إحالة للأرشيف

الوزيرة و”أولتراس فرنساوى”

محمد عبداللطيف يكتب:

الواقع المؤلم الذى نعيش تفاصيله العشوائية ليل نهار، يفرض علينا الفرار من معبد الصمت والتمرد على مقدسات المنطق العقيم، فالصمت لم يعد “ذهباً” وما دونه “فضة”، كما كنا نعتقد، لكنه ـ إن شئنا الدقة ـ خطيئة كبري، ترقى لمستوى الخيانة، كما أن الصراخ فى وجه العبث فضيلة، وتجريس العابثين فريضة، لأن الخروج من دوامات قهر الصمت، أضعف الإيمان!
لم أكن أتوقع أنا أو غيرى ـ مجرد توقع ـ أن يتجرأ مسئول ـ أى مسئول ـ فى دوائر السلطة، على تجاوز الجوانب السياسية فى تصرفاته سواء الرسمية أو الشخصية، خاصة إذا كانت تلك التصرفات تمس العلاقات الدولية يصورة مباشرة أو غير مباشرة ، باعتبارها ترجمة لسياسة الدولة ومصالحها، لكن ما كان خارج دائرة التوقع ـ على الأقل بالنسبة لى ـ قد حدث فعلاً……ذهبت وزيرة السياحة الدكتورة رانيا المشاط إلى المركز الثقافى الفرنسى، ليس فى زيارة رسمية، إنما لمشاركة الرعايا الفرنسيين وتشجيع منتخب فرنسا ضد كرواتيا فى مونديال 2018، بالطبع لم تغب الجماهير المهووسة بالتشجيع “أولتراس” عن المشهد، على أثر ذلك تداولت مواقع التواصل الاجتماعى صورة للوزيرة، تعبر عن حماسها الشديد للمنتخب الفرنسى ….هنا لا بد من التوقف قليلاً،لطرح علامات استفهام داهمتنى بدون انذار، هل هذا التصرف فردى أو رسمى؟ وفى الحالتين.. لماذا تجاوزت الوزيرة حدود مسئولياتها ومكانتها الأدبية بالانحياذ لدولة ضد أخرى فى العلن؟ …أم أن هناك تصورات فى ذهن الوزيرة لخدمة السياحة المصرية لا نعلمها؟ وإذا كانت هذه التصورات موجودة فعلاً، فما هى حدودها؟، أم أن ما حدث هو انحياذ شخصى لبلد تحبه لأسباب خاصة، قد تكون للدراسة أو الصداقات الشخصية أو غير ذلك من الأمور؟..
ان حماس وزيرة السياحة لمنتخب فرنسا وبهذه الصورة الصادمة ، فتح الباب واسعا أمام انتقادات حادة تنال من قدرتها على التفرقة بين ما هو شخصى وما هو عام، وهذه كارثة لا يمكن الصمت عليها، خاصة مع وجود شواهد ودلالات على تلك الانتقادات، كما أن التصرفات العشوائية لبعض المسئولين تبعث على القلق ، جراء غياب الحنكة السياسية والجرأة فى التصرفات غير المحسوبة ، بدون ادراك لحساسية الموقع وأهمية المسئولية.
على الوزيرة أن تعلم أنها فى موقع وظيفى ، تمثل من خلاله الدولة المصرية ، وعليها أن تعلم أن تصرفاتها الخاصة فى مرمى سهام المسائلة ، وما حدث خطأ يستوجب الانتقاد ، والصمت على هذا خطيئة أكبر …يا سادة ..غياب الحس السياسي عن ذهن المسئول جريمة تحتاج لفتح ملف المستشارين .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى