تاريخ وحضارة

مسرح سيد درويش.. 100 عام في خدمة الثقافة والفنون

دنيا سلامة

مخطئ من يظن أن المباني كتل من الحجارة الصماء بل إن كل حجرًا فيها يكاد ينطق بالكثير من الحكايات والأسرار، وكذلك حال المبنى التاريخي الذي يحوي بين جدرانه دار أوبرا الإسكندرية بين جنباته، حيث ظل على مدار 100 عام كاملة هي عمره، منارة لنشر الثقافة والفنون إنه مسرح سيد درويش بشارع فؤاد بمنطقة محطة الرمل المشيدة أغلب مبانيها على أيدي الجاليات الأجنبية التي عاشت في عروس البحر خلال الفترة من نهاية القرن الـ19 وحتى منتصف القرن الـ20.

ترميم وصيانة مسرح سيد درويش
المسرح الذي جرى وضع حجر الأساس له في عهد الملك أحمد فؤاد الأول، عام 1918م، وأطلق عليه في البداية اسم تياترو محمد على، قبل أن يطلق عليه اسم فنان الشعب سيد درويش في عام 1962م تكريما له، يشهد في الوقت الحالي مشروعا كبيرا لترميمه وصيانته تحت إشراف منطقة آثار الإسكندرية.

ومؤخرا تفقدت الدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة، أعمال المرحلة الأولى لمشروع تطوير ورفع كفاءة دار أوبرا الإسكندرية “مسرح سيد درويش”، وذلك لمتابعة الموقف التنفيذي الراهن، وما يجري من وضع اللمسات النهائية لأعمال التطوير، تمهيدًا لافتتاح المرحلة الأولى، والتي من المتوقع الانتهاء منها كليًا في غضون أسابيع.

امتلكه لبناني وأنشأه فرنسي..
كشف نقيب المرشدين السياحيين السابق في الإسكندرية والباحث في التاريخ السكندري، الدكتور إسلام عاصم، أن مسرح سيد درويش يقع موقع مسرح زيزينيا والذي يعتبر من أقدم مسارح عروس البحر حيث جرى بناؤه عام 1862م، ثم تم هدمه في عام 1907م، واشترى الموقع كاملا الثري اللبناني قرداحي.

وأضاف عاصم، أن الثري اللباني الشهير وقتها كلف المعماري الفرنسي جورج بارك خريج مدرسة الفنون الجميلة بباريس، ليبدأ في بناء عدة مباني متجاورة منها مبنيان يطلان مباشرة على شارع فؤاد، ويدلف من خلال أولهما إلى المسرح الذي أنشأه واسماه وقتها مسرح محمد علي وهو الأسم الذي لا يزال حتى الآن يعلو المبنى.

وأشار إلى أن بارك استوحى خلال بنائه المسرح عناصر زخرفية من أوبرا فيينا، ومسرح أوديون في باريس، وزين المبنى بمجموعة من الزخارف الفريدة ذات الطابع الكلاسيكي الأوروبي.

ولفت إلى أن المسرح جرى بدء إنشاؤه عام 1918، وجرى الافتتاح بشكل رسمي عام 1921م، وقدم أول عرض في نهاية يونيو من العام نفسه ثم قدمت عليه عروض عديدة مصرية وأجنبية، وفي عام 1962 تم تغيير اسمه من تياترو محمد علي، إلى مسرح “سيد درويش” تكريما لموسيقار الشعب وابن الإسكندرية الشهير.

يقول  مدير عام منطقة آثار الإسكندرية محمد متولي، إن مبنى مسرح سيد درويش، مسجل في عداد الآثار الإسلامية بالإسكندرية بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم “449 لسنة 1990”.

وأشار متولي إلى أن أعمال تطوير المرحلة الأولى والتي من المقرر أن تنتهي في غضون أسابيع شملت ترميم الواجهات الرئيسية بالعودة للأصول الأثرية لألوان الواجهات الخارجية، وإظهار العناصر الزخرفية وترميم التالف منها علاوة على معالجة الأخشاب وإعادة الدهان، بالإضافة إلى إجراء ترميم شامل للممر الرئيسي لمدخل المسرح بالأوبرا، والانتهاء من عمليات عزل السطح العلوي للمبنى لحمايته من عوامل التعرية المختلفة.

وأضاف، أنه من المتوقع أن يتم بعدها الإعداد للبدء في المرحلة الثانية من المشروع، والتي تشمل تطوير ورفع كفاءة صالة العرض الرئيسية للمسرح.

وأوضح متولي، أن مشروع الصيانة والترميم يجري تحت الإشراف الأثري لمنطقة آثار الإسكندرية، بقطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية وقطاع المشروعات بشقيه الهندسي، مؤكدا أن أعمال الترميم تتم بدقة وبناء على موافقة اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، وعلى نفقة دار الأوبرا المصرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى