إحالة للأرشيف
رحلة في حياة رئيسة كرواتيا التي ساندت فريق بلادها في مونديال 2018
بقلم : السيد الدمرداش
أنفقنا علي تسويق مصر أثناء المونديال ما يقارب 7 مليون دولار حسب ما تم الإعلان عنه، عدنا من روسيا بخسارة كبيرة ماديًا ومعنويًا .
سافرت رانيا المشاط وزيرة السياحة، وأيضًا نجوم الفن وبعض نواب الشعب ولجان عديدة من اتحاد الكرة المصري، للتسوق علي جثة المنتخب المصري، سافر الجميع دون رؤية واضحة أو مخطط عام، لم يكن فشل التسويق السياحي لمصر هو الوحيد بل كانت هناك أمور كثيرة تناولتها وسائل الإعلام والسوشيال ميديا، ومنصات التواصل الاجتماعين الفضيحة العربية جعلتنا نوقن أننا أمام تراث من الفساد يصعب تجاوزه .
وسافرت تلك المرأة الكرواتية التي تترأس الدولة، نعم إنها رئيسة كرواتيا “غرابار كيتاروفيتش “، التي أبهرت العالم واستطاعت تسويق بلادها سياحيًا ورياضيًا وثقافيًا وحضاريًا واجتماعيًا وسياسيًا، رغم أنف الروس أنفسهم ورغم أنف رئيس وزراء روسيا العظمى، ودون أن توقع للفيفا على شيكات، أو تبرم صفقات وبلا أية دعاية ولا مراسم استقبال لها بل ذهبت كمواطنة كرواتية.
تلك المرأة لم تحمل خزانة بلادها سوي تذكرة سفر لتخطف أنظار العالم وتنال حب وتقدير واحترام الشعوب العربية قبل الأخرى. سيدة خرجت من رحم الريف الكرواتي الذي عانى من الهجرة في أسوأ ظروف مرت بها كرواتيا تاريخيًا .
ولدت في 29 أبريل 1968 في إحدى قرى الريف”ربيكا ” بكرواتيا التي كانت جزءًا من يوغوسلافيا، دخلت في برنامج لتبادل الطلاب وعند بلوغها سن السابعة عشر، انتقلت إلى لوس ألاموس، نيومكسكو، وتخرجت بعد ذلك في مدرستها عام 1986، عند عودتها إلى يوغوسلافيا التحقت بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة زغرب وتخرجت فيها عام 1993، وحصلت على بكالوريوس الآداب في اللغة والأدب الإنجليزي والإسباني.
من عام 1995 إلى عام 1996 التحقت بدورة الدبلوم في الأكاديمية الدبلوماسية في فيينا وفي عام 2000 حصلت على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من كلية العلوم السياسية في جامعة زغرب.
تزوجت “غرابار كيتاروفيتش ” بيعقوب جاكوب كيتاروفيتش عام 1996 ولديهم طفلان: كاتارينا التي ولدت في 23أبريل 2001، وتمتهن في الوقت الحالي رياضة التزحلق علي الجليد، ثم لوكا الذي ولد عام 2003.
تنتمي غرابار كيتاروفيتش للكنيسة الرومانية الكاثوليكية. ورغم ذلك تعيش كمواطنة وسط الشعب الكرواتي وتذهب للتنزه وقضاء الإجازة وترتدي ملابس البحر وتشجع التواصل بين الثقافات.
تتحدث “كيتاروفيتش” الكرواتية، الإنجليزية، الإسبانية والبرتغالية بطلاقة ولديها فهم كبير للغة الألمانية والفرنسية الإيطالية. وتساهم بتحركاتها وسياساتها في نشر الوعي لدى المواطن .
في 24 أغسطس 2015 أصبحت “غرابار كيتاروفيتش”، القائدة العُليا للقوات للمسلحة وأجرت عدة تغييرات وتعديلات على مستوى المجال العسكري؛ ورفضت انضمام إحدى الحركات الفاشية للقوات المسلحة حيث رفضت الالتماس على الفور ووصفته بأنه “تافه واستفزازي وغير مقبول”.
خلال تسعة أشهر من تسلمها الرئاسة كانت أولى العقبات أمامها أزمة المهاجرين إلى أوروبا، واستطاعت بالتعاون مع برلمان بلادها تجاوز تلك الأزمة وحل مشكلات داخلية مستعصية، وكانت عقبة في طريق أي رئيس كرواتي ، ساهمت ثقافتها في تجاوز واحتواء وجهات النظر بين الساسيين في كرواتيا واستطاعت تشكيل حكومة.
إنها “ابنة الجزار” التي تولت وزارة الخارجية ووزارة الدفاع، ورئاسة بلادها وناضلت مع فريق بلادها في المونديال رغم مشاكلها الداخلية والخارجية. لن أقول سوى إننا في بلادنا لا ينقصنا سوى الضمير الإنساني حتى ننجح ونبني أوطاننا إن كنا جادين فعلا.