الذهب يحلق إلى مستوى 3424 دولار.. والدولار يتراجع

سجلت أسعار الذهب، اليوم الاثنين، مستوى غير مسبوق، وسط استمرار الإقبال على المعدن النفيس الذي يُعد ملاذًا آمنًا، في ظل تراجع الدولار وتصاعد المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي نتيجة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وحلق الذهب إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، في المعاملات الفورية بزيادة 3% ولامس قمة جديدة عند 3424.25 دولار للأونصة بحلول الساعة 4:30 بتوقيت الرياض.
وارتفع الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 2.35% ليصل إلى 3404.96 دولار للأونصة بحلول الساعة 11:51 بتوقيت غرينتش، كما صعدت العقود الأميركية الآجلة للذهب بنسبة 2.51% إلى 3412.10 دولار، وفقا لـ”رويترز”.
وتسود الأسواق العالمية حالة من الاضطراب بسبب الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إضافة إلى الضبابية التي تكتنف سياساته التجارية. وقد انعكس ذلك سلبًا على التوقعات الاقتصادية لأكبر اقتصاد في العالم، ودفع المستثمرين إلى التخارج من الأصول الأميركية.
وأدى ذلك، إلى جانب هجوم ترامب على رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، الأسبوع الماضي، إلى انخفاض الدولار إلى أدنى مستوى له في أكثر من ثلاث سنوات، مما جعل الذهب المقوم بالدولار أقل تكلفة للمشترين الأجانب.
في الأثناء، حذّرت الصين الدول من إبرام أي اتفاقات اقتصادية موسعة مع الولايات المتحدة على حساب مصالحها.
وقال المحلل لدى “يو بي إس” جيوفاني ستونوفو: “يتلقى الذهب دعمًا من استمرار المخاوف بشأن مستقبل الدولار كعملة احتياط، ومن المرجح أن يستمر هذا الدعم. كما أن هيمنة الإحجام عن المخاطرة على معنويات المستثمرين – كما يظهر في تراجع البورصات – تساهم في صعود المعدن. نتوقع أن يبلغ الذهب 3500 دولار خلال الأشهر المقبلة.”
من جانبه، قال رئيس التشغيل في شركة “سبائك” محمد صلاح، إن أسعار الذهب تواصل تسجيل مستويات قياسية، مدفوعة بعدة عوامل أبرزها ضعف الدولار والصراعات الجيوسياسية والتجارية، مشيرًا إلى أن المعدن الأصفر قد يشهد مزيدًا من الارتفاعات في الفترة المقبلة.
وأوضح في مقابلة تليفزيونية أن “الذهب مستفيد في المقام الأول من ضعف الدولار في الربع الأول من العام؛ فقد حقق الذهب حتى الآن ارتفاعات تقارب 30%، منها 10% فقط نتيجة لتراجع الدولار. العلاقة السلبية بين الذهب والدولار واضحة، والذهب يستفيد منها دائماً، لا سيما عندما يكون الدولار متراجعًا بقوة”.
عوامل تدعم صعود الذهب
وأضاف: “هناك أيضا عوامل كثيرة تدعم ارتفاع الذهب، منها الصراعات الجيوسياسية، والحروب التجارية التي تصاعدت بشكل كبير، إلى جانب التدفقات الاستثمارية على صناديق الذهب. أعتقد أننا أمام مستويات قياسية جديدة، وقد نشهد وصول الذهب إلى 3500 دولار للأونصة بمنتهى السهولة قبل منتصف العام”.
وعن العوامل الداعمة مستقبلاً، قال صلاح: “العوامل كلها مجتمعة موجودة في الفترة القادمة، وكنا قد رأيناها في الفترة الماضية أيضاً. لا يوجد طرف في النزاع التجاري بين الصين وأميركا يريد تقديم تنازلات، ونشهد تصعيدًا جديدًا يوميًا، وآخرها ما يتعلق بالسفن التجارية. في مارس فقط شهدنا تدفقات أموال تقارب 10 مليارات دولار لصناديق الاستثمار”.
وأضاف: “البنوك المركزية ما زالت تضيف إلى احتياطياتها من الذهب، فبنك الشعب الصيني يشتري شهريًا بشكل متتالٍ، وإن كان بكميات قليلة بسبب ارتفاع الأسعار الكبير. البنك المركزي الهندي عاد أيضًا للشراء، وإن كان بمستويات منخفضة. وهذا يدل على أن البنوك المركزية مهتمة بالحفاظ على أصولها، خاصة في ظل ضعف العملات”.
لن يكون بديلا للسندات الأميركية
ورداً على سؤال حول إمكانية تخلي بعض الدول عن السندات الأميركية والاتجاه إلى الذهب كملاذ آمن، قال: “لا أعتقد أن السندات الأميركية ستشهد تخليًا كبيرًا، لأنها تظل من أدوات الملاذ الآمن التي تمنح عائدًا، بينما الذهب لا يمنح عائدًا. صحيح أن الذهب يحقق مكاسب، لكنه لا يحمل صفة العائد كما هو الحال مع السندات الأميركية”.
وتابع قائلاً: “أعتقد أن الاقتصاد الأميركي، وبمجرد نهاية الخلافات التجارية، قد يستعيد استقراره. هناك أحاديث داخلية ومؤشرات على محادثات بين الطرفين. الأزمة تبدو كأنها تتم إدارتها سياسيًا أكثر من كونها خلافًا اقتصاديًا عميقًا”.
وأشار إلى أن “الذهب لن يستطيع أن يحل مكان السندات الأميركية كملاذ آمن عالمي، لأنه محدود مقارنة بحجم السندات. ولكن الذهب سيستفيد من الضغوط الاقتصادية التي يمر بها العالم، وخاصة في ظل ضغط البيت الأبيض على الفيدرالي، والذي قد يساهم في خفض أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل في مايو، وهو ما سيؤثر سلبًا على الدولار ويزيد من احتمالية صعود الذهب”.
وختم بقوله: “الذهب هو ملاذ آمن، لكنه ليس أداة ذات عائد مثل السندات، وكل من الأصول له خصائصه المختلفة، لكن الذهب يستفيد حالياً من بيئة اقتصادية تدفع المستثمرين نحو الأمان أكثر من العائد”.
وفي الأسبوع الماضي، أمر ترامب بإجراء تحقيق للنظر في الحاجة لفرض رسوم جمركية جديدة محتملة على جميع واردات المعادن الأساسية الأميركية، في تصعيد كبير في نزاعه مع شركائه التجاريين العالميين ومحاولة للضغط على الصين الرائدة في هذا القطاع.
ويُنظر عادة إلى الذهب كأداة تحوط في أوقات الاضطرابات العالمية. وقد سجل مستويات قياسية عدة مرات هذا العام، مرتفعًا بأكثر من 700 دولار منذ بداية 2025.
وقد استغرق الذهب 12 عامًا للارتفاع من 1000 دولار للأونصة في 2008 إلى 2000 دولار.
وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.8% إلى 32.83 دولار للأونصة، وزاد البلاتين بنسبة 0.4% إلى 970.50 دولار، بينما تراجع البلاديوم بنسبة 0.2% إلى 960.70 دولار.
من جانبه، قال رئيس الأبحاث وتحليل الأسواق في مجموعة إكويتي أحمد عزام، إن الدولار الأميركي يواجه ضغوطات عدة ولم يعد الآن ملاذاً آمناً.
وأضاف عزام في تليفزيونية، أن عمليات بيع سندات الخزانة الأميركية من اليابان والصين تثير قلق المستثمرين وتدفعهم لشراء الذهب.