كتّاب وآراء

زينب عبد الرحيم تكتب: الرقص فى مصر القديمة

لم تكن حياة المصريين كلها كداً وتعباً بل كثيراً ما لجأ المصرى الى اللهو والمرح لينشر الفرحه والبهجه والسرور وكان الرقص من اهم وسائله فى هذا السبيل ، وقد احتل الرقص مكانة كبيرة فى حياة المصريين ولعب دورا هاماً فى المجتمع لانهم اتخذوا منه سبيلاً للعبادة والتقرب من الخالق وجعلوه مظهراً من مظاهر التعبير عن الشكر والامتنان وشكر الخالق على نعمه .

كما لجأوا إليه عند وفاة عزيز لديهم ابتغاء إدخال السرور على قلب المتوفىّ وطرد الأرواح الشريرة التى قد تؤذيه، وأعتبر المصريون الرقص فناً راقياً مقدساً تزاوله الآلهة و تستمتع بمشاهدته ويمارسه الملك فى الأعياد والأحتفالات ، كما حرص المصريين القدماء على تصويره ضمن ما صوروه من مظاهر الحياة اليومية على جدران مقابرهم مما أتاح لنا تكوين فكرة لابأس بها عن انواع الرقص وحركاته ومظاهره المختلفة.

  • الرقص : يتكون الرقص المصرى القديم من سلسلة من المناظر يحاول الراقص خلالها عرض تشكيله واسعه من الحركات وقد رقص الرجال والنساء فى مجموعات وذلك فى رشاقه وانسجام ، وكانت الفتيات يرقصن وهن يعزفن على بعض الآلات الموسيقية مثل الطنبور – المزمار – القيثارة، أما الرجال فكانوا يرقصون دائما بهمه ونشاط واقدامهم على ثابته على الارض .
  • وكانت الموسيقى المصاحبة تتكون من الكنارة – الطنبور – الجيتار- المزمار – الدف واحيانا يكتفون بالمصفقات – الصاجات او تصفيق الأيدى.
  • تصنيفات الرقصات :

1- الرقص الحركى الخالص :

كانت الحركات فى بداية الأمر عبارة عن تفريغ طاقه وكانت غير منتظمة ثم بعد ذلك بدأت فى التطور وأصبحت ذات ايقاع منتظم و اهتم المصرى القديم بالأداء الحركى وتحويله من تلقائى الى حركات منتظمة وذلك بهدف طرد التعب وتوفير الطاقة .

2- الرقص الرياضى :

تتطلب هذه الرقصة مرونة جسمانية كبيرة وتدريب طويل وشاق مثل الرقصات الأكروباتية ومن اشهر الجداريات شكل الراقصه التى تميل بجذعها الى الخلف فى مرونة (وضع القنطره) ويوجد العديد من الألعاب الرياضية التى تتطلب رشاقه ومرونه مثل لعبة الدوران وتسمى الدوران المرح وهى يشترك فيها الفتيات والصبيه ويقوم احده بمسك يد الاخر ويدور وهو يميل نحو الارض فى خفه ورشاقه

  • وهذه الرقصات تشبه حاليا الجمباز و الرقصات الأكروباتية فى السرك .

3- الرقص الموسيقى :
وهو الرقص المصاحب بالفرق الموسيقية وذلك بمصاحبه الجنك والمزمار وهو نوع من رقص السمر الذى تتمايل فيه الفتايات فى رشاقة ودلال وهن يقمن بحركات بارعه بالاذرع والجذع والسيقان فى حين تصفق اخريات وذلك النوع مارس فى الحفلات لتسلية الضيوف، وهناك رقصات تؤدى فى المناسبات مثل تتويج الملك او الاحتفال بالاعياد حيث يقمن الفتيات الاجنبيات بالرقص ولديهم شعر طويل ويشبه رقصهن الرقصات الحديثه التى يقمن بها راقصات الخليج

4- الرقص الجنائزي :

وينقسم الى ثلاث انواع
1- الرقص الطقوسي
2- حركات معبرة عن الحزن
3- الرقص الدنيوي يمارس للترفيه عن روح الميت.

اولا الرقص الجنائزي الطقسي :
وكان الهدف منه إدخال السرور على روح المتوفى وطرد الأرواح الشريرة ومن أشهر الرقصات الجنائزية التى صور فيها راقصتين يتمايلن وفقا لحركات على ضربات الدفوف وذلك اثناء زيارة جثة المتوفى.

ثانيا : حركات معبرة عن الحزن :
صورت العديد من الجداريات مناظر وتعابير وإيماءات تعبر عن الحزن على المتوفى وذلك فى منظر لبعض النساء والفتيات يقمن بحركات العديد.

ثالثا : الرقص الدنيوى
ويمارس هذا النوع للترفيه عن روح الميت وايضا اصبحت رقصات الاقزام رقصه جنائزيه وصوره على العديد من جدران المقابر مثل مقبرة أمنحتب ايب رع.

وعن رقص الاقزام وجد فى نصوص الاهرام : كان يقال للبحار لكى يسمح لروح الملك المتوفى بالعبور بقاربه الى العالم السفلى ان القزم سيرقص للاله رع ليبعث البهجة فى قلبه وامام عرشه العظيم
وتمثال بس كان يطرد برقصه الارواح الشريره .

