[ الصفحة الأولى ]تاريخ وحضارة

افتتاح تجريبى للمتحف الزراعى والدخول مجانى لأسبوعين

كتب د.عبد الرحيم ريحان – د. قاسم زكى

أعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي عن إطلاق التشغيل التجريبي للمتحف الزراعي المصري بالدقي حتى نهاية شهر أغسطس بعد أعمال التجديد والتطوير بالتعاون مع جهات دولية على رأسها اليونسكو>

تأسس المتحف الزراعي عام 1930 في سراي الأميرة فاطمة إسماعيل ثاني أقدم متحف زراعي على مستوى العالم بعد المتحف الزراعي في بودابست.

أوضح اللواء أمجد سعدة مساعد وزير الزراعة والمشرف العام على المتحف أن فترة التشغيل التجريبي ستستمر لمدة أسبوعين يتم خلالها استقبال الزوار يومياً من الساعة التاسعة صباحًا حتى الثالثة عصرًا وبشكل مجاني تمامًا.
مصر واحدة من أهم الأمم التي مارست الزراعة منذ القدم وأبدعت فيها، فكان لزامًا أن تؤرخ لذلك النشاط الإنساني، فأنشأت المتحف الزراعي منذ مئة عام مضت.

وفي خضم الاستعدادات الكبرى لافتتاح أيقونة المتاحف المصرية “المتحف المصري الكبير” أعلنت وزارة الزراعة المصرية بعد عمليات التجديد عن الافتتاح التجريبي المجاني للجمهور للمتحف الزراعي من السبت 16-8-2025م تمهيدًا للافتتاح الرسمي. ويُعد هذا المتحف أحد أهم المتاحف المتخصصة في العالم، حيث يمثل ثاني أقدم متحف زراعي حول العالم (بعد المتحف المجري في بودابست)، ويروي قصة الزراعة المصرية منذ العصر الفرعوني وحتى العصر الحديث. وقيل إنه سيتم استقبال الجمهور يوميًا من الساعة التاسعة صباحًا وحتى الثالثة عصرًا خلال فترة الافتتاح، والتي سيتم تخصيصها لاختبار الخدمات وتلقي ملاحظات الجمهور. علمًا بأن المتحف يضم كنوزًا تاريخية نادرة، مثل أدوات الزراعة القديمة، ووثائق تاريخية، ونماذج أثرية للنباتات، بالإضافة إلى قاعات عرض متخصصة توضح تطور الزراعة المصرية على مر العصور.

تأسيس المتحف وأهميته التاريخية

أُنشئ المتحف الزراعي المصري ليكون ذاكرة حية لحضارة الزراعة في مصر عبر العصور، فهو نافذة تطل من خلالها الأجيال على تطور الزراعة والريف المصري. تأسس بقرار مجلس الوزراء الصادر في 21 نوفمبر 1927م، وتم تخصيص سراي الأميرة فاطمة إسماعيل في حي الدقي ليكون مقرًا لهذا المتحف. وقد تم افتتاحه رسميًا في 16 يناير 1938م باسم “متحف فؤاد الأول الزراعي”. ويُعد المتحف الأول من نوعه في مصر، والثاني على مستوى العالم بعد المتحف الزراعي الهنغاري في بودابست.

الموقع والمساحة والتصميم

يقع المتحف في حي الدقي بمحافظة الجيزة على مساحة تتجاوز 30 فدانًا (أي نحو 125–175 ألف متر مربع) تشغل المباني ثلث المساحة تقريبًا بينما الباقي مساحات خضراء وحدائق تضفي روحًا طبيعية على المكان.
يجمع المتحف بين الطراز المعماري الكلاسيكي الأوروبي المستوحى من تصميم المتحف في بودابست وبين عبق القصر القديم الذي كان لسراي الأميرة ويُعد مبنى المتحف تحفة معمارية تجمع بين الفخامة، الطراز الأرت ديكو (Art Deco) والأجواء المفعمة بالتاريخ.

ثمان متاحف داخل متحف

لا يُعد المتحف الزراعي مؤسسة واحدة بل هو مجموعة متاحف متخصصة تغطي مختلف جوانب الزراعة عبر التاريخ، منها:
• متحف الزراعة المصرية القديمة: يروي تطور الزراعة منذ عصور ما قبل التاريخ حتى نهاية فترة مصر القديمة ويعرض أدوات وآلات زراعية تماثيل وآلهة مرتبطة بالشعائر الزراعية ونماذج ديوراما للحصاد والري والصناعات الغذائية القديمة.
• متحف المملكة النباتية (أو متحف الثروة النباتية): يُظهر تنوع النباتات والمحاصيل عبر التاريخ بما في ذلك نباتات نادرة انقرضت مثل نبات البرساء المقدس عند قدماء المصريين
• متحف المملكة الحيوانية: يركز على الحيوانات الزراعية، ويضفي لمحة عن دورها في الأعمال الريفية.
• متحف المجموعات العلمية: يعرض مجسمات ونماذج علمية ومنها الحشرات وغيرها من الكائنات في عرض علمي متقن.
• المتحف اليونانى الروماني القبطي الإسلامي: يعرض تطور الرؤية الزراعية خلال مختلف المراحل التاريخية اللاحقة.
• متحف البهو العربي (السوري): يربط بين الزراعة والتراث العربي.
• متحف القطن: يبرز أثر القطن في الاقتصاد المصري، أُضيف عام 1996م.
• متحف المقتنيات (Collections Museum): أُنشئ عام 2002م ليضم المقتنيات التراثية والتحف.
في المجمل يضم المتحف نحو ثمانية متاحف متخصصة تُعد كل منها بمثابة فصل في قصة الزراعة المصرية.

أبرز المقتنيات والمعروضات

المتحف غني بمعروضات فريدة لا توجد في أي مكان آخر، منها:
• نبات البرساء: نادر جدًا انقرضت معظم أنواعه ويُعرض هنا تكريمًا للدور الزراعي والديني الذي كان له في عهد مصر القديمة
• آلة المجرش أو الرحاية: أداة لطحن الحبوب يعود تاريخها إلى 15 ألف سنة وتجسد التطور التقني في معالجة المحاصيل.
• مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية واللوحات الفنية والزيتية تجسد الحياة الريفية والأساليب الزراعية عبر العصور.
• ديورامات مفصلة: تسرد مراحل الزراعة عبر الزمن مثل حصاد الحبوب وصناعة الجعة أو النبيذ وأدوات الصيد التقليدية.
• مكتبة وقاعات سينما ومحاضرات: تجعل من المتحف مركزًا تعليميًا وتثقيفيًا للزوار والباحثين.

الدور التعليمي

يُعد المتحف قبلة للباحثين والعلماء في مجالات الزراعة والتاريخ والبيطرة لما يحتويه من مصادر ومقتنيات نادرة.
كما يستخدم تقنيات عرض حديثة مثل: أنظمة إضاءة محكمة ونظم للتحكم في الرطوبة وتصميمات عرض تحافظ على المقتنيات العضوية من التلف بمرور الزمن.
وهو أيضًا منصة تعليمية تتيح للأطفال والزوار العاديين فهم عمق التراث الزراعي وإدراك قيمة الفلاح المصري وفخره عبر التاريخ.
يجسد المتحف الزراعي المصري قصة مصر من خلال زراعتها من أدوات الفلاح في مصر القديمة وحتى تطورها الحديث يجمع بين أصالة التاريخ وحداثة الطرح ويبرهن على أن الزراعة لم تكن مجرد نشاط اقتصادي بل ثقافة وهوية وصناعة حضارية متجذرة.
زيارة المتحف ليست مجرد جولة إنها رحلة عبر الزمن والجهود البشرية والإبداع الزراعي هو بحق تراث يورثه المصريون للأجيال القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى