الدكتور محمدحمزة يكتب: أثار مصر بين القانون والعلم

أصدر وزارة السياحة والآثار بيانا رداً على الفيديو الذي نشر مؤخرا؛ وأشارت الي أن الفيديو المتداول يعود لعام2020م خلال أزمة جائحة كورونا؛ وان البعثة الأثرية المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار قامت بعرض التماثيل على طاولة بصفة مؤقتة لاجراء أعمال التنظيف المبدئي قبل نقلها لماما الترميم او المخازن بالمنطقة لإجراء أعمال الترميم. لها كما هو المتبع.
وأضاف البيان إن تماثيل الاشابتي من الفيانس وهي مادة حجرية وليست مادة عضوية كما أثير.
واخيرا ناشد المجلس مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي عدم الانسياق وراء الشائعات وضرورة تحري الدقة الموضوعية قبل تداول اية اخبار مغلوطة لا تستند الي حقائق.
وفي السياق نفسه نبه البيان الي ان مهمة المسؤولين هي الحفاظ على أثار وتراث مصر ولايمكن الأضرار بها، وبالتالي فإن ما أثير بالفيديو عار تماما من الصحة.
ونحن نتفق مع ماورد في البيان من مهمة المجلس والمسؤولين فيه هي الحفاظ على أثار وتراس مصر وعدم الأضرار بها؛ وهذا يتفق مع القانون 117لسنة1983م وتعديلاته2010م 2018م و2020م فالمادة5من القانون تنص على ( يختص المجلس دون غيره بشئون الآثار وكل مايتعلق بها سواء كانت في متاحف او مخازنه او في المواقع والمناطق الأثرية او فوق سطح الأرض او في باطنها او في المياه الداخلية او الإقليمية المصرية؛ وكذلك البحث التنقيب في الأراضي حتى لوكانت مملوكة للغير او اي نشاط ثقافي او سياحي او دعائي او ترويجي يتعلق بشؤون الآثار يقام على المواقع الأثرية او في داخل حرم الاثر؛ وتنظم اللائحة التنفيذية لهذا القانون ممارسة هذه الأنشطة وبما يحقق تأهيل وتأمين المنطقة الأثرية).
وعلى ذلك فإن على القائمين على رأس العمل الأثري بالمجلس احترام القانون ولائحته التنفيذية وتنفيذ الضوابط والإجراءات والشروط التي حددها القانون ونظمتها لا ئحته التنفيذية في كل مايتعلق بشئون الآثار من جهةوإبرازالحقيقة العلمية المتعلقة بتاريخ وأثار وحضارة وثقافة وتراث مصر من جهة ثانية.
وعن الموضوع الأول يجب عليهم حماية بيئة الأثر وعدم تغيير معالم المواقع والأراضي الأثرية وعدم تشويه الأثر من الناحية الجمالية وتحقيق الحماية البيئية له وعدم إقامة منشآت اوشق قنوات او إعداد طرق او الزراعة ضمن خطوط التجميل المعتمدة للاثر وعدم افساد مظهر الأثر او إقامة مبان تطغي عليه وتمنع إظهار خصائصه المعمارية والفنية والمحافظة. على بانوراما المنطقة الاثرية وغير ذلك مما رد في مواد القانون ولائحته التنفيذية( المواد22و26و38_39؛170 _173).
غير أن مايعنينا في هذا المقام هو التركيز على ماورد في القانون ولائحته التنفيذية بشأن الحفائر الأثرية الضوابط والشروط التي نظمها لها القانون ودور اللجان الدائمة بالمجلس في هذا الشأن؛ المادة السابعة من القانون نصت على ( تنشأ بالمجلس لجنتان دائمتان إحدهما مصري قديم ويوناني روماني والأخرى إسلامي وقبطي ويهودي)؛ اما المادة 70من اللائحة فقد نصت في فقرتها الأولى على وضع السياسة العامة بما يضمن الحفاظ على الآثار وصيانتها وترميمها؛ وفي الفقرة التاسعة من ذات المادة فتنص على (إبداء الرأي في تراخيص الهيئات والبعثات والجامعات العلمية المتخصصة المصرية و الأجنبية للبحث التنقيب عن الآثار وصيانتها وترميمها؛ أما الفقرة12
فتتعلق بإلغاء تراخيص عمل والبعثات في حالة المخالفة.
اما بخصوص أعمال الحفائر الأثرية فقد حددت المواد32_35إختصاصالمجلس في الكشف عن الآثار فوق الأرض وتحتها وفي المياه الداخلية و الإقليمية المصرية؛ وأضاف بأنه يجوز لمجلس الإدارة طبقا للضوابط والشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية وبعد موافقة اللجنة الدائمة المختصة ان يرخص للهيئات العلمية المتخصصة والجامعات الوطنية منها والاجنبية بالبحث التنقيب والدراسة والنشر العلمي خلال 5سنوات من تاريخ اول إكتشاف عنها في الموقع؛ فضلا عن صيانة وترميم مايتم الكشف عنه أولا بأول.
الفيديو المتداول يتعلق بحفائر حديثة للبعثة المصرية
وعلى ضوء ذلك سواء كان الفيديو المتداول يتعلق بحفائر حديثة للبعثة المصرية بالمجلس الأعلى للآثار في سقارة او بمقبرة نفر خوفو بسقارة لم يتم الإعلان عنها وقام بعض العاملين بها بتسريب هذا الفيديو او يتعلق بحفائر قديمة تم اعلان الكشف عنها في 18ابريل2020م وبحضور الوزير د خالد العناني والأمين العام د مصطفى وزيري وهو ماتنص عليه المادة 133من اللائحة بأنه لايجوز الاعلان عن أي إكتشافات أثرية حديثة الا بعد اخطار المجلس وموافقة الأمين العام؛ وهو الأمر الذي إن دل على شئ فإنما يدل على أن هذا الفيديو المتداول لاعلاقة له بإكتشافات 2020م لانه تم الإعلان عنها بحضور الوزير والأمين العام؛ اما هذا الفيديو فيخص حفائر أخرى لم يعلن عنها بعد؛ ويدل المنشور في الفيديو بأن الآثار سواء على الطاولة او على الارض كانت تجهز بهذه الطريقة تمهيدا تصويرها لغرض ما في نفس يعقوب وهو يعد مخالفة صريحة للقانون ولائحته التنفيذية فاين صناديق حفظ الآثار المكتشفة طبقا للمادة 119مت اللائحة؛ واين مخزن البعثة (بالمنطقة ام بالمجلس) وهل تم ختمه بخاتم البعثة عند غلقه طبقا للمادة120والمادة121؛ واين التقارير الشهرية لعمل البعثة وهل تم عرضها على مدير المنطقة المختص ام لا طبقا للمادة122.
أعمال التسجيل والتوثيق الأثري أين
واين أعمال التسجيل والتوثيق الأثري لجميع الآثار المنقولة المكتشفة بالسجل الخاص البعثة (او دفتر الأحوال) مع وضع صور فوتوغرافية واضحة للاثر من جميع الزوايا طبقا للمادة124؛ وهل تم إجراء أعمال الصيانة والترميم لما تم الكشف عنه أولا بأول طبقا للمعايير الدولية طبقا للمادة124.
وهل تم نقل الآثار المنقولة المكتشفة الي مخزن البعثة او المخزن التابع للمنطقة الأثرية بالموقع؛ وهل تم غلق المخزن وختمه سواء في نهاية كل يوم او عند نهاية عمل البعثة ويحفظ المفتاح لدي مدير المنطقة الأثرية طبقا للمادة 137.
وهل التزم رئيس البعثة او نائبه بتسجيل الآثار المكتشفة تسجيلا علميا مزودا بالصور في السجل الخاص بالبعثة والتوقيع على كل صفحة من صفحات السجل في ذات الموسم طبقا للفقرة الثالثة من المادة 139.
وسواء كان الفيديو يتعلق بإكتشافات حديثة في سقارة لم يتم الإعلان عنها او إكتشافات قديمة بسقارة تم الإعلان عنها في18ابريل2020م؛ فن جوا من المجلس الأعلى تزويدنا إجابات شافية موثقة عن كل. التساؤلات الواردة في هذا المقال وفقا للقانون بدلا من ذلك البيان الذي لم يتطرق الي اي منها و كتفي بالقول بأن ماورد بالفيديو عار تماما من الصحة وضرورة تحري الدقة الموضوعية قبل تداول اية اخبار مغلوطة لاتستند الي حقائق ؛ وهذا الكلام ينطبق على المجلس فيجب عليه تزويدنا الحقائق من خلال الإجابة الموثقةعلي ما أثير من تساؤلات في مقالنا هذا بدلا من الردود الحماسية العامة المكررة في كل مناسبة من المناسبات ونشرها عبر وسائل الإعلام المختلفة.
هذا عن القانون ومدي الالتزام بتطبيق على مستوى الحفائر الأثرية.
اما على مستوى الحقيقة العلمية فقد ورد بالبيان ان تماثيل الاشابتي المكتشفة من الفيانس وهي مادة حجرية وليست مادة. عضوية كما أثير؛ فهل يعقل هذا القول من قبل المجلس الأعلى للآثار من ان الفيانس مادة حجرية.
فهذا القول نفسه كفيل بإقالة قيادات المجلس الأعلى للاثار؛ فمن المعروف ان مصر قد ظهرت فيها لأول مرة صناعة طلية التزجيج وأقدم أمثلتها الباقية في هرم سقارة المدرج؛ وهي تمثل مرحلة َمهمة في سبيل تطوير صناعة الفخار وظهور صناعة الخزف فيما بعد ويعتبر القاشاني او الفيانس المصري Egyptian Faience الذي ظهر في الالف الرابع قبل الميلاد في هرم زوسر المدرج كما سبق القول من أهم الأنماط المزججة التي وصلتنا من مصر القديمة ومن مصر إنتقلت الي العراق ثم إلى الصين. وتتمثل عملية تصنيعه في عدة خطوات تبدأ بعملية إختيار و إنتقاء الطفلة وهي من نوعيات مختلفة وليست من نوع واحد ثم تجهز عن طريق الطحن والغربة بدرجات متفاوتة لفصل الكسر الخشنة والحصول على حبيبات دقيقة ويلي ذلك عجن الطفلة بإضافة الماء إليها حتى تكون ذات قوام متجانس مناسب؛ واحيانا يضاف للعجينة بعض التبن المقر ليقلل لزوجة الطين ويسهل تشكيله او يضاف الرمل يساعد على تبخر الماء من الطفلة تدريجيا دون حدوث تشقق للفخار وإكسابه مزيدا من السامية؛ وبعد ذلك يتم التشكيل باليد او العجلة وتضاف طبقة البطانة ويلي ذلك مرحلة التجفيف ثم مرحلة الحرق بمراحلها الثلاث( درجة الحرارة _ زمن الحرق _ جو الفرن(مؤكسد او مختزل) ومايليها حتى يظهر المنتج النهائي.
فأين الحجر في كل هذه المراحل
وفي النهاية الآثار المصرية أمن قومي لايجوز العبث بها وتحتاج إلى ألعلماء والخبراء الوطنيين المخلصين الاكفاء من جهة وابراز الحقيقة العلمية من جهة ثانية واحترام وتنفيذ القانون ولا حته التنفيذية من جهة ثالثة ولا تحتاج إلى الشو والتريند واساءة استعمال السلطة والجهل بحقائق العلم من جهة رابعة.
واخر ما نذكره في الفيديو المثير للجدل هو مايتعلق بظهور سيدة فهل هي من العاملات بوزارة الاثار وضمن اعضاء البعثة ام هي من السياح وبالتالي ماهو تفسير وجودها.
ومن ناحية أخرى ماذا يعني ظهور الأشخاص في الفيديو بالملابس الشتوية كما أن الهواء الشديد الذي يحرك كل شئ بمافي ذلك المفرش او الملاية او القماشة الموضوعة على الطاولة تعني إن الفيديو يرجع الي الايام القليلة الماضية لان مصر لم تشهد مثل هذه الموجة الباردة الا مع بداية هذا العام يناير2023َ وشهر طوبه زي ماهومعروف عند المصريين يخلي الصبية كركوبة؛ وايضا طوبة ابو البرد والعنوبة؛ و ابرد من مياه طوبة؛ و طوبة بينشف العرقوبة.