[ الصفحة الأولى ]تاريخ وحضارة

حكاية تعامد الشمس على معبد أبو سمبل الكبير

قد لا نكون مبالغين إذا اعتبرنا أن معبد “ابو سمبل” يعد أعظم بناء ضخم صنعه الإنسان على وجه الارض في زمانه والواقع أن رمسيس الثاني كان يقصد أن ينحت لنفسه مبنى منقطع النظير يفوق به كل من سبقه من الملوك ولذلك نجد أنه حوَّل صخرة ابو سمبل إلى أثر يدل على عظمته وضخامة ملكه بين الملوك السابقين له وربما اللاحقين.

حدثت أمس الموافق ٢٢ أكتوبر ظاهره فلكية فريدة من نوعها في معبد ابو سمبل الكبير باسون وهي تعامد الشمس علي وجة الملك رمسيس الثاني والاله امون، في قدس الأقداس بالمعبد وهو اخر اجزاء المعبد، وهذه الظاهره تدل علي براعة المصري ليس فقط في البناء والتشيد ولكن عبقرية المصري القديم، تخطط ذلك لتربط بين علم الفلك ودوران الارض بالعماره والبناء.

أما عن هذة الظاهره، فنجد تعامد الشمس يبدأ بعد شروق الشمس ويستمر التعامد حوالى ٢٠ دقيقة، وتدخل الشمس من واجهة المعبد لتقطع مسافة ٢٠٠ متر لتصل إلى قدس الأقداس، ثم تضىء الشمس ثلاثة تماثيل من الأربعة الموجودة فى داخله التى تبعد عن مدخل المعبد بحوالى ٦٠ م، فالشمس تضىء تمثال أمون رع وتتعامد على وجه رمسيس الثانى وتضىء تمثال حور آخت ولن يصل الضوء لتمثال الاله بتاح إله الظلام كما كان يلقب قديمًا.

أما عن وقتها، فنجد أن الظاهرة تحدث مرتين فى السنة وهما يومى ٢٢أكتوبر و٢٢فبراير ؛ ولكن قبل بناء السد العالى كانت هذه الظاهرة تحدث يومى ٢١ أكتوبر و٢١ فبراير، ولكن بعد نقل معبد أبوسمبل بعد تقطيعه لإنقاذه من الغرق تحت مياه بحيرة السد العالى في بداية الستينيات من
موقعه القديم أصبحت هذه الظاهرة تتكرر يومي ٢٢ أكتوبر و ٢٢ فبراير، وذلك لتغيير خطوط العرض والطول بعد نقل المعبد ١٢٠ م غربًا وبارتفاع ٦٠م سبب تغير موعد الظاهرة.

اكتشفت هذه الظاهرة في عام ١٨٧٤ حيث قامت اميليا ادوارذ والفريق المرافق لها برصد هذه الظاهرة وتسجيلها في كتابها المنشور عام ١٨٩٩.

أما عن التفسير الفلكي للظاهرة:
إن تقدم القدماء المصريين في علوم الفلك يؤكد استفادتهم الكاملة بظواهره في حياتهم العامة وأنهم كانوا يعرفون بدقة خصائص شروق الشمس وغروبها ومواقيتها ومواقعها وطول السنة الشمسية.

فتعامد الشمس على معبد أبى سمبل مرتين في العام تستند إلى حقيقة علمية اكتشفها قدماء المصريين وهى أن لشروق الشمس من نقطة الشرق تماماً وغروبها من نقطة الغرب تماماً في يوم الحادي والعشرين من شهر مارس ثم تتغير نقطة الشروق بمقدار ربع درجة تقريباً كل يوم إلى ناحية الشمال حيث تصل في شروقها إلى نقطة تبعد بمقدار ٢٣ درجة و ٢٧ دقيقة شمال الشرق في الثاني والعشرين من شهر يونيو.

كما عرفوا أن الشمس تعود مرة أخرى لتشرق من نقطة الشرق تماماً بنفس معدل تحركها تجاه الشمال لتصل إلى نقطة الشرق تماماً في الحادي والعشرين من شهر سبتمبر، ثم تتغير نقطة شروق الشمس بمعدل ربع درجة تقريباً ناحية الجنوب لتصبح على بعد ٢٣ درجة و ٢٧ دقيقة جنوب الشرق في الثاني والعشرون من شهر ديسمبر من كل عام ثم تعود بنفس المعدل لتصل إلى نقطة الشرق تماماً في الحادي والعشرين من شهر مارس.

وبالنظر؛ فنجد استناد قدماء المصريين في اكتشافهم إلى أن الشمس تمر على كل نقطة في أثناء شروقها وغروبها مرتين في كل عام، وان المسافة الزمنية بينهما تختلف تبعاً لبعد كل نقطة عن نقطة الشرق تماماً.

ومن ذلك؛ فإن تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني مرتين في العام، يومي الثاني والعشرين من شهر أكتوبر والثاني والعشرين من شهر فبراير، جاء نتيجة لاختيار قدماء المصريين نقطة في مسار شروق الشمس تبعد عن نقطتي مسارها زمن قدره أربعة أشهر لتتوافق مع يوم ٢٢ أكتوبر و٢٢ فبراير من كل عام ثم قاموا ببناء المعبد بحيث يكون اتجاه المسار التي تدخل منها الشمس على وجه رمسيس الثاني من ناحية الشرق من فتحة ضيقة. وأن القدماء المصريين جعلوا هذه الفتحة ضيقة بحيث إذا دخلت أشعة الشمس في يوم وسقطت على وجه التمثال فإنها في اليوم التالي تنحرف انحرافاً صغيراً قدره ربع درجة وبهذا تسقط الأشعة في اليوم التالي على جدار الفتحة ولا تسقط على وجه التمثال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى