من المحروسة إلى العالم الإسلامي.. تاريخ فانوس رمضان
نشوى إبراهيم
أحد أهم مظاهر الاحتفال بقدوم شهر رمضان الكريم بعد ثبوت رؤية الهلال، وأحد المظاهر الشعبية الأصلية فى مصر، وواحد من الفنون الفلكلورية التى نالت اهتمام الفنانين والدارسين حتى إن البعض قام بدراسة أكاديمية لظهوره وتطوره وارتباطه بشهر الصوم ثم تحويله إلى قطعة جميلة من الديكور العربى فى الكثير من البيوت المصرية الحديثة.. إنه فانوس رمضان.
المصريون هم من عرف فانوس رمضان، وذلك يوم دخول المعز لدين الله الفاطمى مدينة القاهرة قادما من الغرب، وكان ذلك فى يوم الخامس من رمضان عام 358 هجرية، وخرج المصريون فى موكب كبير جدا اشترك فيه الرجال والنساء والأطفال على أطراف الصحراء الغربية من ناحية الجيزة للترحيب بالمعز الذى وصل ليلا، وكانوا يحملون المشاعل والفوانيس الملونة والمزينة وذلك لإضاءة الطريق إليه، وهكذا بقيت الفوانيس تضيء الشوارع حتى آخر شهر رمضان لتصبح عادة يلتزم بها كل سنة ويتحول الفانوس رمزا للفرحة وتقليدا محببا فى شهر رمضان الكريم.
وكان الفانوس قد تم استخدامه فى صدر الإسلام فى الإضاءة ليلاً للذهاب إلى المساجد وزيارة الأصدقاء، أما كلمة الفانوس فهى إغريقية تشير إلى إحدى وسائل الإضاءة.
ويروى التاريخ أن الخليفة الفاطمى كان يخرج إلى الشوارع ليلة الرؤية ليستطلع هلال شهر رمضان، وكان الأطفال يخرجون معه ليضيئوا له الطريق، حيث كان كل طفل يحمل فانوسه ويقوم الأطفال معاً بغناء بعض الأغانى الجميلة تعبيراً عن سعادتهم باستقبال شهر رمضان، ولكن هناك قصة أخرى عن أحد الخلفاء الفاطميين أنه أراد أن يضىء شوارع القاهرة طوال ليالى شهر رمضان فأمر كل شيوخ المساجد بتعليق فوانيس يتم إضاءتها عن طريق الشموع.
وخلال العصر الفاطمى لم يكن يُسمح للنساء بترك بيوتهن إلا فى شهر رمضان وكان يسبقهن غلام يحمل فانوسا لتنبيه الرجال بوجود سيدة فى الطريق لكى يبتعدوا، وبهذا الشكل كانت النساء تستمتعن بالخروج وفى نفس الوقت لا يراهن الرجال، وبعد أن أصبح للسيدات حرية الخروج فى أى وقت ظل الناس متمسكين بتقليد الفانوس حيث يحمل الأطفال الفوانيس ويمشون فى الشوارع ويغنون.
ويظل الفانوس رمزا خاصا بشهر رمضان خاصةً فى مصر، حيث انتقل هذا التقليد من جيل إلى جيل ويقوم الأطفال الآن بحمل الفوانيس فى شهر رمضان والخروج إلى الشوارع وهم يغنون ويؤرجحون الفوانيس، فقبل رمضان ببضعة أيام يبدأ كل طفل فى التطلع لشراء فانوسه، كما أن كثيرا من الناس أصبحوا يعلقون فوانيس كبيرة ملونة فى الشوارع وأمام البيوت والشقق وأمام المتاجر وفى مداخل المولات والفنادق.
وتستمر صناعة الفوانيس طوال العام حيث يتفنن صناعها فى ابتكار أشكال ونماذج مختلفة، ويتم تخزينها ليتم عرضها فى رمضان، وتعد مدينة القاهرة المصرية من أهم المدن الإسلامية التى تزدهر فيها هذه الصناعة، وهناك مناطق معينة مثل منطقة تحت الربع القريبة من حى الأزهر، كما تعد منطقتى الغورية وبركة الفيل بالسيدة زينب من أهم المناطق التى تخصصت فى صناعة الفوانيس.