[ الصفحة الأولى ]تقارير وحوارات

الملكة “تي” تشتقبل زوار مصر فى متحف الحضارة

بشرة سمراء، عيون مليئة بالصرامة والثقة، حاجب دائري مرفوع، فم مقلوب يدل على الهموم، وخطوط في الجبهة وبجوار الشفاه، وجه خالي من علامات السعادة، تكوين معقد تشير ملامحه إلى شخصية مركبة، وما يلفت الإنتباه أنه مكرر في جميع صور أو تماثيل الملكة تي زوجة أمنحتب الثالث.

الملكة تي، زوجة الملك أمنحتب الثالث وأم إخناتون وهو أمنحتب الرابع، وجده الملك توت عنخ آمون، وربما لا يعلم البعض أن تي كانت من النبلاء وليست من طبقة الملوك، ومن المتعارف عليه أن يتزوج الملوك من بعضهما، إلا أن أمنحتب الثالث قرر الزواج منها وجعلها ملكة لحبه الشديد لها.

والملكة (تي) هي واحدة من أشهر ملكات مصر القديمة، عصر الدولة الحديثة من الأسرة الثامنة عشرة، كانت تي ملكة جميلة قوية الشخصية شاركت في إدارة دفة الأمور في مصر في ذلك الزمن البعيد، فهي زوجة الملك أمنحتب الثالث الذي حكم مصر في الفترة من 1417 إلى 1379 قبل الميلاد، ويعتبر عصره من أزهى وأرغد عصور الحضارة المصرية، حيث ورث عن أجداده دولة مستقرة ذات إمبراطورية تحكم جميع العالم القديم تقريباً في ذلك الوقت، وهي والدة الملك الفيلسوف إخناتون (أمنحتب الرابع) الذي دعا إلى الوحدانية، وحفيدها الملك توت عنخ آمون ذو الكنوز الشهيرة.

أصل الملكة
ولم تكن الملكة تي في أصلها من الأسرة المالكة ولكنها كانت من أسرة من عامة الشعب المصري ولكنها أسرة من الأعيان والوجهاء من صعيد مصر من أخميم بسوهاج، فقد كان أبوها يدعى (يويا) وكان كبيرا لكهنة الإله مين بأخميم، أما أمها(تويا) فكانت كاهنة في معبد الإله ‘مين’ برتبة كبيرة حريم الإله مين مما أتاح لابنتهما تي أن تحصل علي قدر من الثقافة، وكانت تي فتاة جميلة ذكية تتمتع بشخصية قوية مثقفة فأحبها الملك أمنحتب الثالث حبا جما و تزوجها مخالفا الأعراف السائدة في ذلك الوقت، والتي كانت تقتضي ألا يتزوج الملك إلا من الأسرة المالكة.

وكان زواجه بها في العام الثاني من حكمه وكان يومها في السادسة عشرة من عمره وكانت هي في نفس العمر تقريباً، وقد سجل الملك زواجه منها نقشاً على عدة جعارين تذكارية احتفاءً بهذا الزواج، وحظيت الملكة تي بمكانة رفيعة جداً في قلب الملك وكان يفضلها على جميع زوجاته وحريمه وأعطاها لقب الزوجة الأولى وجعلها أم ولي عهده، وأعلن ذلك نقشا على جعارين تذكارية أيضاً رغم زيجاته الكثيرة ومحظياته العديدة، وكان يأمر أن تُنحت لها التماثيل بجواره في نفس حجم تمثاله مخالفاً قواعد النحت التي كانت في الغالب تقتضي أن تُظهر الملك بحجم أكبر من حجم الذين يظهرون معه من زوجات وأمراء وخلافه، وكانت تصور دائماً بجانبه على عكس الملكات الأخريات اللاتي كن يظهرن بحجم صغير أو متوسط، وقد خلد زوجها اسمها على العديد من الجعارين التذكارية، كما خلد اسمها في أسماء بلدان أخرى مثل طهطا بسوهاج.

(قصر عظيم)
ولقد بنى لها زوجها الملك أمنحتب الثالث قصرا عظيما في الملقطة على الضفة الغربية لطيبة (الأقصر حاليا)، كما أنشأ بحيرة كبيرة للري في مسقط رأسها تكريما لها وسماها باسمها بناء على طلبها وأبحرا فيها على متن مركب جميل للنزهة.

وكانت الملكة تي سيدة جميلة وذكية وحكيمة وقوية الشخصية، تحكمت في أمور البلاد ولعبت دورا هاماً في الحياة السياسية في داخل البلاد وخارجها، فقد ساندت الملكة تي زوجها أمنحتب كما ساندت ابنها الملك إخناتون في حكم البلاد، ولعبت دورا هاماً في إعداد حفيدها توت عنخ آمون ليصبح ملكاً.

وقد أدارت البلاد من وراء ستار وكان زوجها الملك أمنحتب الثالث يشركها في شئون الحكم، ووكل إليها دوراً رئيسياً في الاحتفال بأعياده الملكية حيث كانت تجسد أيدلوجية الإلهة ماعت إلهة الحق والعدل التي تمثل في عقيدتهم نظام الكون، كما مُثلت على هيئة أبو الهول يفتك بأعداء الوطن، بل قامت تي بمشاركة زوجها الملك فعليا في الحكم وإن لم تكن في الواقع صاحبة السلطة الشرعية.

(سياسة الدولة الخارجية)
وكشفت مجموعة رسائل العمارنة التي وجدت بمدينة العمارنة(أخت آتون) بالمنيا أن الملكة تي كانت تمسك فعلاً بمقاليد الأمور وسياسة الدولة الخارجية عندما أنهك المرض زوجها في أواخر فترة حكمه، فقد وردت رسائل من ملوك الدول الخارجية التابعين لمصر تذكر اسمها وتبجله، وقد مات عنها زوجها الملك أمنحتب الثالث وهي في سن الثامنة والأربعين من عمرها.

(إخناتون)
وقد انتقلت مع ابنها إخناتون إلى العمارنة عاصمة ملكه الجديدة حينما ترك العاصمة القديمة طيبة(الأقصر) ليدعو إلى دينه الجديد دين الوحدانية، وقد وافتها منيتها في العام الثامن من حكم ابنها إخناتون، ويرى البعض أنها ماتت في عهد حفيدها توت عنخ أمون أو الملك آي الذي جاء بعده، ودفنت في المقبرة KV55 بوادي الملوك بطيبة (الأقصر)، وقد أقيمت المعابد للملك أمنحتب الثالث مع زوجته الملكة تي في صعيد مصر منها معبد في صولب ببلاد النوبة، ولها عدة تماثيل، فبالإضافة إلى ذلك التمثال الرائع المكسور الذي ذكرناه هناك تمثال لها يعتبرمن أكثر تماثيلها شهرة وهو التمثال المحفوظ في متحف برلين بألمانيا والمنحوت من خشب الأبنوس، وهو يشبهها بدقة في فترة أواسط عمرها، وتمثال جميل آخر بالمتحف المصري، كما تم العثور على كثير من أثاثها الجنائزي ولكن دار جدل حول التحقق من مومياءها.

وفي السياق نفسه، قال حواس إن «المعلومات حول السيدة الكبيرة التي عثر عليها في مقبرة أمنحتب الثاني أكدت أنها الملكة تي زوجة أمنحتب الثالث وأم إخناتون وجدة توت عنخ آمون من جهة الأب، والملكة تي ضمن موكب نقل المومياوات المتحف المصرى بالتحرير إلى المتحف القومى للحضارة يوم 3 إبريل المقبل، ويصل عددها إلى 22 مومياء ملكية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى