الدلالة السياحية في سورية هل تعود من المنصات الرقمية؟

خسر القطاع السياحي خلال سنوات الحرب العديد من كوادره ويظهر هذا جلياً في أعداد الأدلاء السياحيين الذين تركوا العمل ولا يخفى على أحد الدور الحيوي الذي يقوم به الدليل السياحي في الترويج للمواقع السياحية والأثرية وإظهار أجمل ما تشتهر به البلد من مواطن الجمال والترفيه عن النفس ولا يمكننا أن نغفل أهمية الدليل السياحي في الترويج للمواقع السياحية, لذا عملت الوزارة وضمن الترخيص لأدلاء سياحيين جدد وترميم الكوادر في القطاع السياحي وافتتاح مراكز الزوار برؤية جديدة بنمط (عرض توثيقي مرئي) على إطلاق عدد من الدورات التدريبية لتأهيل أدلاء سياحيين, -حسب مدير سياحة ريف دمشق وائل الكيال- الذي أشار إلى أنه في ظل تعافي القطاع السياحي تم البدء بعدد من الدورات التدريبية لرفد القطاع السياحي بالكوادر المتخصصة, مشيراً إلى أن المرسوم التشريعي رقم 54 الناظم لعمل الأدلاء السياحيين والصادر عام 2002 لفت إلى أنه يجب على الأدلاء السياحيين تجديد الترخيص لمواصلة مهنتهم كل خمس سنوات بعد اتباع دورات تدريبية.
من جانبه فيصل نجاتي -مدير عام سابق في الهيئة العامة للتدريب السياحي والفندقي في مركز دمر للتدريب السياحي والفندقي بضرورة إقامة دورات (مجانية) للتصنيف وتجديد الترخيص للأدلاء السياحيين بمشاركة متدربين من تخصصات جامعية مختلفة ولغات متنوعة(إنكليزي، فرنسي، روسي، فارسي، يوناني) وتتضمن محاضرات تتناول العلوم السياحية ومعلومات تاريخية ومختلف العلوم المتنوعة التي ينبغي على الدليل السياحي الإلمام بها وإتقانها خلال استقباله ومرافقته للضيوف القادمين إلى سورية وتشمل كلاً من الجوانب الاقتصادية، السياسية والدينية وتترافق المحاضرات النظرية مع جولات عملية عديدة في مواقع مختلفة في دمشق وخارجها بحيث تتكامل في نهاية الدورة المعلومات النظرية مع المهارات التقنية للعمل في هذا المجال, حيث تختتم الدورة باختبار كتابي وشفهي لكل المتدربين ليحصل بعدها الناجحون على ترخيص مهنة دلالة سياحية. وأوضح ان هذه الدورات تسهم في تسليط الضوء على المعلومات الدقيقة والمتكاملة التي يجب أن يمتلكها الدليل السياحي لنقلها بشكل صحيح للزائرين, مؤكداً أهمية دور الدليل في الترويج للقطاع السياحي وخاصة في هذه المرحلة, مرحلة انتصار سورية.
من جانبه أكد ممثل اتحاد غرف السياحة عماد الدين عساف أهمية دور الفئة الشابة المندفعة لممارسة مهنة الدليل السياحي لرفدها بالكفاءات المناسبة التي تسهم في تنشيط القطاع السياحي حيث تعد هذه الدورات فرصة لتلك الكفاءات لممارسة عملهم مع عودة الأمن والأمان وإعلان عدد من الشركات السياحية إعادة الرحلات إلى سورية.
الجدير بالذكر أن وزارة السياحة أصدرت العام الفائت القرار رقم 3242 حددت بموجبه الحد الأدنى لأجور الأدلاء السياحيين المرافقين للمجموعات السياحية وفقا لمسافة الجولة السياحية والفئات الدراسية واللغات المتقنة.
وبين عساف أن مهمة الدليل السياحي تحتاج لثقافة واسعة وهناك سياح يفضلون القدوم إلى مواقع سياحية مدرجة على لوائح التراث العالمي خاصة بعد استعادة السيطرة على بعض المواقع المهمة التي طالها تخريب جزئي جراء الإرهاب ويجري اليوم تأهيل ادلاء جدد قادرين على التعريف بالمواقع السياحية وعلى اطلاع بمجريات الأحداث في سورية وما تعرضت له المواقع السياحية والأثرية.
من جانبها لفتت مديرية الخدمات والمؤسسات السياحية في الوزارة رمزية أوطاباشي إلى أنه وبحسب احصائية عام 2010 بلغ عدد الأدلاء السياحيين في سورية 1400 دليل بينما الأدلاء العاملون حاليا 79 دليلا مبينة أنه وضمن مواد المرسوم الناظم لعمل الدلالة السياحية يجب تجديد الترخيص كل خمس سنوات بعد اتباع دورات تدريبية.
وقد أصدرت منظمةالسياحةالعالمية (UNWTO) أحدث تقاريرها حول السياحة الدولية وقيود السفر المتعلقة بانتشار فيروس COVID-19، معلنةً أن 40% من جميع الوجهات السياحية حول العالم خففت قيود السفر، وبدأت في استقبال السائحين الدوليين تدريجياً.
وأكدت المنظمة في تقريرها، أنه سيتم استئناف السياحة بشكل مسؤول ومتكيف مع الواقع الجديد في جميع أنحاء العالم.
وقد قامت المنظمة بإحدث رصد حتى 19 تموز الماضي، وتبين أنه/ 22/ من /87 /وجهة قامت بتخفيف قيود السفر، رفعت أربعة منها فقط جميع القيود تماماً، في حين قامت 83 وجهة بتخفيفها مع إبقاء بعض الإجراءات مثل الإغلاق الجزئي للحدود. وتواصل 115 وجهة (53% من جميع الوجهات حول العالم) إبقاء حدودها مغلقة تماماً للسياحة.
وتشير البيانات إلى أنه بحلول نهاية شهر أيار، أدت الجائحة إلى فقدان 320 مليار دولار أمريكي من العائدات، أي ثلاثة أضعاف تكلفة الأزمة الاقتصادية العالمية لعام 2009.
وبين الأمين العام لمنظمة السياحة العالية ” يمكن استئناف السياحة بمسؤولية وبطريقة تحمي الصحة العامة مع دعم الأعمال التجارية وسبل العيش”
من جانب آخر يتحدث بعض من كانوا يعملون كأدلّاء سياحيين عن اضطرارهم لتغيير مهنتهم بشكلٍ كليّ بعد الشلل الذي أصاب السياحة في سوريا. “عملتُ لمدة خمسة عشر عاماً كسائقٍ ودليل سياحيّ مع العديد من مكاتب السياحة في مختلف أنحاء سوريا”، يقول أبو محمد، وهو رجل ستينيّ.
“لم أترك مكاناً في سوريا لم أزره. وكنا نستقبل السيّاح من مختلف دول العالم، وأفضلهم الأوروبيون سواء في التعامل أو الالتزام بالمواعيد”؛ يضحك الرجل الذي يضيف بأنه انتقل اليوم، كما المئات مثله، إلى العمل كسائق على خطّ دمشق-بيروت، وهو من خطوط النقل القليلة التي لم تتوقّف أثناء الحرب في سوريا. “هي واحدة من المهن التي لا زالت تدرّ أرباحاً معقولة. وبانتظار أن تعود السياحة كما كانت، قد أنتقلُ إلى سنّ التقاعد”.
حوّلت سنوات الحرب التسع وشلل الحركة السياحية أغلب العاملين بالأدلاء السياحي إلى عاطلين عن العمل أو أصحاب مهن أخرى لا تمتّ لثقافتهم بصلة، ولم يشكّل تسرّبهم من العمل أي دافع لدى الجهات المسؤولة عنهم لاستدراك الخلل الحاصل ومحاولة الحفاظ عليهم أو تعويضهم على أقل تقدير، ورفض بعضهم للعودة إلى العمل دون شروط وضمانات مسبقة، إذ استبعد عدد ممن التقيناهم في مجال الدلالة السياحية فكرة العودة بعد أن تأقلموا مع مجالات عمل جديدة، بينما تجري اليوم محاولات كثيرة لإعادة استقطاب من غادر من الأدلاء لمجاراة انتعاش السياحة مجدداً.
ولم يختلف رأي رئيس شعبة الأدلاء السياحيين في اتحاد غرف السياحة د.عماد الدين عساف عمّا سبق، حيث استنكر إهمال الدليل والخدمات التي قدّمها ليكسب ودّ السياح والترويج السياحي لسورية وغياب أي دعم مادي أو معنوي له، فكانت هناك شريحة مثقفة على درجة عالية ولها مهارة ممتازة في لغات أجنبية يُستعان بها في المعارض السياحية الخارجية، ولهم دور في استقبال وفود من أعلى المستويات لم يبقَ لهم شيء اليوم سوى الخيبة، مشيراً إلى المطالبة المستمرة بالاستعانة بالدليل السياحي عند استقبال الوفود الأجنبية والصحفيين الذين يزورون جهات عدة دون تجاوب، فغالباً ما يكون المرافق مترجِماً ما يشكّل تهميشاً واضحاً لدور الدليل السياحي.
وكشف عساف عن عقد تأمين جماعي وقعته الشعبة مؤخراً مع السورية للتأمين ضد الحوادث والإصابات التي قد يتعرض لها الدليل، شمل 62 دليلاً في غرفة سياحة دمشق بقيمة 500 ألف ليرة، وتضمن لأول مرة تعويض الوفاة الطبيعية، بينما يتم حالياً التواصل لإنجاز ملاحق للعقد لبقية الغرف، مضيفاً: إن الغرفة تسعى إلى تأمين صحي لكل أعضائها، إضافة إلى الإصرار حالياً على إحداث صندوق معاش تقاعدي أو تكافل اجتماعي ضمن التعديلات الجديدة للقانون 65، مطالباً في الوقت ذاته بإعادة الاعتبار لجمعية الأدلاء السياحيين وطيّ قرار حلها عام 2008، بعد أن قامت بدور مهم في نشر الوعي الثقافي والسياحي وإشراك الأدلاء القدامى في تدريب الأدلاء الجدد وتبادل الخبرة وإقامة دورات تثقيفية ولقاءات اجتماعية لأسر الأدلاء، مكملةً بذلك دور شعبة الأدلاء السياحيين بالجانب المهني وأمور الترخيص والتدريب وغيرها.
من جانب آخر استغرب طلاب كلية السياحة أن تكون نسبتهم بين الأدلاء ضئيلة جداً بالمقارنة مع خريجي كليات واختصاصات أخرى، ورأى أستاذ في الكلية أن خريجي السياحة أحق من غيرهم في الحصول على تراخيص الدلالة السياحية، فهم يملكون قاعدة ثقافية واسعة تؤهلهم لهذا العمل بدل انتظار المسابقات التي لا تستوعب جميع الأعداد، الأمر الذي برره عساف بأن كلية السياحة لم تكن موجودة عند إصدار المرسوم 54 لمزاولة مهنة الدليل السياحي، ثم بعد إحداثها بفترة وجيزة بدأت الحرب ولم تُتَح الفرصة للطلاب للتدريب العملي الميداني، فلا يمكن لهم قيادة مجموعة سياحية، فضلاً عن أن عدداً كبيراً من طلاب كلية السياحة لا يتقنون الحديث بلغة أجنبية، والشهادة وحدها غير كافية.
وبينما بلغ عدد الأدلاء قبل الأزمة 2000 دليل مرخص، يوجد منهم 500 تقريباً في ذروة العمل، بيّن عساف أنه يصعب تحديد العدد حالياً، فبعضهم لم يجدّد اشتراكه بعد، إلا أن تطبيق أية برامج إضافية اليوم لا يوجد لها العدد الكافي، فالطموح لتشجيع السياحة الداخلية وسياحة الطفل واليافعين والتوجه للنقابات لاصطحاب دليل في الرحلات يتطلب أعداداً كبيرة من الأدلاء، موضحاً أن معظم مجموعات السياح الداخلية اليوم تكون عبر مكاتب غير منظمة ولا تضم دليلاً مرخصاً، فضلاً عن عدم العدالة بتنظيم العمل فنجد أحياناً مكاتب عدة تتعامل مع دليل واحد، وهناك من يطلب وجود دليل سياحي دون أن يعطيه أتعابه!.
وأكد عساف أن المطلوب اليوم إيجاد الدعم المعنوي والمادي للأدلاء، وخلق فرص عمل لهم وحمايتهم من الحوادث، والاستفادة من خبراتهم في مجالات عدة، فحتى في ظل غياب المجموعات السياحية يُستفاد من الأدلاء بتشكيل حلقات بحث لكتابة المواد المتعلقة بالبروشورات التي ستوزع في المعارض السياحية العالمية، وفي الترويج الإلكتروني، وإيجاد دليل مرجعي موحد للأدلاء الجدد..