إحالة للأرشيف

تعقيبًا على خطاب الرئيس السيسى بناء الإنسان وتأصيل الهوية وسيلة الإصلاح الأولى   

كتب: د. عبد الرحيم ريحان

أشار الرئيس عبد الفتاح السيسى فى خطاب التولية للرئاسة الثانية إلى الاهتمام بالثقافة والهوية هى خطوة كنا ننتظرها منذ عقود طويلة

وهى البداية لتقدم ونمو وسمو أى شعب فما بالك لوكان شعبًا يمتلك أعظم حضارة باقية عرفتها البشرية

ونؤكد أن بناء الإنسان طريق الإصلاح الأول حيث قام رجل بتمزيق خارطة العالم وصعب عليه

بعد ذلك إعادتها لوضعها فأعطاها لإبنه والذى قام بتعديلها فى لحظات فقال له الأب كيف فعلت ذلك

” قال وجدت خلف الخارطة صورة إنسان فأصلحت الإنسان فانصلحت خارطة العالم

ولن يتحقق هذا إلا بمشروعًا ثقافيًا تتبناه الدولة فى ضوء هذه المعطيات الجديدة يعتمد على خطوات عملية ملموسة لبناء الإنسان

أولها إطلاق ثورة كبرى لإصلاح التعليم والثانية تأصيل الهوية بكل أشكالها تعتمد على الاهتمام باللغة العربية فى وقت طغت اللغات الأجنبية عليها تمامًا بل وأصبح هناك تقليدًا فى الإعلام

وفى مجالات عديدة تطعيم اللغة العربية بمفردات أجنبية مما أنشأ لغة أخرى لا عربية ولا أجنبية تكاد تقضى على اللغة الأم

والاهتمام بمادة اللغة العربية فى كل المدارس الحكومية والخاصة والأجنبية

ومراقبة ذلك واستخدام اللغة العربية فى الأعمال الدرامية وبرامج الفضائيات وإعادة الصالونات الأدبية والندوات الشعرية وتخصيص جوائز كبرى لها

ويجب أن يشمل تأصيل الهوية إحياء وتدريس اللغة القبطية وريثة اللغة المصرية القديمة

وإلقاء الضوء على أهميتها إعلاميًا فهى ليست لغة دينية فقط بل هى لغة حضارة وأدب وتمثل جزءً من الهوية المصرية

وكذلك إحياء اللغة النوبية وقد كان لها دورًا كبيرًا فى حرب أكتوبر حيث استخدمت شفرة هامة ويطالب تدريسها وطباعة القواميس الخاصة بها فهى لسان حال الثقافة النوبية

وتعتبر الموروثات الشعبية المتفردة فى مصر هى جزءًا من الهوية ومنها الموروثات الدينية المتعلقة باحتفاليات الحج والعمرة ورحلة العائلة المقدسة

وكذلك الحكاوى الشعبية الشهيرة والأكلات والمشروبات التى تشتهر بها مصر والمرتبطة بشهر رمضان وعيد ميلاد السيد المسيح وشم النسيم والمولد النبوى وغيرها والموسيقى والغناء والرقصات المرتبطة بكل مناطق مصر

وهى متميزة ويعرفها العالم بأسره مثل التحطيب والبامبوطية والدبكة السيناوية وفنون وموسيقى منطقة قناة السويس مثل السمسمية وفنون سيناء ومطروح المرتبطة بعادات وتقاليد

حافظ عليها أهلها كجزء من الهوية مع الحرص على توثيق وتسجيل هذه الموروثات لتأكيد ملكيتها لمصر وحفظ حقوق ملكية فكرية لها تسثمر ثقافيًا وسياحيًا

وتتميز مصر بنباتات نادرة وأعشاب طبية تحتاج للتسجيل ومواقع تراثية عديد ارتبطت بأحداث تاريخية وسياسية واجتماعية هامة ومنازل وقصور ارتبطت بالزعماء ومواقع خالدة

ارتبطت بمعارك حربية ترصد بطولات المصريين فى مقاومة الاحتلال الفرنسى والإنجليزى وأماكن ارتبطت بعلماء وأدباء مثل منطقة الجمالية التى سجلها ووثقها أديب نوبل فى رواياته ويسأل عنها الأجانب لزيارته فهى جزء أساسى من تاريخ مصر وهويتها

وعلى البعد الإقليمى يجب تحديد هوية مصر وشخصيتها طبقًا لما ورد فى كتاب شخصية مصر للدكتور جمال حمدان وهى الشخصية الوسطية فهى قلب العالم العربى  وواسطة العالم الإسلامى وحجر الزاوية فى العالم الأفريقى

فهى أمة وسطا بكل معنى الكلمة فى الموقع والدور الحضارى والتاريخى والسياسة والحرب والنظرة والتفكير  وسطا بين خطوط الطول والعرض بين المناطق الطبيعية وأقاليم الإنتاج بين القارات والمحيطات حتى بين الأجناس والسلالات والحضارات والثقافات فهى حلقة الوصل بين المشرق والمغرب

وبناءًا على هذه المعطيات الداخلية والخارجية لتأصيل الهوية المصرية تتحدد ملامح علاقاتها الثقافية والاقتصادية مع كل دول العالم

وقد مثل البعد الأفريقى لمصر مصدر الحياة والماء والسكان والبعد الآسيوى مصدر الدين والحضارة والثقافة

وقد كانت مصر قطبًا أساسيًا فى حلقات التاريخ بل مثلت طرفًا فى قصة التوحيد بفصولها الثلاثة فمواطن الأديان التوحيدية كانت فى سيناء وفلسطين و الحجاز

وقد رسمت مثلثاً  قاعدته فى سيناء منطلق نبى الله موسى عليه السلام وكانت مصر ملجأً لنبى الله عيسى عليه السلام وملاذاً لخير البشرية محمد عليه الصلاة والسلام

ويعتبر البحر المتوسط  حلقة وصل فى شخصية مصر جسدتها علاقاتها  القديمة الحضارية والتجارية بكريت المينوية ثم باليونان وروما

وفى العصر الإسلامى أصبح للبحر المتوسط دورًا حيويًا فى كيان النشاط التجارى بمصر وارتبطت مدن كالإسكندرية ودمياط  مع البندقية وجنوة  وبيزا بعلاقات تجارية وامتد بينهم جسرًا بحريًا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى