[ الصفحة الأولى ]تاريخ وحضارة

عيد الفطر في الدولة الفاطمية.. عيد الحلل

يعد العصر الفاطمى من أحرص العصور علي عمل “الكعك”، ويحدث هذا خلال الأسبوع الأخير من شهر رمضان، حيث يحمل الأطفال “الصواني” إلى الأفران، ويتزايد الناس من أجل إنهاء “الكعك” قبل أيام العيد، وعقب انتهاء صلاة العيد نجد الخلفاء يجلسون في دواوينهم وتُمد إليهم أطباق الكعك.

ومن المعروف أن الخلفاء الفاطميين بالغوا في الاحتفال بأشكال متنوعة، خاصة أن عيد الفطر عندهم هو الموسم الكبير ويعرف بـ”عيد الحلل”، حيث توزع فيه كسوة العيد على الخاصة والعامة، وفي نفس الوقت تكون دار الفطرة قد أنجزت الكميات اللازمة من “كعك” و”حلوى” و”كعب الغزال” ليتم توزيعها وإعداد “سماط العيد” وهي كميات كبيرة يتم البدء في إعداها ابتداء من شهر رجب حتى نصف رمضان.

ومن أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر كانت توزيع الحلوى على جميع موظفي الدولة وإقامة الأسمطة (الموائد) الضخمة، التي تحوي على كل طريف في القصر، وقد أنشئ لهذا الغرض مطبخ ضخم لصنع الحلوى أطلق عليه “دار الفطرة “، وقد أنشئت في عهد الخليفة العزيز بالله، وهو أول من بنى دار الفطرة .

العمل في هذه الدار كان يبدأ من نصف شهر رجب فيخزن داخلها كميات كبيرة من السكر والعسل وقلوب اللوز والجوز والفستق والبندق والدقيق والتمر والزبيب والمواج العطرية، ويستمر العمل فيها استعدادا لحلول عيد الفطر وصنع الحلوى المختلفة مثل الرقاق المحشو بالفستق واللوز يعرف باسم(الخشكنانج)، وحلوى تصنع بالدقيق والبلح تعرف باسم (البستندود)، وكعب الغزال ولقمة القاضي وغيرها، وتخزن هذه الأصناف في مخازن دار الفطرة.

 

كان الخليفة يحضر بنفسه بصحبة الوزير للاطمئنان على سير العمل في النصف الثاني من شهر رمضان، ثم يبدأ من هذا التاريخ توزيع الحلوى على جميع أرباب الرتب في الدولة والموظفين كبيرهم وصغيرهم في صواني تحمل كل صينية اسم صاحبها، وتختلف حجم الصينية وكمية الحلوى حسب مكانة كل فرد، ويحمل هذه الحلوى فراشون مخصصون لهذا العمل وهم في أتم زينة ويرتدون الثياب الفاخرة.

 

في القصر سماطان (مائدتان) كبيران بمناسبة عيد الفطر، السماط الأول يباح للناس ولعامة الموظفين بالقصر من أرباب الوظائف الصغيرة، أما السماط الثاني فكان يقام في قاعة الذهب بالقصر بعد عودة الخليفة من صلاة العيد توضع أمام سرير الملك الخاص بالخليفة مائدة ضخمة من الفضة تسمى “المدورة” عليها أطعمة في أوان من ذهب وفضة وصيني وهي خاصة بالخليفة.

 

السماط كان يضم حوالي خمسمائة صحن وينصب على رأس المائدة قصران كبيران من الحلوى قد صنعا لهذه المناسبة في دار الفطرة مدهونان بأوراق الذهب وبهما تماثيل من سكر في غاية الدقة في صناعتها كأنها مسبوكة في قوالب وكان هذا السماط مخصصاً لكبار رجال الدولة والأمراء، ويستمر لقرب الظهر، وخلال الطعام يقرأ القراء ويكبر المؤذنون وينشد المنشدون ويتبارى الشعراء بإلقاء قصائدهم في هذه المناسبة.

 

وبمغادرة الخليفة لمجلسه ينتهي السماط ثم يتبعه الوزير وباقي الحاضرين، وكان الوزير يقيم سماطا آخر مختصراً في دار الوزارة لأهله وحاشيته” .

 

وبالنسبة لمظاهر عيد الفطر في العصر المملوكي،  فإن المصريين كانوا يسهرون ليلة العيد حتى ساعة متأخرة من الليل في تجهيز الملابس الجديدة، أما الكعك وغيره من أصناف الحلوى فيصنعها الناس في أواخر شهر رمضان ليتبادلوا بها التهنئة في العيد.

ومنذ تلك الفترة حتى الآن يفضل الكثير تناول السمك المجفف، وفي الصباح المبكر يجتمع أهل الحي أمام منزل الإمام الذي سيصلي بهم صلاة العيد في المسجد، وعند خروجه إليهم يقوموا بزفه حتى المسجد وبأيدهم القناديل وهم يكبرون طوال الطريق، وبعد الانتهاء من الصلاة يعودون إلى منازلهم بنفس الطريقة التي أحضروا بها الإمام.

يذكر أنه من ضمن العادات ذهاب الناس إلى القرافة ومعهم نساؤهم وأولادهم ، ثم الذهاب إلى التنزه في النيل واستئجار المراكب للتنزهة.

أما مراسم الاحتفال بالعيد عند السلطان وكبار رجال الدولة في العصر المملوكي ، فإنه في آخر أيام رمضان يصعد ناظر الخاص إلى القلعة في موكب كبير وبصحبته عدد كبير من الحمالين الذين يحملون خلع (عباءات) العيد لحملها إلى السلطان وفي هذه الليلة (ليلة العيد) يدخل الأمراء جميعا إلى السلطان للتهنئة، وفي صباح اليوم التالي وهو أول ايام العيد، ينزل السلطان إلى الحوش السلطاني لتأدية صلاة العيد في موكب فخم وبعد الصلاة يمد السماط، والتي وصلت تكاليفها في بعض السنين إلى خمسين ألف درهم، وأخيرا يقوم السلطان بتوزيع العباءات على الأمراء وكبار رجال الدولة ، كما كان يقوم بالإفراج عن بعض المساجين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى