تضم العديد من العروض والأفلام والصور الحقيقية عن المريخ والتي سبق وأرسلها المستكشفون الآليون، فضلاً عن بعض العينات الصخرية من الكوكب الأحمر، فضلا عن بعض المركبات الآلية من طراز روفر، التي هبطت بالفعل على المريخ وسارت عليه وجمعت عينات وعادت سالمة إلى الأرض مع كنزها الثمين.

وبالقاعة عدد من الأفلام والصور والنماذج عن شكل الحياة التي تخطط لها ناسا على المريخ، والخطة تقضي بإرسالبعض مركبات المؤن والملاجئ اللازمة للحياة البشرية لرواد الفضاء الأوائل، بينما من المقدر أن تصل أول المركبات المأهولة للمريخ خلال الفترة من 2025 إلى 2030.

كما تؤكد الأفلام أن ناسا لديها خطط للتغلب على مشاكل المناخ وتوليد الأكسجين فضلا عن توفير المياه والغذاء اللازمان للحياة البشرية على الكوكب الأحمر القاحل، وتوضح الأفلام التي يتم عرضها بكل أنحاء القاعة أن ناسا تدرس المريخ عبر المستكشفون الآليون منذ قرابة الـ 40عاما، ولحظة هبوط الإنسان على المريخ باتت اقرب من أي وقت مضى.

وتؤكد الأفلام المعروضة، أن ناسا لديها إسطول من المركبات الفضائية الروبوتية روفر على سطح المريخ وحوله، لدراسة كل المتغيرات على الكوكب الأحمر، لتمهيد الطريق للبشر لغزو الكوكب في المستقبل، حيث تتلقى ناسا الآف البيانات والمعلومات من المريخ، والتي يقوم بدراستها وتحليلها فريق ناسا المكلف بمتابعة المريخ، وذلك لتسهيل مهمة رواد الفضاء المقبلة وحماية حياتهم على سطح المريخ.

محطة الفضاء الدولية:
إذا أردت أن تعرف كل شيء عن حياة رواد الفضاء في محطة الفضاء الدولية فجولة واحدة بهذه القاعة تكفي حيث تعرض كل شيء تقريباً عن كيفية حياة رواد الفضاء لمدة تتراوح بين عدة أيام إلى عدة شهور في الفضاء.
القاعة عبارة عن نموذج لمحطة فضاء فعلية وكان هناك لافته تشير إلى قرب افتتاح ركن خاص للمرتادين لتجربة إنعدام الجاذبية بشكل فعلي، كجهاز المحاكاة التي يتدرب عليه رواد الفضاء لكن هذا القسم قدي التجهيز.

(ناسا في سطور)
تأسست ناسا في 29 يوليو 1958، تحت شعار «من أجل الوصول إلى آفاق جديدة والكشف عن المجهول لصالح البشرية» بقرار من الرئيس الأمريكي وقتها أيزنهاور، بميزانية سنوية بلغت في ذلك الحين 100 مليون دولار وثمانية آلاف موظف يعملون بثلاثة مختبرات أبحاث رئيسية، ومرفقين صغيرين للاختبار، ثم قفزت الوكالة قفزة كبيرة بالرعاية اللامحدودة من جانب الرئيس جون كيندي للبرنامج الفضائي الأمريكي حيث حدد للوكالة هدف بإرسال رجال على سطح القمر وإعادتهم سالمين.

وتضم الوكالة، 20 مركز ومنشأة وموقع، أهمها مركز جون كيندي الفضائي بفلوريدا، ومركز ليندن جونسون الفضائي بتكساس، ومركز جورج مارشال للطيران الفضائي بآلاباما، ومركز كودارد للطيران الفضائي بميريلاند، وتعمل ناسا باربعة مجالات رئيسية وهي، الطيران والملاحة الجوية، واستكشاف البشرية من خلال محطة الفضاء الدولية حيث عملت ناسا بالتعاون مع روسيا وشركائها الدوليين في الحفاظ على وجود بشري دائم في الفضاء منذ عام 2000، العلوم لاستكشاف المجال الشمسي والكون، وأخيراً تكنولوجيا الفضاء.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى