سفر وطيران

12 توجها جديدا لإنقاذ مستقبل قطاع السفر

مصطفي عبد السلام

أصدرت شركة سيتا في وقت سابق تقرير “التوجهات الكبرى”، والذي يتناول 12 توجهاً جديداً في مجالات التكنولوجيا والمجتمع والاقتصاد والسفر من شأنها أن تُحدث تحولاً ملموساً في مستقبل قطاع السفر، واليوم سنركز على ستة مجالات يمكن للمطارات وشركات الطيران من خلالها مواكبة هذه التوجهات بكفاءة أعلى وتكلفة أقل.

الاعتماد على تقنيات الحوسبة السحابية والأتمتة لسد النقص في اليد العاملة

أدى التغير في ثقافة العمل وارتفاع أعداد المستقيلين من وظائفهم إلى انخفاض القوى العاملة في قطاع السفر، وخاصة خلال فترة تفشي جائحة كوفيد-19. وبدأت تظهر آثار هذا الانخفاض بشكل واضح مع بدء تعافي بشكل أسرع من المتوقع، كما أن زيادة معدل دوران الموظفين أدى إلى حدوث انخفاض في مستويات الكفاءة. ولمعالجة هذا النقص في اليد العاملة، يجب على المطارات أن تستثمر في أدوات تحسين المهارات، مثل تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز والواقع الافتراضي للتدريب ومنصات إدارة العمليات المتطورة لمعالجة نقص الموظفين. ونرى اليوم أن شركات الطيران تضطلع بدور هام في تدريب الطيارين واستخدام تقنيات الواقع الافتراضي لتحسين جودة التدريب. وبالإضافة إلى ذلك، تحتاج إدارة القوى العاملة إلى دعم حقوق الوصول الديناميكية والمؤهلات المهنية وحقوق الوصول التي تستخدم بيانات التحقق الرقمية لتسريع إجراءات الموافقة والحوكمة الآلية.

بالإضافة إلى تحسين كفاءة الموظفين وحملات التوظيف المشتركة، تحتاج المطارات وشركات الطيران إلى زيادة اعتمادها على تقنيات الأتمتة وحلول الحوسبة السحابية لتحسين مستويات الكفاءة. وبالنسبة للمطارات الإقليمية أو التي لديها ميزانية محدودة، وتسعى إلى اعتماد الممارسات الرقمية الذكية في عملياتها، توفر تقنيات الحوسبة السحابية حلاً ميسور التكلفة لهذه المطارات.

وتمكن تقنيات الحوسبة السحابية المطارات من تطبيق مفاهيم السفر الرقمي واستخدام تكنولوجيا المعلومات المتطورة وبتكاليف أقل، إضافة إلى تحقيقها للمزيد من الوفورات على مستوى البنية التحتية والمساحة والصيانة. وليس هذا فحسب، بل ستعزز أيضاً من قدرتها على لتطوير المزيد من الإمكانات والخدمات التي ترتقي بتجربة المسافرين عبر هذه المطارات، مثل التحقق والصعود الذاتي على متن الطائرة، والمناولة الذاتية للحقائب وغيرها من العمليات داخل وخارج المطار.

ومع وجود المزيج المناسب بين الموظفين المهرة وتقنيات الحوسبة السحابية التي تدعم أتمتة عمليات المطار، ستكون المطارات قادرة بشكل أكبر على مواجهة التحديات المستقبلية التي قد تحد من كفاءة عملياتها.

اعتماد مفهوم السفر الرقمي

أصبح مفهوم السفر الرقمي من أبرز التوجهات التي تشهد اهتماماً من قبل جيل الألفية والأجيال الشابة، الذين باتوا يعتمدون بشكل متزايد على الأدوات والحلول الرقمية التي تجعل من تجربة سفرهم أكثر راحة وكفاءة.

وتُعدّ تقنيات المقاييس الحيوية (البيومترية) والهوية الرقمية من العناصر الرئيسة في مفهوم السفر الرقمي، مثل تقنية العبور الذكي من سيتا (SITA Smart Path)، التي تمكن المسافرين من استخدام وجوههم كجواز سفر وبطاقة الصعود إلى الطائرة، إضافة إلى إمكانية استخدام هواتفهم المحمولة كأجهزة تحكم عن بعد في تجربة سفرهم.

على سبيل المثال، أعلنت سيتا، بالتعاون مع إنديشيو (Indicio) وهيئة السياحة في أروبا، عن تطبيق مفهوم السفر الذكي إلى أروبا باستخدام تقنية البيانات الرقمية التي يمكن التحقق منها، والذي يتيح للمسافرين إلى أروبا إمكانية الوفاء بمتطلبات السفر الحكومية قبل الصعود على متن الرحلة، من خلال تأكيد حالة “جاهز للسفر” بشكل غير مرئي في الخلفية.

وللاستفادة بشكل كامل من إمكانات السفر الرقمي، يجب اعتماد نهج موحد ومنسق للهوية الرقمية والبيانات البيومترية عبر كامل القطاع، وهذا يتطلب التعاون بين شركات الطيران والمطارات والهيئات الحكومية لوضع معايير وبروتوكولات مشتركة لآلية التحقق من الهوية والبيانات البيومترية.

وتُعدّ سياسات وممارسات مراقبة الحدود من بين مجالات التركيز الرئيسة. لذا تعمل الحكومات على وضع معايير قبول الهوية الرقمية والبيانات البيومترية، ولكن يجب تطوير وتطبيق هذه المعايير بالتنسيق مع بقية أنظمة معالجة البيانات لدى شركات الطيران والمطارات.  وهذا يشمل تطوير مرافق الخدمة الذاتية للمسافرين، مثل مرافق الخدمة الذاتية المشتركة لتسجيل الوصول، ومرافق تسليم واستلام الحقائب ذاتية الخدمة، وبوابات العبور الإلكترونية وغيرها. كما يجب التركيز على تطوير آلية اعتماد على بيانات السفر الرقمية، مثل وثائق السفر الإلكترونية التي يمكن قراءتها بشكل آلي، والتي تتيح عرض هوية المسافر عن بعد. وتعمل حالياً منظمة الطيران المدني الدولي والعديد من مزودي الحلول على استكشاف وتطوير الوسائل التي يمكن من خلالها اعتماد بيانات السفر الرقمية.

الهيكل التنظيمي المسطح للمؤسسات

أصبح مفهوم الهيكل التنظيمي المسطح (Flattened Organizational Structure) في المطارات شائعاً أكثر بفضل اعتماد تقنيات المطارات الذكية، إذ تستخدم هذه التقنيات أنظمة إدارة الموارد والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتحسين جدولة العمليات وتوفير منظومة رقمية تُحسن من الاتصال عبر جميع العلميات الأرضية. ومن خلال اعتماد هذا المفهوم، يتم رفع مستوى المسؤوليات للموظفين، وتحسين التواصل والتنسيق فيما بينهم والحد من العمليات التي تتطلب اتباع نظام إداري متعدد المستويات وبالتالي توفير المزيد من الوقت والجهد، وتحسين كفاءة عمليات اتخاذ القرار والحد من التكاليف. وللاستفادة من مزايا هذا النهج بالكامل، يجب إنشاء بنية تحتية رقمية للمطار قادرة على الدمج بين التقنيات الروبوتية والذكاء الاصطناعي، والتي ستتيح لشركات الطيران وإدارة المطارات بتعزيز كفاءة العمليات وخفض التكاليف وتحسين جودة تجربة المسافرين.

 

السفر متعدد الوسائط

يُعدّ النقل متعدد الوسائط هو مستقبل السفر، والذي يشمل التعاون بين قطاعات السفر المختلفة مثل الطيران والقطارات والنقل البحري. فمن خلال دمج الأنظمة اللوجستية والتشغيلية، يمكن توفير تجربة سفر سلسة مع توفير معلومات آنية حول الرحلة. ويعتبر السفر الرقمي متعدد الوسائط حاجة ضرورية لحجز الرحلات وتتبعها عبر وسائط النقل المختلفة، مما يوفر على المسافرين عناء إدارة الأمتعة والتحقق من بياناتهم مرات عدة عند مختلف النقاط.

وبدورها طورت شركة سيتا حلولاً رائدة لقطاع النقل الجوي والتي تمكن المسافرين من إدارة رحلتهم بالكامل من خلال استخدام هواتفهم المحمولة. وتتيح منصة SITA Flex السحابية استخدام الأجهزة المحمولة في جميع أنحاء المطار دون الحاجة إلى الذهاب إلى مكاتب أو نقاط تسجيل الوصول التقليدية، وذلك باستخدام واجهة برمجية سهلة والحوسبة السحابية لاستخراج وإدارة بيانات الرحلة. وعند استخدام هذه المنصة إلى جانب تقنية العبور الذكي من سيتا (Smart Path)، إحدى الحلول الذكية للخدمة الذاتية للبيانات البيومترية، يمكن التعرف على هوية المسافرين في كل خطوة باستخدام بصمة الوجه.

ويمكن توسيع نطاق هذه التجربة لتشمل وسائل نقل أخرى، مثل منح تصريح صعود المسافرين على متن الرحلات البحرية باستخدام بصمتهم البيومترية بعد أن يسجلوا جوازات سفرهم وبياناتهم البيومترية في تطبيق الرحلة البحرية.

ومن خلال محفظة متكاملة من حلول إدارة الحدود، تهدف سيتا إلى توسيع نطاق خبرتها في مجال النقل الجوي لتشمل الحدود البرية والبحرية، لتوفير تجربة سلسة وآمنة عبر مختلف وسائط النقل.

تطوير سلسلة القيمة

توفر تقنية البلوكشين وسيلة آمنة وشفافة لتخزين ومشاركة المعلومات حول البضائع وحركتها، مما يوفر طريقة آمنة لتتبع التخليص الجمركي ومعالجة الرمز الخاص بالنظام الموحد HS. ويعتمد قطاع النقل الجوي، الذي يُنفق 50 دولار سنوياً على قطع غيار، حالياً على أنظمة التتبع اليدوية والورقية لقطع الغيار التي تحمل أرقام تسلسلية. لذا عملت سيتا على تطوير تقنية لأغراض صيانة وإصلاح وعمرة الطائرات بالاعتماد على البلوكشين. ووفقاً لتقديرات شركة “برايس ووتر هاوس كوبرز”، إن استخدام تقنيات البلوكشين من شأنه أن يحد من التكاليف العالمية في مجال صيانة وإصلاح وعمرة الطائرات بنسبة 5% أو 3.5 مليار دولار أمريكي.

ودخلت سيتا في شراكة مع شركة Inventory Locator Service لتوفير خدمة تضمن جودة قطع الغيار من خلال استخدام جواز سفر رقمي لقطع الغيار قائم على البلوكشين لسوق ما بعد البيع في قطاعات الطيران التجاري والعسكري. ويوفر هذا الجواز السفر الرقمي العديد من المزايا، والتي تشمل حماية قمية الأصول للبائع والمشتري، وتسريع عمليات الشراء والبيع، وتوفير عمليات شراء تتسم بالموثوقية والشفافية.

أساسيات النقل الجوي في المناطق الحضرية

يعد النقل الجوي في المناطق الحضرية من الحلول التي تهدف إلى تسريع عمليات نقل الركاب للمطارات وشركات الطيران. ويعمل هذا النوع من الرحلات ضمن المجال الجوي الخاص به، والذي يعتبر حلاً مُكملاً للرحلات الجوية الطويلة، كما يوفر تجربة سفر سلسة تنسجم مع جداول رحلات المطارات. ويتطلب التطبيق الناجح لخدمات النقل الجوي في المناطق الحضرية إنشاء منظومة متكاملة للطيران على الأرض وفي الجو، إذ يعتبر وجود تعاون بين أصحاب المصلحة في إدارة الحركة الجوية والبنية التحتية والعمليات حاجة ضرورية لتطوير مثل هذه المنظومة. ويمكن للرحلات الجوية في المناطق الحضرية الاستفادة من البيانات الآنية لرحلات المطار لتحسين جدول الرحلات وتقليل أوقات الانتظار. وبالإضافة إلى ذلك، يمكنها الاستفادة أيضاً من نماذج السفر الرقمية التي توفر هويات رقمية آمنة وقابلة للتحقق، مما يحسن من آلية معالجة بيانات المسافرين ومن كفاءة العمليات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى