كورونا حولتها مدن أشباح.السياحيون التوانسة متفائلون بانفراجة
يتحدث السياحيون التوانسة عن انفراجة كبيرة في أزمة السياحة المستعصية بعد أن حولت أزمة كورونا المقاصد السياحية كمدن أشباح . .فبابتسامة عريضة ارتسمت على محياه تحدث التونسي أحمد داود تاجر الأواني الفخارية التقليدية عن تحسن مبيعاته هذا العام مقارنة بالسنوات الماضية.
وقال “مشهد السياح الأجانب وهم يجوبون شوارع المدينة العتيقة يثلج الصدر حتى وإن لم يقتنوا شيئا ففيه صورة لعودة الحياة إلى المدن السياحية التونسية بعد أن جعلتها جائحة كورونا كمدن الأشباح” وفقاً لـ meo.
وبعد ركود نتيجة لإجراءات الإغلاق التي رافقت جائحة كورونا في عامي 2020 و2021، تعافى قطاع السياحة جزئيا العام الماضي مع استقبال أكثر من 6.4 مليون سائح وتحقيق إيرادات تجاوزت 1.3 مليار دولار.
وعبر داود (48 عاما) عن سعادته بالنشاط الذي تشهده الأسواق العتيقة وعودة الأمل إلى التجار الذين أغلقوا محلاتهم وأفلسوا بسبب تداعيات الجائحة.
وكشف وزير السياحة التونسي محمد المعز بلحسين في تصريحات صحفية أن “نتائج الربع الأول من هذا العام تجاوزت أرقام الفترة ذاتها من العام 2019 بنحو 13 في المئة، إذ بلغ عدد الوافدين 1.6 مليون سائح”.
وأشار إلى أن الهدف هو الاقتراب من أرقام عام 2019 حين استقبلت البلاد 9.3 مليون سائح من بينهم 2.7 مليون أوروبي.
وأفاد لطفي ماني المدير المركزي للترويج بالديوان الوطني للسياحة بأن تونس كسائر بلدان العالم أصيب فيها النشاط السياحي بشلل تام لمدة تجاوزت العامين، متابعا “لكن مع منتصف سنة 2022 طوينا صفحة جائحة كورونا”.
وأضاف أنه بداية من شهر مايو/أيار من العام الماضي عاد النسق العادي للنشاط السياحي بصفة تدريجية وبلغت وزارة السياحة الأهداف التي وضعتها في العام 2022، إذ تحقق نحو 60 في المئة من معدلات سنة 2019 باعتبارها السنة المرجعية.
ويعتبر العام 2019 من أفضل المواسم السياحية في البلاد منذ ثورة 2011، فقد زار البلاد خلالها أكثر من تسعة ملايين سائح، وساهم القطاع في حوالي 14 في المئة من الناتج الداخلي الصافي ووفّر مصدر رزق لمليوني تونسي.
وتأمل السلطات في أن يحقق قطاع السياحة أرقاما جيدة هذا الموسم تسهم في إنعاش الاقتصاد الذي يعاني من أزمة حادة تفاقمت بسبب الجائحة ما أدى إلى إفلاس عدد كبير من المؤسسات السياحية وفقد الآلاف لوظائفهم.
ويسير العام الحالي في اتجاه التوقعات نفسها للعام الماضي وربما أفضل من خلال نسق الحجوزات، وفق ماني، موضحا أنه جرى تسجيل أرقام جيدة حتى العاشر من مايو/أيار مع بلوغ عدد الوافدين مليونين و400 ألف سائح بزيادة 93.5 في المئة تقريبا مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022 وهو ما يقل بشكل طفيف جدا عن أرقام عام 2019 بنسبة بلغت 0.6 في المئة.
ولفت إلى أن عدد الليالي السياحية تجاوز أربعة ملايين حتى العاشر من مايو/أيار أي بزيادة بنحو 57 في المئة مقارنة بالعام الماضي، لكن هذا يقل بنسبة 24 في المئة عن معدلات عام 2019.
ويمثل القطاع السياحي في تونس أحد أهم أعمدة الاقتصاد، إذ يساهم بأكثر من سبعة في المئة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد ويوفر 400 ألف فرصة عمل بشكل مباشر وغير مباشر.
ويرى أحمد بالطيب رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار أن الوجهة التونسية استعادت جاذبيتها وتسير في الاتجاه الإيجابي، وهو ما أدى إلى ارتفاع الحجوزات في الوقت الحالي بنسبة 30 في المئة مقارنة بالسنة المرجعية 2019 أي قبل الجائحة.
وقال بالطيب إن المؤشرات الإيجابية المسجلة لا يجب أن تحجب التحديات والإشكاليات التي تواجهها وكالات الأسفار والقطاع السياحي في الوقت الراهن مثل النقص في أسطول الحافلات وصعوبة الحصول على تراخيص لتوريد وتجديد أسطول النقل ونقص الأيدي العاملة “المؤهلة” في عدة اختصاصات سياحية، فضلا عن عدم إشراك القطاع الخاص في المسائل المتعلقة بالقطاع السياحي في تونس قبل اتخاذ القرارات.
وهذا نفسه ما أشارت إليه درة ميلاد رئيسة الجامعة التونسية للفنادق في تصريحات تلفزيونية، إذ أكدت أنها متفائلة من الانتعاش الذي يشهده القطاع السياحي التونسي هذا العام بعد ركود دام عامين، لكنه تحسن مرهون بتطوير الخدمات.
وبحسب بيانات رسمية نشرها البنك المركزي التونسي، فإن إيرادات القطاع السياحي التونسي سجلت منذ بداية العام وحتى مارس/آذار 2023 ارتفاعا بنسبة 66 في المئة المقارنة مع النتائج المسجلة خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وذكرت درة ميلاد أنه بالرغم من المؤشرات الإيجابية يعاني القطاع السياحي من عدة صعوبات أبرزها أوضاع وسائل النقل برا وبحرا وجوا وعدم تحسين البنية التحتية ليس فقط على مستوى التجهيزات بل حتى على المستوى التنظيمي.
ويأمل العاملون بالقطاع أن تعود السياحة التونسية لسابق عهدها وأن تستعيد البلاد مكانتها مجددا كواحدة من الوجهات السياحية الأولى في العالم لما تتمتع به من خصائص فريدة.
لكن في المقابل، ينادون بضرورة تقديم مزيدا من الدعم لهذا القطاع الحيوي الذي ينعكس تطوره وازدهاره على عدة قطاعات أخرى كما حدث مع أحمد داود تاجر الأواني الفخارية الذي بدأ عمله يستعيد نشاطه بعد ركود طويل.