يشهد العالم العربي، بخاصة المجتمعات الإسلامية، جدلاً واسعاً حول قضية الزواج العرفي. هذا النوع من الزواج، الذي يتم خارج إطار التسجيل الرسمي، يثير تساؤلات عديدة حول شرعيته وقانونيته، وآثاره على الفرد والمجتمع.
تصريحات الدكتورة سعاد صالح حول هذا الموضوع، زادت حدة الجدل، ودفعت الكثيرين إلى البحث عن الرأي الشرعي والقانوني في هذه المسألة.
الزواج العرفي حرام
تضمنت تصريحات أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن الزوجة التي تقبل أن تتزوج بعقد عرفي تسيء لنفسها، وتخفي زواجها لأنها ليست على طريق صحيح مثل باقي السيدات التي تتزوج بشكل رسمي، مضيفة خلال تصريحات تليفزيونية، أنها ضد الزواج العرفي، وأن من يقول إن الزواج في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، كان بدون عقود، فهل من الممكن أن يتم الزواج الآن بدون عقود فهذا أمر غير سليم، فالزواج يجب أن يتم بعقد، لأن الزمن تغير.
وأكدت أن عقد الزواج العرفي حرام حتى لو توافرت فيه الشهود والإشهار، لأنه يؤدي إلى الحرام، وأن عقد الزواج الصحيح يضمن الحقوق للزوجة وللأولاد، مؤكدة أن عقد الزواج العرفي ينتج عنه مشكلات كثيرة، لذلك فهو حرام لما ينتج عنه بعد ذلك.
أضرار الزواج العرفي من الناحية القانونية
أما من الناحية القانونية، يقول الدكتور أحمد القرماني، الخبير القانوني وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، إن قوانين الأحوال الشخصية في الدول العربية تختلف في التعامل مع الزواج العرفي. بعض الدول تعترف به، لكنها تشترط توثيقه لاحقاً، بينما ترفض دول أخرى الاعتراف به تماماً. هذا الاختلاف في التشريعات القانونية يزيد من تعقيد القضية.
وتابع: هناك اتجاه كبير يبرر الزواج العرفي دون إشهار ودون توثيق عقد الزواج، ويترتب على ذلك أضرار كبيرة مثل ضياع حقوق المرأة وعدم إثبات نسب الأطفال نتيجة تبرم وتهرب أحد الطرفين من تلك العلاقة، مضيفًا: قد تكون العلاقة مؤقتة أو لظرف ما، وغالبا ما تتبخر تلك الظروف ولكم بعض الأمثلة الحية للواقع، سيدة أرملة تحصل على معاش وتريد الزواج ولا تريد قطع المعاش فتلجأ لما يطلق عليه الزواج العرفي، وهذا من أجل التحايل على القانون، كذلك رجل يريد أن يقيم علاقة في ثوب زواج ويخشى معرفة الزوجة الأولى والأولاد تلك العلاقة بخاصة إن كان يفتقد لمشاعر الحب والاهتمام من زوجته الأولى فيبحث عن بديل.
وواصل: المثال الأشهر شاب يصطاد فتاة ويتلاعب بمشاعرها ويعدها بالزواج ليظفر بعلاقة جسدية ومن أجل ذلك يوقع ورقة بالزواج دون شهود ودون توثيق العقد، وظهرت أساليب جديدة كزواج الإنتاج و”زواج البارت تايم”، وكل هذه المسميات التي خارج الإطار القانوني حرام لأن العقد يتطلب التوثيق لحماية الطرفين والأولاد والمجتمع وما دون ذلك لا قيمة له.
ويقول القرماني: لا يصح القول إنه زواج أساسا، بل هو زنا صريح ولهذا قانون الأسرة لا يرتب على ما يسمى بالزواج العرفي حقوقا للزوجة ما عدا نسب الأطفال.
تأثير الزواج العرفي على المجتمع
ومن جانبها، توضح الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم النفس الاجتماعي، بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن للزواج العرفي آثارا متعددة على المجتمع، منها: الاضطرابات الاجتماعية مثل النزاعات الأسرية، وحرمان الأبناء من حقوقهم، وتشويه صورة الزواج في المجتمع. كما قد يستغله البعض للتهرب من المسئوليات الاجتماعية والقانونية، فضلا عن المساهمة في انتشار ظواهر سلبية أخرى، مثل الزواج المبكر، والزواج من القاصرات.
وأردفت، أن الزواج العرفي قضية معقدة تتطلب حواراً مجتمعياً واسعاً. كما يجب على الأسر والمؤسسات الدينية والقانونية العمل معاً لتوعية الشباب بأهمية الزواج الشرعي المسجل، وحماية حقوق المرأة والأطفال. مؤكدة على ضرورة مراجعة القوانين المتعلقة بالزواج من قبل صُناع القرار، وتطويرها بما يتناسب مع متطلبات العصر وحماية المجتمع.