هل تعلم !! الكعك اختراع فرعوني على شكل تميمة الإلهة “ست” تفتح أبواب الجنة
إعداد : منى حمدان
تتزين المخابز والأفران طوال العشر الأواخر من شهر رمضان استقبالًا لـ عيد الفطر المبارك المنتظر حلوله، بـ أشكال وأنواع مميزة ومختلفة من المخبوزات أشهرها الكعك،
كما تتصاعد الروائح الشهية، معلنة عن فرحة وبهجة تلك المناسبة الدينية الجميلة الذي يكافيئنا به الله بعد صيام ثلاثين يومٍ من شهر الذكر والغفران.
الكعك عبر العصور
“كعك العيد”، ظاهرة أو عادة توارثت منذ عصر الفراعنة، مرورًا بـ عصر الإخشيديين والمماليك حتى الفاطميين والأيوبيين،
إلى أن وصل إلى عصرنا هذا، فـ منذ العصر الفرعوني وجدران المعابد شاهدة على تواجده كـ عادة مصرية أصيلة، فـ نجد النقوش على المعابد القديمة،
حيث كان يقدمه الفراعنة كـ قرابيين وهدايا للآلهة، وظل الكعك يرمز إلى الدلالات الدينية والأساطير لأنهم كانوا يربطون الكعك بـ الفلك، لأن منهم من كان يرمز له على أنه القمر أو الشمس نظرًا لاستدارته.
كما انتشر الكعك في العصر الأخشيدي وذلك سنة 924م، مرورًا بـ العصر الفاطمي،
حيث أنهم قاموا بـ تأسيس مؤسسة أطلق عليها “دار الفطرة” لإنتاج الكعك وتوزيعه على الفقراء والمحتاجين جتى لا يحرموا منه في مناسبة كـ عيد الفطر.
وامتدت هذه المؤسسة “دار الفطرة” إلى العصر الأيوبي، حيث اعتبروا توزيع الكعك حينها كـ صدقة،
وذلك حتى في العصور الوسطى، حتى أصبح توزيع الكعك نص في حج الوقف، أي أصبح يوزع على الحجاج في الكعبة والبيت الحرام.
أما المماليك، فقد بالغوا الاهتمام بـ الكعك، حيث اعتبره من أوجة البر والصدقات على الفقراء،
وذكر ذلك في الوقفيات الخاصة بـ عصر المماليك بـ كتب التاريخ، وكذلك رسائلهم، كما نجد أن في هذا العصر كانوا يأمرون بـ حشو الكعك بـ “دنانير الذهب”،
وتوزع على سادة القوم، كما أطلقوا عليه “أفطن له” بـ معنى “أنظر ما بـ الكعك من دنانير”، وذلك كـ وسيلة للترفية والتسلية.
واهتم سلاطين العثمانيين بتوزيع الكعك في العيد علي المتصوفين والتكيات والخانقات المخصصة للطلاب والفقراء ورجال الدين وظل التراث العربي معبراً عن حاله حتي يومنا هذا خاصة بمصر وبلاد الشام بحكم الارتباط الجغرافي والتاريخي.
وكان الفاطميين يعتمدون علي الحسابات الفلكية في تحديد بدايات الشهور الهجريه لبراعتهم في علوم الفلك الا انه في عهد الحاكم بأمر الله خرج المصريون واجبروه علي اعادة استطلاع الهلال ورؤيته.. وقد كان هذا في شهر رمضان.
الاحتفال بعيد الفطر كان يبدأ بعد صلاة العشاء الأخيرة في شهر رمضان فكان الوزير يحضر الفطار الاخير في شهر رمضان مع الخليفة في آخر اسمطة رمضان ثم يبدأ القراء والمبتهلون التوافد لقصر الخليفه ويقومون بعمل ختمة قرآنيه وابتهالات وتواشيح وكانت ترسل سيدات القصر اواني الماء لتوضع امام القراء لتشملها بركة ختم القرآن وبعد انتهاء التلاوة والتكبير يقوم الخليفة بنثر الدراهم والدنانير عليهم وتوزع عليهم اطباق القطائف وملابس العيد ومبالغ نقدية ثم تجري بعض العروض العسكرية واستعراض الخيول والحلوي والآلات الموسيقية.
