البداية كانت هنا.. في دير الأنبا سان بول
بقلم : مروة سعيد
شد نظري منظر الدير الواقع وسط جبال البحر الأحمر، شد نظري منظر الدير المهيب، وقفت ساكنة لا أتحرك لبرهة محاولة استيعاب تلك التحفة التي أراها أمامي، أنا هنا في حضرة الأنبا بولا، في ديره الذي لجأ فيه إلى الله هاربًا من إغواء الشيطان، في ذلك المكان الجبلي الذي تدل طبيعته القاسية على عقلية صاحبه في اختيار ملاذه.. في رغبة حقيقية منه في الزهد والبعد عن حب الدنيا.
بدأت الحكاية حين اختلف أخان على الميراث، وفي طريقهما إلى القاضي ليحكم بينهما قابلا عزاء أحد الأغنياء، حينها تساءل أحد الأخين عن الملاذ الحقيقي، رأى ملاكًا، فلم يكذب قلبه الذي وصل به إلى هذا المكان الذي مكث به للأبد معتزلا الناس.
داخل الدير، دير أثري يحوي حديقة وعين الماء التي طالما شرب منها الأنبا بولا، طوال حياته وهي لا تزال تجري حتى الآن لتسكب الحياة داخل الجبل منبتة ثمارًا طيبة.
أُنشئت هذه الكنيسة في القرن الرابع الميلادي، وحين جاء المعلم إبراهيم الجوهري أصلح ما تهدم منها وبنى كنيسة أبي سيفين فوق فوق كنيسة الأنبا بولا، ويمكن الوصول إليها من خلال سلم يربط بينهما.
بنيت هذه الكنيسة على الطراز البازليكي، ولازالت محتفظة حتى الآن بنقوشها ورسوماتها الجميلة المعبرة. بجانب باب الدير رأيت الساقية التي كانت تستخدم لرفع الزوار للدخول إلى صحن الدير، وبجوار الدير الأثري دير حال به مئة راهب، كما يضم الدير الحالي مصنعا للشمع ومخبز، ومشغل لصنع ملابس الكهنوت.
في نهاية جولتي في ذلك المكان الذي انتزع جزءا من روحي، تذكرت جملة الأنبا بولا “من يهرب من الضيقة، يهرب إلى الله”.