5- الرقص الديني :
كان الرقص فى مصر القديمه جزء لا يتجزء من الخدمة الدينية وكانت الألهة تفرح وتسر بالرقصات وقد قال الحكيم آفى فى تعاليمه ” الغناء والرقص والبخور هى وجبات الأله”:

  • فى معبد حتحور نقرأ : إنا نقرع الطبول من اجل روحها ونرقص لجلالها
  • فهى سيدة الصلاصل وربه القلائد الرنانه
  • هى سيدة الطرب وربه الرقص
  • هى سيدة الجمال وربه التعطر
    6- الرقص الجماعى :
    توجد رقصات جماعية حيث تقوم كل راقصه بعمل حركات مخالفة عن الآخرى ولا تكترث للآخريات ولا يربط بين رقصهن سوى توقيت النغم

7- الرقص التمثيلى :
تصوره بعض الجداريات حيث تقوم فتاه بعمل دور الخصم المهزوم حيث تكون راكعه والفتاة الاخرى واقفه وتمسك بيدها اليسرى على شعر العدو والذى يميز الرقصه عن صورة الملك الحقيقي الذى يسجل انتصاره على الاعداء ان هذه الفتاه لا تمسك فى يدها اليمنى اى عصا او صولجان .

8- رقص المحاكاة :
حيث قلد الراقصون حركات الحيوانات ولا توجد مناظر كثيره تعبر عن هذه المحاكاه ولكن ورد نص فى معبد امون بالكرنك عن الملك أحمس تب رع.

” انعكس بهاؤه على محيا الرجال كبها النوم فى السموات الشرقية عندما ترقص النعامه فى الصحراء، ويوجد محاكاة الظواهر الطبيعية : مثل منظر على جدران بنى حسن حيث رمزت الفتاة واقفة باسطة ذراعيها الى حركه الريح بينما ترمز الفتاتان المائلتان أمامها فى إنثنائاتهن إلى النباتات التمائلة بفعل الريح”.

9- الرقص الحربي :
كان الرقص الحربي وسيله مألوفه من وسائل التسلية للقوات العسكرية فى وقت الراحة ويمثل رقص الجنود حركات غير منتظمه تصحبها صيحات التحدى ويحاول قارع الطبلة الكبيرة توجيه حركات الراقصين.

10- الرقص الزوجي :
لم يكن بالمعنى المتعارف عليه الأن ولم يتم العثور على صور أو مناظر توضح رجلاً وامرأه يرقصان فالأزدواج إما رجلين او إمرأتين وتوجد العديد من المناظر التى تصور فتاتان يرقصن أزواجا وتواجهه كل منهن الآخرى ممسكان بالأيدى وتقف كل منهن على ساق وترفع الساق الآخرى مع إنثناء فى الركبة.

عناصر الرقص :
حركات الساقين : الخطوه – القفز – الركوع
حركات الذراع : الأذرع تكون حرة تماما – الإمساك بأغصان الشجر – مسك الأيدى بعضها البعض
حركات الجذع : ميل للأمام – انعطاف للخلف – إنعطاف جانبي – إلتفاف بالأرداف وبالوسط والكتف
ويلعب الجذع دوراً هاماً فى بعض الرقصات وخاصة وضع القنطرة

ألإكسسوارات المصاحبه للرقص :
الألات الموسيقيه النفخ – الإيقاع – الوتريه – المصفقات

الأياء : أرتدت النساء ملابس بيضاء واسعه مفتوحه من الأمام
وفى بعض الأحيان تصور الجداريات الراقصه وقد تحررت من الملابس وأرتدت قطعه من القماش حول الخصر، وأحياناً اخرى أشرطه حول الصدر و الخصر وأساور فى اليدين والقدمين.

الحلى : كانت المرأة المصرية مغرمة بالحلي والمجوهرات إلى حد بالغ حيث أهتمت بالأقراط والقلائد العريضة التى كانت تغطى الصدر والاكتاف

(قمع العطر) : عباره عن مخروط مصنوع من ماده دهنيه مشبعه بالعطور والذى يثبت أعلى الرأس وعندما يذوب ينساب على الشعر والجسم والملابس فيزكى رائحه الفتاه او السيده .

ومما سبق يتضح مدى أهميه الرقص فى مصر القديمة وأيضاً تأثيره الحالى فى ثقافة المجتمعات سواء الشرقية او الغربية، فعند النظر الى الأداء الحركى للرقص عند المصرى القديم نجده متشابه كثيراً مع خطوات رقص الباليه الكلاسيكى (الحالى).

وأيضاً أستمد الرقص الشرقى الكثير من الرقص الفرعونى أذا جاز التعبير خاصةً الرقص الموسيقى المصحوب بالآلات مثل الصاجات ، والرقص الأكروباتي يتشابه كثيرا مع الجمباز والحركات البهلوانية فى السيرك.

و الرقص التمثيلى يشبه كثيراً الرقص المعاصر حيث يقوم الراقص بتمثيل حاله معينه من خلال الرقص، وهكذا توارث الرقص المصرى القديم ولم يختفى بل اشتقت منه الكثير والكثير من الرقصات الموجوده فى عصرنا الحديث .

  • ونجد ايضا العديد من العروض فى الباليه المستلهمة من الرقص المصرى القديم خاصةً أسطوره إيزيس و أوزوريس
  • والكثير من دار الاوبرا حول العالم يستلهم الكثير من الأداء الحركى الخاص بالرقص الفرعونى ويعيد إنتاجه مره أخرى على المسرح .
زر الذهاب إلى الأعلى