اهم المظاهر هي صلاة العيد حيث اعتاد المصريون تأدية الصلاة في الساحات خارج اسوار القاهرة الشمالية اي خارج باب النصر فيتحرك الخليفة بموكبه الي المصلي ويخرج من باب في القصر يسمي باب العيد ويدخل الي المصلي فيستريح فيه بعض الوقت ثم يخرج ومعه الوزير وقاضي القضاه خلفه ليصلي صلاة العيد وعقب الانتهاء منها يصعد المنبر لخطبة العيد ويجلس في اعلي المنبر ويعطي الوزير الخطبة مكتوبة الي الخليفة ليقرأها بنفسه علي الناس وبانتهاء الخطبة يعود الخليفة من الطريق الذي جاء منه وعندما يقترب من القصر يتقدمه الوزير ليمهد له الطريق ثم يدخل من باب العيد الذي خرج منه فيجلس في الديوان الكبير وبه سماط فيه انواع الكحك المختلفه ليأكل من يأكل ينقل من ينقل وذلك حتي صلاة الظهر.
بعد صلاة الظهر كانت تبدأ الاحتفالات الشعبية في الشوارع ومن اهم مظاهرها كانت طائفة تعرف بصبيان ¢الخف¢ يقدمون ألالعاب البهلوانية واستعراضا للخيول وفي أيديهم الرايات وكانت تستمر الاحتفالات في شوارع القاهرة طول ايام العيد الثلاثة
العصر الفرعوني
وعن “الكعك” كـ مسمى، فـ تكشف عنه الأساطير الفرعونية، خاصة أسطورة “إيزيس وأوزوريس”، حيث كانت تقف دومًا حاملة في يدها اليمنى “كعكة”، وفي يدها اليسرى “خبز”،
ويقال هنا أن كعك يأتي من فعل “عكعك” ويعني بـ الفرعونية “القيام بـ العجن”، ومن هنا أُطلق عليه كعك، وأصبح من العادات المورثة للاحتفال بـ العيد.
والبداية الحقيقية لظهور كعك العيد كانت منذ حوالي خمسة آلاف عام فقد اعتادت زوجات الملوك في مصر القديمة تقديم الكعك للكهنة القائمة علي حراسة هرم خوفو وكان الخبازون في البلاط الفرعوني يتقنون صنعه بأشكال مختلفة كاللولبي والمخروطي والمستطيل والمستدير حتي وصلت أشكاله إلي ما يقرب من 100 شكل نقشت بأشكال متعددة على مقبرة الوزير “خميرع” من الأسرة الثامنة عشر،
وكان يُسمى بالقُرص حيث كانوا يشكلون الكعك على شكل أقراص على شكل تميمة الإلهة ( ست ) كما وردت في أسطورة إيزيس وايزوريس ، وهي من التمائم السحرية التي تفتح للميت أبواب الجنة ،
وكانوا يتقنون بتشكيله بمختلف الأشكال الهندسية والزخرفية كما كان البعض يصنعه على شكل حيوانات أو أوراق الشجر والزهور ،
واكتشفت صور لصناعة كعك العيد تفصيليًا في مقابر طيبة ومنف ، من بينها صور على جدران مقبرة (خميرع) من الأسرة الثامنة عشر ،
التي تشرح أن عسل النحل كان يخلط بالسمن ، ويقلب على النار ثم يضاف على الدقيق ويقلب حتى يتحول إلى عجينة يسهل تشكيلها بالأشكال التي يريدونها ، ثم يرص على ألواح الإردواز ،
ويوضع في الأفران كما كانت بعض الأنواع تقلى في السمن أو الزيت، وأحيانا كانوا يقومون بحشو الكعك بالتمر المجفف (العجوة) ، أو التين ويزخرفونه بالفواكه المجففة كالنبق والزبيب، ووجدت أقراص الكعك محتفظة بهيئتها ومعها قطع من الجبن الأبيض وزجاجة عسل النحل..
وعندما زار هيرودوت مصر في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد تعجب؛ لأن المصريين يمزجون عجين الكعك والخبز بأرجلهم في حين يمزجون الطين بأيديهم .