[ الصفحة الأولى ]مال وأعمال

“البنك الدولي” يتوقع تسارع معدلات نمو اقتصادات الخليج إلى 4.5% حتى 2026

توقع “البنك الدولي” تضاعف معدلات النمو الاقتصادي في دول الخليج على المدى المتوسط يصل إلى 3.2% في عام 2025 و4.5% في عام 2026 مدفوعاً بالتراجع عن سياسة تخفيض إنتاج النفط التي كانت قد أقرتها “أوبك+”، إلى جانب التوسع القوي في القطاعات غير النفطية.

شهدت المنطقة نمواً اقتصادياً بلغ 1.7% في عام 2024، مقارنةً بـ0.3% في عام 2023، مدفوعاً بالنمو القوي للقطاع غير النفطي وإظهار قدرته على الصمود، بزيادة 3.7%. المساهمات الرئيسية في النمو جاءت من الاستهلاك الخاص والاستثمار، والإصلاحات الهيكلية التي تم تنفيذها في دول الخليج، بحسب تقرير البنك الدولي لمستجدات اقتصاد دول الخليج.

وحذر البنك الدولي وفقا للتقرير الذي صدر اليوم على نسخة منه، من التحديات المرتبطة بحالة عدم اليقين التي تحيط بالتجارة العالمية، حيث لا يزال خطر التباطؤ الاقتصادي العالمي يحمل آثارا سلبية على المنطقة.

وأوصى البنك الدولي بضرورة تسريع وتيرة الإصلاحات الرامية إلى تنويع النشاط الاقتصادي وتعزيز التجارة الإقليمية، للتخفيف من حدة هذه المخاطر.

من جانبها، قالت المديرة الإقليمية لدول مجلس التعاون الخليجي بالبنك الدولي، صفاء الطيب الكوقلي “إن قدرة دول الخليج على الصمود في وجه التقلبات العالمية، واستمرارها في تنويع مصادر النمو، يعكس التزاماً واضحاً بتحقيق الازدهار طويل الأمد.”

وأضافت: “السياسات المالية الذكية، والاستثمارات المستهدفة، ودعم الابتكار وريادة الأعمال، تمثل ركائز أساسية للنمو والاستقرار.”

وأشاد التقرير الذي حمل عنوان “إنفاقا ذكيا ونواتج اقتصادية أقوى: سياسات المالية العامة من أجل ازدهار دول مجلس التعاون الخليجي” باقتصادات المنطقة، مشيراً إلى فاعلية السياسات المالية العامة في تحقيق الاستقرار في الاقتصاد الكلي وتشجيع النمو.

وأشار البنك الدولي إلى تقلبات أسعار النفط، حيث تشكل مصدرا للضغط على الموازنة العامة في العديد من دول المنطقة، إذ يتوقع أن تشهد بعض دول الخليج عجزا متزايداً في المالية العامة في عام 2025 مما يؤكد على ضرورة فهم مدى فاعلية السياسات المالية العامة.

 

التجارة العالمية.. مصدر قلق وفرصة

أوضح التقرير أن حالة عدم اليقين في التجارة العالمية تمثل تحدياً رئيسياً أمام جهود التنويع، خاصة في ظل الاعتماد على واردات المواد الخام، وتذبذب الطلب على صادرات الهيدروكربونات. كما أن التوترات التجارية، مثل زيادة الرسوم الجمركية على الصين، قد تؤثر سلبًا على اقتصادات الخليج، نظرًا للعلاقات التجارية الوثيقة مع بكين.

ففي عام 2023، شكّلت الصادرات إلى الصين النسبة الأكبر من إجمالي صادرات سلطنة عمان (36.2%)، تليها الكويت (18.6%)، والسعودية (14.9%)، وقطر (13.8%). أما البحرين والإمارات، فتعتمد بشكل أقل على السوق الصينية. ويُحذر التقرير من أن أي تباطؤ اقتصادي في الصين قد ينعكس سلبًا على اقتصادات الخليج.

 

الاستثمار الحكومي.. تأثير محدود لكنه مهم

وقال البنك الدولي إن تأثير الاستثمار الحكومي على الإنتاج غير النفطي يعد هامشيا بزيادة نسبتها 0.07% في الناتج المحتمل لكل زيادة بنسبة نقطة مئوية واحدة في الاستثمار، ولكنه يتماشى مع تجارب دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وأكد التقرير أن هذا التأثير الإيجابي يكون أكثر وضوحاً عندما لا يتم تمويل الاستثمارات عبر الاقتراض، لتجنب الضغط على الموازنات العامة.

كما شدد على أهمية التمييز بين الاستثمارات المؤقتة وتلك الدائمة، حيث أن الأخيرة تساهم بشكل أكبر في تعزيز رأس المال الإنتاجي وتحقيق نمو مستدام على المدى الطويل.

وأكد البنك الدولي، أن الإنفاق الحكومي ساهم في استقرار اقتصادات المنطقة بشكل فعال، لا سيما خلال فترات الركود، حيث أظهرت النتائج أن زيادة النفقات المالية العامة بمقدار وحدة واحدة يؤدي إلى زيادة الناتج غير النفطي بمقدار 0.1-0.45 وحدة في المنطقة.

 

السعودية والإمارات تقودان النمو

وتوقع البنك الدولي أن يحقق اقتصاد البحرين نمواً بنسبة 3.5% في عام 2025 بعد عامين من الانخفاض. ويرجع التحسن مقارنة بعام 2024، الذي شهد نمواً بنسبة 3%، إلى اكتمال مشروع تحديث مصفاة “بابكو” للتكرير، بالإضافة إلى النمو القوي في القطاع غير النفطي. وفي عامي 2026 و2027، من المتوقع أن يبلغ متوسط النمو الإجمالي 2.9% بفضل استمرار النمو غير النفطي والتوسع في مصفاة سترة لتكرير النفط.

ورجح البنك الدولي تحول اقتصاد الكويت من الانكماش إلى النمو ليصل إلى 2.2% في عام 2025، مقارنة بنحو -2.9% في عام 2024 و -3.6% في عام 2023. مشيراً إلى الإلغاء التدريجي لسقوف الإنتاج التي أقرتها أوبك+ والتوسع في القطاعات غير النفطية المدعومة بنمو نشاط الائتمان ومشروعات البنية التحتية الكبيرة. ومن المتوقع أن يظل النمو الاقتصادي مستقراً عند 2.7% خلال الفترة 2026-2027. وتعتمد الآفاق الاقتصادية طويلة الأجل على التنفيذ الناجح للإصلاحات الهيكلية وجهود تنويع النشاط الاقتصادي.

وبرزت سلطنة عمان، كقصة نجاح في تقرير البنك الدولي، حيث من المتوقع أن تتسارع وتيرة النمو تدريجياً إلى 3% في عام 2025 (مقابل 1.7% في عام 2024)، و3.7% في عام 2026، و4% في عام 2027. كما من المتوقع أن يسهم الانتعاش في إنتاج النفط، مع نمو إجمالي الناتج المحلي النفطي بنسبة 2.1% في عام 2025، إلى جانب النمو القوي في القطاعات غير النفطية بنسبة 3.4%، في دفع المزيد من التحسن في آفاق النمو. هذا النمو يرجع في الأساس إلى الأداء القوي في قطاعات التشييد والبناء والصناعات التحويلية والخدمات.

ويرى البنك الدولي استقراراً للنمو في قطر خلال العام الجاري عند 2.4% مقابل 2.6 في 2024، قبل أن تتسارع وتيرته إلى متوسط قدره 6.5% في 2026-2027 بسبب التوسع في طاقة الغاز الطبيعي المسال.

ويراهن البنك الدولي على النمو القوي في القطاعات غير النفطية، خاصة في مجالات التعليم والسياحة والخدمات. ومن المتوقع أيضاً أن يشهد قطاع الهيدروكربونات نمواً طفيفاً بنسبة 0.9% في عام 2025، قبل حدوث الطفرة الكبيرة المرتقبة في عام 2026 بفضل توسع حقل الشمال للغاز الطبيعي المسال، مما يؤدي إلى زيادة بنسبة 40% في إنتاج الغاز الطبيعي المسال، أما بالنسبة لنمو القطاعات غير النفطية، فمن المتوقع أن يظل قوياً بفضل مشاريع تحديث وتطوير البنية التحتية والاستثمارات الدولية.

من المتوقع أن يستمر النمو الاقتصادي للسعودية في التعافي بعد انخفاضه إلى 1.3% في عام 2023، وسيرتفع إلى 2.8% في عام 2025 وسيبلغ متوسط قدره 4.6% في 2026-2027، بحسب البنك الدولي.

كما يتوقع أن يؤدي الإلغاء التدريجي لتخفيضات الإنتاج الطوعية التي أقرتها أوبك+ إلى زيادة نمو إجمالي الناتج المحلي النفطي إلى 6.7% في عام 2026 و6.1% في عام 2027. في الوقت نفسه، يتوقع أن يستمر الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في الارتفاع على نحو مطرد بنسبة 3.6% في المتوسط بين عامي 2025 و2027، حيث تسعى السعودية إلى استكمال تنفيذ برنامج التنويع الاقتصادي في إطار رؤية 2030.

وكشف التقرير أن الاقتصاد الإماراتي من المتوقع أن يواصل النمو بمعدلات متصاعده ليبلغ 4.6% في عام 2025، ويستقر عند 4.9% خلال عامي 2026 و2027. مدعوماً بالقطاعات غير النفطية كمحرك رئيسي للنمو، نتيجة الاستثمارات العامة المستهدفة، وتحسين أطر الحوكمة، وتوسيع نطاق الشراكات الخارجية.

في الوقت نفسه، من المتوقع أن تسهم عودة إنتاج النفط إلى مستوياته الطبيعية، بفضل الإلغاء التدريجي للتخفيضات الطوعية التي أقرتها أوبك+، في دعم هذا الاتجاه الصعودي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى