نيفين القباج: الأهرام والصحافة تحمل مسئولية صناعة الفكر

قالت الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي، إذا كان لمصر الفرعونية أن تفتخر وتعتز بأهراماتها الراسخة الأبية؛ فإن لمصر الحديثة أن تزهو بأهراماتها الناطقة القوية؛ جريدة الأهرام العريقة كمسماها، “ديوان الحياة المعاصرة” كما وصفها الأديب الكبير طه حسين.
وقالت وزيرة التضامن الاجتماعي، ولدت الأهرام عظيمة في رسالتها، راقية في ثقافتها، الأهرام ليس فقط جريدة، ولكنها بزغت منذ يومها الأول قائدة للفكر، مقاومة للاحتلال والغزو، حاضنة لأكبر الكتاب والأدباء في التاريخ المصري لنحو 147 عاماً، وبالرغم من الحداثة التي عاصرتها إلا أنها مازالت تحافظ على أصالتها.
وأضافت وزيرة التضامن الاجتماعي: “تحية تقدير لجزء لا يتجزأ من تاريخ مصر وشموخها.. صدر العدد الأول في 5 أغسطس عام 1876 بحي المنشية بالإسكندرية، وبدأت الأهرام كصحيفة أسبوعية تصدر كل يوم سبت، ثم أصبحت صحيفة يومية حينما زاد الإقبال عليها وازدهرت وتألقت بشكل مستمر، ومنذ تأسيس الأهرام في 27 ديسمبر 1876 على يد الأشقاء بشارة وسليم تقلا، وانتشر تأثيرها وطنياً وعربياً، وهي تتخذ قضية المعرفة والوعي والتنوير والنضال الثقافي كرسالة.. فرأى مؤسسوها في الصحافة رسالة حياة تأبى على حاملها أن يزل في لفظ … أو يُخطئ في تعبير؛ فراعت الدقة في المعلومة، والبيان في اللغة، والموضوعية في النقد، والسلاسة في الأسلوب بما يتلاءم مع القراء على اختلاف ثقافاتهم، وتأتي القيادة السياسية لتقدر وتعظم قيمة الثقافة والفكر والوعي والتنوير، وتحمل الأهرام والصحافة بشكل عام مسئولية صناعة الفكر وبناء الإنسان.
وأكدت أن صحيفة الأهرام حملت على عاتقها الحفاظ على الهوية الوطنية واللغة العربية، ودأبت أعدادها تقاوم ما حاول الاحتلال الإنجليزي حينها طمسه.. الوطن والهوية واللغة. وكان المبدعان محمد عبده وجمال الدين الأفغاني من أوائل كتابها؛ فكتب الشيخ محمد عبده عنها: “أنشأت جريدة «الأهرام» المؤسسة على أحكم قواعد الأحكام الكاملة بإرشاد المسترشدين وتنبيه الغافلين، تنشر العلوم بين العموم… وتمر السنوات، وتبقى الأهرام غرة الصحافة العربية تدافع عن غزة وغزوها من قوى غاشمة ظالمة، فتسهر الأهرام وتبات غاضبة لاذعة، وتضحى منبراً مدافعاً عن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ومنددة بالهجوم الغاشم على المدنيين الأبرياء.
وأشارت إلى أن جريدة الأهرام يمتد بها العمر فتعاصر أجيالاً وعصوراً، تحمل على ظهرها تاريخا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا… محليا ودوليا.. ديوانٌ للأحداث بلغة عصرها وانفعالاته واهتماماته، وشاهدا على تنوع الثقافات والأحداث، وابداعات الكتّاب الذين تواردوا اليها على مر العصور.. فضمت بين جدرانها وقاعاتها وصفحاتها كتاب تاريخيين وأدباء مثل الزعيم مصطفى كامل والأستاذ محمد حسنين هيكل وعميد الأدب طه حسين والمناضلين عبد الله النديم وعبد الله مسعود وأحمد لطفي السيد ومحمود سامي البارودى وأحمد شوقى ومصطفى لطفي المنفلوطى ورشيد شميل وسليم حداد وخليل مطران وحافظ إبراهيم، ويعقوب صنوع. ما أعظمها جريدة.
وقالت :” أحيي في هذا المكان روح الراحل محمد حسنين هيكل والذي احتفلنا منذ أيام بمئويته، رئيس تحرير الأهرام في خميسنيات القرن الماضي والذي شهدت الجريدة على يده مرحلة جديدة من الثقافة والأدب والتنوير، وفخر أن تتألق الأهرام وتزهو مع كبار العمل الصحفي والأدبي مثل فكري أباظة، ومحمد عبد القادر حاتم، وإحسان عبد القدوس، ويوسف السباعي، وعبد الله الباري، وإبراهيم نافع، وصلاح الغمري، ومرسي عطا الله، والدكتور محمد السيد سعيد، ولبيب السباعي، وعبد الفتاح الجبالي.
وأضافت :” أرسل تحية خاصة للصحفي المصري الأصيل، الأستاذ عبد المحسن سلامة عثمان سيف الدين… وهو صاحب الفكر القوي والقلم القاطع الرائع، والذي يحمل فكراً واعياً، ومواقف سياسية وطنية أصيلة، وأيضاً فارسا للعمل النقابي… يملك عبد المحسن سلامة سجلاً حافلاً من العمل الصحفيّ ويتوج تاريخه الزاهي بخدمته كرئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام منذ شهر مايو 2017، وكان له الحظ أن يشهد عصره على إصدار النسخة الخمسين ألف من جريدة الأهرام.
وقالت إن وزارة التضامن الاجتماعي تتعاون مع مؤسسة الأهرام، ليس فقط في التغطية الصحفية ولا في تعزيز قضية الوعي، وإنما أيضاً في ملف توثيق التراث الحرفي من خلال الأهرام العربي، والذي سيصدر قريبا ًقبل نهاية عام 2023.
وأضافت:” وأُدين شخصياً لمؤسسة الأهرام بأنها استقبلتني في سنوات عمري المهني الأولى بعد تخرجي من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، حيث تتلمذت على يد الكاتب السياسي العظيم الراحل محمد عبد المنعم سعيد.. وتعلمت منها الصحافة السياسية، كما تعلمت منها قيم الالتزام والاحترام والأمانة الصحفية… وأنا بالفعل فخورة ومدينة باستقبال هذه المؤسسة لي ولشباب صاعد، وذلك قبل انطلاقي للعمل التنموي ومشاركتي في الحياة العامة.
واختتمت كلمته قائلة:” أهنئكم بهذا اليوم الخاص لكم، ولنا جميعاً كمصريين، داعين الله أن يبارك في معرفة وثقافة وتاريخ وتراث هذا البلد العظيم، ومتمنين النجاح لتك المؤسسة العريقة دائماً وأبداً، 50 ألف عدد من الأهرام، ٥٠ ألف وثيقة للتاريخ، ٥٠ ألف شاهد على العقود والعصور، وعلى نهضة مصر وكفاحها وصمودها عبر التاريخ، تاريخ عريق لمؤسسة عريقة، في بلاد التاريخ والفكر والعراقة، عاشت «الأهرام» بين الماضي والحاضر وستعيش في المستقبل بمشيئة الله، وتبقى منارة للفكر، ومنبراً للثقافة والمعرفة والإبداع والانتماء القومي والمسئولية الوطنية. عاشت مصر وتعيش أهراماتها.
وشهدت الاحتفالية حضور المهندس عبد الصادق الشوربجي رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، والكاتب الصحفى عبد المحسن سلامة رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام والكاتب الصحفى علاء ثابت رئيس تحرير جريدة الأهرام والكاتب الصحفي ماجد منير رئيس تحرير بوابة الأهرام وجريدة الأهرام المسائي وعدد من رؤساء تحرير إصدارات الأهرام وأعضاء مجلس الإدارة والجمعية العمومية لمؤسسة الأهرام.
شهدت الاحتفالية حضور الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي والدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، ونيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي، والكاتب الصحفى كرم جبر رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وحسين زين ريس الهيئة الوطنية للإعلام، والكاتب الصحفي خالد البلشي نقيب الصحفيين والدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة وطارق سعدة نقيب الإعلاميين.
كما حضر الاحتفالية الدكتور أحمد مختار وكيل الهيئة الوطنية للصحافة والدكتورة فاطمة سيد أحمد والمستشار عادل بريك ووليد عبد العزيز وسامح عبد الله وأسامة أبو باشا أعضاء الهيئة الوطنية للصحافة والمستشار مدحت لاشين مستشار الهيئة الوطنية للصحافة.
كما حضرها السفيرة مريم الكعبي سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في مصر، والسفير عبد الله ناصر الرحبي سفير سلطنة عمان في مصر.
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد سطر في العدد التذكاري، الذي صدر اليوم، كلمة إلى مؤسسة الأهرام، بمناسبة صدور العدد الـ50 ألفا للجريدة، أعرب خلالها عن تقديره واعتزازه بمهنة الصحافة، ومؤسسة الأهرام العريقة، التي صمدت، ولا تزال، في قلب الأحداث على مدار ما يقرب من 148 عامًا، منذ تأسيسها وحتى اليوم.
وتضمن العدد التذكاري لجريدة الأهرام، ملفا شاملا قوامه 20 صفحة، يعبر عن رحلة تنوير طويلة لتلك الصحيفة العريقة، على مدار مسيرتها، التي قال عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي في مقاله بمناسبة هذا الحدث المتميز والفريد “إن الأهرام عاصرت على مدى تاريخها الطويل العديد من الأحداث الكبرى والثورات، لتكون ذاكرة مصر والعالم العربي المعاصرة وتعكس بكل دقة ومهنية كل تفاصيل الحياة المصرية على اختلاف ألوانها وتباين فنونها ومذاهبها، وترصد فرص التقارب والتباعد بين ومحيطها العربي والخارجي، وتسجل كل الأحداث المحلية والإقليمية والدولية في إطار تقاليد مهنية راسخة وموضوعية”.
وخلال مقاله بالأهرام، تطرق الرئيس عبدالفتاح السيسي أيضا إلى تقاليد الأهرام كجزء من تقاليد الجمهورية الجديدة، مؤكدًا “تلك التقاليد التي نتطلع إلى استمرارها وتعميقها في إطار الجمهورية الجديدة.. جمهورية الحلم والأمل.. جمهورية العلم والعمل.. الجمهورية القادرة وليس الغاشمة.. تلك الجمهورية الباسقة والفريدة والمتميزة التي تقاوم معاول الإحباط واليأس وتنشر الأمل والخير والتعمير والرخاء في كل مكان على الخريطة المصرية بلا استثناء، في إطار مفهوم الحياة الكريمة لكل المواطنين والدولة القوية القادرة على حفظ أمنها القومي والعربي”..