ماجد شوشة يكتب: ما هكذا تورد الإبل

كلنا سمعنا هذا المثل العربى والذى يضرب فيمن لا يحسن القيام بالمهام التى كلف بها أو فى الذى يؤدى العمل بشكل غير متقن وأقوله الآن لكل القائمين على منظومة الحج السياحى الذين يتباهون فى الإعلام بنجاحه ويشيدوا به ولكن للأسف الحقيقة والواقع عكس ذلك تماماً.
وأدعوا اعضاء مجلس الشعب والمسؤولين بالدولة لتشكيل لجنة محايدة وفتح تحقيق عاجل للوقوف على مهازل الحج السياحى التى تتكرر كل عام واستمرت أيضآ هذا العام، وأرجو ان لا يلتفتوا لما ينشر بالإعلام فكله من أصحاب المصالح الذين يصدرون لنا النجاح ليداروا على الفشل الزريع والجرم الذى لا يغتفر ففى رقابهم آلاف الحجاج الذين تم استغلالهم على مرئ ومسمع من الجميع وليس القصور فقط فى ضعف الخدمات فى المشاعر والذى شاهدناه جميعا فى الفيديوهات التى صورها الحجاج بأنفسهم ونشروها والتى تعكس تدنى مستوى الخدمات اذا ما قورنت بالمبالغ الكبيرة التى سددها هؤلاء الحجاج المغدور بهم ولو سحبوا عينة عشوائية من الحجاج وتم سؤالهم بشكل مباشر لعرفوا الحقيقة.
إنما الجرم والقصور بدأ مبكراً جداً بدأ منذ وضعت الضوابط خاصة فى بند التسعير والذى حدد الأسعار للمستويات المختلفة بالتوقع وليس على اساس التكلفة الفعلية، ورغم اننا فى مصر لا ندعم الحج ونوكل جزء كبير منه لتنظمه وزارة الداخلية ووزارة التضامن ويتحرك مسؤولى الوزارتين مبكراً للتعاقد على السكن والخدمات وبعد التعاقد يتم تسعير برامجهم على أساس تكلفة فعلية وواضحة وتعلن منهم الأسعار، والتى تغطى التكلفة الفعلية والتكاليف الإدارية ويستثنى من ذلك بند تذكرة الطيران التى تحدد فى حينه.
اما الحج السياحى فتحدد الأسعار فيه على حسب التوقع فتفترض لجنة التسعير ان الشركات ستتعاقد على سكن مكة بتكلفة للفرد فى الرباعى مثلا بـ ١٦٠٠٠ او ١٧٠٠٠ ريال بينما التكلفة الفعلية جاءت اقل من ذلك بنسبة ٢٥٪ لدى الذين تعاقدوا قبل رمضان وزادت هذه النسبة لتصل لأكثر من ٥٠٪ للذين تعاقدوا على السكن فى شوال وذو القعدة لانهم استفادوا من إغلاق المسار الإلكترونى لبعض الدول مبكراً ومن قلة اعداد تأشيرات المجاملة هذا العام وهذا الفرق الكبير لم يستفيد منه الحجاج بل دخل كمكاسب إضافية للشركات ولا تظهر بالحسابات.
ونفس الامر ايضا يتم فى سكن المدينة والنقل وخدمات المشاعر مستفيدين من قله اعداد حجاج الخارج هذا العام عن الاعداد التى كانت تنفذ بالمواسم السابقة وكل هذه الفروقات دخلت ايضا للشركات ولم يستفيد منها الحجاج.
افترضت لجنة التسعير ان الشركات ستوفر الريال السعودى من السوق السوداء بسعر بينما الحقيقة ان الشركات وفرت الريال بسعر ١٣.٥ جنية فى المتوسط ولو اطلعت لجنة التحقيق على الاسعار التى وضعت ومعامل تغير العملة الذى حدد فى حينه لوجدت ان هناك فروق عملة كبيرة لم يستفيد منها الحجاج بل استفادت منها الشركات أيضا، كل هذا بخلاف الضوابط التى تسمح بالتلاعب ويمكن الشركات من تعظيم مكاسبها ولن تجد شركة سياحة نفذت برامجها طبقا للأسعار المعلنة بضوابط الوزارة تعترف ان مكسب الفرد في برنامج الخمس نجوم تعدى الـ ١٥٠ الف جنية للحاج الواحد ووصل الربح بالمستوى الاقتصادى لأكثر من ٩٠ الف جنية للحاج الواحد كل هذه الأرباح لا تعلن عنها الشركات فلو أعلنت عنها فلن تتمكن من رفع اسعار الموسم المقبل بل ستنخفض وتنخفض معها ارباحها وفيما مضى كانت كل شركة تضع برنامجها المقترح ويعرض على الإدارة المختصة بوزارة السياحة فتوافق عليه او تطلب تعديله ويسمح فقط فى هذا البرنامج بنسبة ربح ١٥٪ وتقدم الشركات حساب ختامى للرحلة بعد انتهائها فعليا ويخضع للرقابة أيضا وتحاسب على ذلك وترد المبالغ الزائدة وان كنا لم نرى من يرد ولكن كان هناك رقابة ولا تستطيع الشركة الخروج عن الحد المسموح ولو خرجت سيكون الخروج بنسبة بسيطة.
اما الان فالفساد سيد الموقف هذه المكاسب الخرافية والتى تتعدى مكاسب المهربين وتجار المخدرات هى التى رفعت قيمة رخصة شركة السياحة إلى ١٤ مليون جنية فقط فى الرخصة ولو المكاسب بنسبة طبيعية لما وجدتهم يشترون الرخص بهذه القيمة ولما وجدت منهم من لدية اكثر من شركة ولما لا وهو يحقق كل هذه المكاسب ولا يحاسبه احد بل يساعدونه على التهرب الضريبى فلن تعترف لجنة التسعير انها أخطأت فتقبل ما تقدمه الشركات بحساباتها خشية افتضاح قصورها، ولما وجدت ايضا ان نسبة الشركات التى تعمل فقط بالحج والعمرة تتعدى ٩٥٪ من الشركات المسجلة بينما دورها الحقيقى الترويج للسياحة المصرية.
أناشد المسؤولين بالدولة وأعضاء مجلس الشعب الامر بتشكيل لجنة تقصى حقائق وأثق ان أول توصية لهذه اللجنة ستكون المطالبة بتغيير منظومة الحج والعمرة بمصر.
وفقنا الله وأياكم لما فيه الخير للبلاد والعباد .